الشرطة الإسرائيلية تعد المقدسيين بـ{رمضان هادئ»

منعت بن غفير من عقد اجتماعات في الشيخ جراح

قوات الأمن الإسرائيلي تواجه متظاهرين فلسطينيين في الشيخ جراح الجمعة الماضي (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلي تواجه متظاهرين فلسطينيين في الشيخ جراح الجمعة الماضي (رويترز)
TT

الشرطة الإسرائيلية تعد المقدسيين بـ{رمضان هادئ»

قوات الأمن الإسرائيلي تواجه متظاهرين فلسطينيين في الشيخ جراح الجمعة الماضي (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلي تواجه متظاهرين فلسطينيين في الشيخ جراح الجمعة الماضي (رويترز)

أجبر المقدسيون في حي الشيخ جراح، النائب المتطرف إيتمار بن غفير، على إزالة مكتبه من منطقة كان نقل إليها المكتب، أمس، في تحدٍ جديد للأهالي هناك، وذلك بعد قليل من منع الشرطة الإسرائيلية، له، من الاجتماع مع موظفيه داخل الحي، فيما تقرر عدم نصب حواجز في حي العمود بالقدس في شهر رمضان لتجنب التوتر.
وتفجرت مواجهات محدودة بعدما نقل بن غفير مكتبه إلى الشارع، مقابل منزل عائلة محمود السعو، المهددة، التي تلقت أمر استدعاء لمقابلة مخابرات الاحتلال، بدعوى بثه الأغاني والهتافات التحريضية، قبل أن يضطر بن غفير إلى إزالة مكتبه من هناك.
وقبل ذلك منعت الشرطة الإسرائيلية، بن غفير، من عقد جلسة لمستخدميه في المكتب البرلماني الذي أقامه في الحي، فنقل مكان الجلسة إلى محيط الحاجز المنصوب عند مدخل الحي. واتهم النائب المتطرف، الشرطة، بالسعي إلى تأجيج الخواطر في الحي. وتعقيباً على ذلك، قالت الشرطة إنها قامت بتعزيز وجودها في الشيخ جراح، قبل وصول أي شخصية عامة مهما كانت إلى المكان.
وفي وقت يواجه فيه سكان الحي، بن غفير ومستوطنين آخرين، قالت السلطة الفلسطينية إنها تجري مزيداً من الاتصالات من أجل حماية المقدسيين. وأكد المستشار في ديوان الرئاسة الفلسطينية، أحمد الرويضي، استمرار التحركات السياسية مع مختلف الأطراف الدولية، فيما يتعلق بقضية حي الشيخ جراح، للضغط على الاحتلال لوقف سياسة التطهير العرقي التي تمارسها بحق أهالي الحي.
وقال الرويضي إن أهالي الحي سيحضرون مطلع الشهر المقبل للتحدث عن معاناتهم، أمام المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة. وأضاف أن «الاحتلال يسعى في مخططاته، لهدم 22 ألف منزل في القدس بشكل كامل، منها 250 منزلاً أعلن أنه سيتم هدمها خلال النصف الأول من هذا العام».
ويشهد حي الشيخ جراح توترات متقطعة منذ فترة طويلة، بسبب قرار إسرائيلي بطرد عائلات الحي منه لصالح عائلات يهودية تقول إنها تتملك المنازل التي وصل إليها الفلسطينيون عام 1956، حين سلمتهم الحكومة الأردنية 28 وحدة سكنية في الحي، ضمن اتفاق مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وتفجرت مواجهات جديدة منذ الأسبوع الماضي بين الفلسطينيين ومستوطنين، بعدما اقتحم بن غفير، الحي، وأقام مكتباً برلمانياً له في أرض عائلة سالم العربية المهددة بالمصادرة، وقال إنه باقٍ حتى تتم حماية اليهود في المكان. ويصر بن غفير على البقاء في حي الشيخ جراح، رغم التوتر الكبير الذي قاد إلى مواجهات واسعة في الحي، وتحذيرات مسؤولين إسرائيليين من أن التوتر قد يقود إلى تصعيد في الضفة الغربية، ويبدد الهدوء في قطاع غزة، كما حصل العام الماضي قبل حرب غزة التي استمرت 11 يوماً في مايو (أيار).
وفي محاولة لتجنب ذلك، غيرت السلطات في إسرائيل من سياستها.
ومنع بن غفير عقد اجتماعات داخل الحي جزء من هذ التغيير، إضافة إلى قرارات أخرى أخذتها قبل وصول شهر رمضان. وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية، إن السلطات الإسرائيلية، بخلاف العام الماضي، قررت عدم نصب حواجز حديدية في منطقة باب العامود خلال شهر رمضان، وتخطط لإقامة فعاليات ثقافية في باب العامود، تتضمن فتح خيم رمضانية وأكشاك لبيع المأكولات والحلويات الرمضانية.
وتريد الشرطة الإسرائيلية استقبال شهر رمضان «بمحاولة الحفاظ على الهدوء»، استخلاصاً للعبر والدروس المستفادة من الأحداث والمواجهات التي اندلعت في رمضان الماضي عقب نصب الحواجز. ووافق قائد شرطة منطقة القدس، دورون تورغمان، الذي اقترح استخدام الحواجز التي أدت إلى اشتباكات عنيفة مع المقدسيين، في حينها، ثم حرب في غزة، على فكرة مسؤولين في البلدية إقامة فعاليات ثقافية، وطالبهم بتحصيص ميزانية لذلك.
وأيد كذلك كبار مسؤولي الشرطة الإسرائيلية، القرار، باعتبار أنه لم يكن هناك منطق وراء منع الشباب من التجمع في منطقة باب العامود العام الماضي، الأمر الذي أدى في النهاية إلى توتر كبير ومواجهات وحرب مع قطاع غزة، كانت نتيجة سوء تقدير وتصرف. ومن أجل ضمان ذلك، فإن الشرطة ستطلب أيضاً تغيير موعد إخلاء منزل عائلة سالم في الشيخ جراح منعاً لتوتير الأجواء.
وكان من المفترض أن تتم عملية الإخلاء في أي وقت الشهر المقبل، لكن يتوقع أن يتم تأجيل ذلك بدعم من المستوى السياسي والمدعي العام، بسبب قرب شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، وفي ظل الأحداث الحالية في حي الشيخ جراح.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.