محتجون سودانيون يكسرون الطوق الأمني ويقتربون من القصر الجمهوري

المبعوث الأممي لحقوق الإنسان يصل إلى الخرطوم

متظاهرون أقاموا حاجزاً مؤقتاً باستخدام الكتل الخرسانية على طول أحد الشوارع خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون أقاموا حاجزاً مؤقتاً باستخدام الكتل الخرسانية على طول أحد الشوارع خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

محتجون سودانيون يكسرون الطوق الأمني ويقتربون من القصر الجمهوري

متظاهرون أقاموا حاجزاً مؤقتاً باستخدام الكتل الخرسانية على طول أحد الشوارع خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون أقاموا حاجزاً مؤقتاً باستخدام الكتل الخرسانية على طول أحد الشوارع خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

يصل السودان مبعوث أممي رفيع مختص بمراقبة حقوق الإنسان، لإجراء مباحثات مع كبار المسؤولين وممثلي المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان، لإجراء تحقيقات لصيقة تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، وفي هذه الأثناء، أفلح محتجون في كسر الطوق الأمني المنصوب عند مدخل القصر الرئاسي واقتربوا كثيراً منه، في موكب غير مدرَج ضمن جداول الاحتجاجات المعلنة والمستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. واستخدمت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع بكثافة ضد المتظاهرين المطالبين بعودة الحكم المدني والقصاص للضحايا الذين لقوا حتفهم وأسرهم، وإنصاف ضباط وأفراد الجيش والقوات النظامية الأخرى المفصولين عن الخدمة، وتحقيق العدالة وتصفية ركائز نظام الإسلاميين.
وحسب شهود عيان، فإن وسط العاصمة الخرطوم شهد عمليات كر وفر بين القوات المسلحة والمحتجين السلميين الذين أفلحوا في اختراق أول حاجز أمني، وأجبروا القوات على التراجع ما مكنهم من دخول شارع القصر في مكان لا يبعد كثير عن القصر الرئاسي، فيما تغطت المنطقة بسحابة من الدخان الصادر عن قنابل الغاز المسيل للدموع، وارتفعت أصوات القنابل الصوتية، التي تُسمَع من مناطق بعيدة.
وأفاد صحافيو «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن المتظاهرين خرجوا بمنطقة الديم وسط العاصمة بدعوة من لجان المقاومة بالأحياء السكنية، حاملين الأعلام السودانية وصور قتلى المظاهرات ومتجهين نحو القصر الرئاسي قبل أن تتصدى لهم قوات الشرطة.
وقالت المتظاهرة أريج صلاح البالغة 25 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لن نيأس ولن نمل وندرك أنها قضية وطن ولن تحل بدون تضحيات». وقالت المتظاهرة ثويبة أحمد (24 عاماً): «ليس هناك فرصة أن يدخل الملل لأنفسنا... نحن مستعدون للتظاهر لعام كامل».
ونقلت صفحة أخبار الأمم المتحدة على «تويتر»، أمس، أن خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، آداما دينغ، سيصل البلاد في زيارة يلتقي خلالها كبار المسؤولين، وممثلي منظمات المجتمع المدني، ورؤساء بعثات الأمم المتحدة، والدبلوماسيين المعتمدين في الخرطوم، وذلك بعد أكثر من شهر من تأخر تلك الزيارة، بطلب من الحكومة العسكرية السودانية.
وسمّت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، السنغالي أداما دينغ خبيراً مختصاً لحقوق في السودان، ليراقب تطور حالة حقوق الإنسان في البلاد بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان، لا سيما قضايا ضحايا الانتهاكات بالتعاون مع الأطراف المعنية، ويساهم في كتابة تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان في دورة المجلس الخمسين، يونيو (حزيران) المقبل، وتستمر ولاية الخبير المستقل بتكوين حكومة بقيادة مدنية في البلاد.
ونفذت السلطات العسكرية حملة اعتقالات استبقت بها المواكب الاحتجاجية، شملت نشطاء وقيادات في لجنة تفكيك نظام الإخوان المسلمين التي تم تجميدها بقرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ويعد المحامي طه عثمان القيادي بتجمع المهنيين السودانيين، وعضو اللجنة أبرز الذين تم اعتقالهم، أول من أمس، وفي الوقت ذاته، وبحسب معلومات متداولة، يواصل عشرات المعتقلين السياسيين والنشطاء إضراباً عن الطعام في سجون البلاد المختلفة، للمطالبة بإطلاق سراحهم أو تقديمهم لمحاكمات عادلة.
ومنذ منتصف نهار أمس، ظلت المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي، ساحة للكر والفر بين المحتجين وقوات الأمن والشرطة، التي نصبت حواجز كثيفة من مختلف صنوف القوات العسكرية، للحيلولة دون المظاهرين والوصول للقصر الرئاسي على مبعدة أمتار قليلة من ساحات المواجهة بين الطرفين، في وقت كانت القوات العسكرية قد نشرت أعداد كبيرة من القوات، أمام القصر الرئاسي ومحيط القيادة العامة للجيش، وسدت بعضها بالحواجز الإسمنية.
ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ظلت مواكب الاحتجاج تتواصل دون انقطاع، في وقت بادرت القوات العسكرية لتفريقها بالرصاص المطاطي، والغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية والهراوات، ما أدى لمقتل 80 محتجاً على الأقل.
وفي آخر إحصائية أعدتها منظمة «حاضرين»، وهي منظمة مجتمع مدني تخصصت في تقديم الخدمات العلاجية للجرحى والمصابين في الاحتجاجات، تجاوزت أعداد المصابين المئات، منهم 35 إصابات تسبب بإعاقات، تتراوح بين فقدان وبتر أعضاء.
والأسبوع الماضي، كان مقرراً أن يجري مبعوث الرئيس الأميركي ديفيد ساترفيلد مباحثات بين الفرقاء السودانيين، تهدف لاستعادة الحكم المدني، ودعم مبادرة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتيس الرامية لتحقيق وفاق واستعادة الحكم المدني، بيد أن الرجل أنهى زيارته على نحو مفاجئ قبل الشروع في أي مباحثات، وقالت السفارة الأميركية وقتها إنه غادر لـ«أسباب شخصية» دون تقديم تفسيرات أخرى.
وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان، أمس، إنه يتمسك بلقاء خبير حقوق الإنسان واطلاعه على التحقيقات والانتهاكات الواسعة بحق المتظاهرين، منذ أكتوبر الماضي، بعد أن دخل السودان في حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، ولم يفلح قائد الجيش السوداني في إنفاذ الإصلاحات التي وعد بها، كما لم يفلح في تحقيق كثير من الوعود التي وعد بها، بما في ذلك تسمية رئيس وزراء خلفاً لعبد الله حمدوك الذي تقدم باستقالته، وإكمال مؤسسات الانتقال.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.