غضب في بغداد حول مشروع للكونغرس لتسليح اطراف عراقية بمعزل عن الحكومة

الأعرجي: من يقرر مصير العراق الحكومة والعراقيون

متطوعون من أبناء الأنبار يقاتلون مع قوات الحشد الشعبي في منطقة عامرية الفلوجة شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)
متطوعون من أبناء الأنبار يقاتلون مع قوات الحشد الشعبي في منطقة عامرية الفلوجة شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)
TT

غضب في بغداد حول مشروع للكونغرس لتسليح اطراف عراقية بمعزل عن الحكومة

متطوعون من أبناء الأنبار يقاتلون مع قوات الحشد الشعبي في منطقة عامرية الفلوجة شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)
متطوعون من أبناء الأنبار يقاتلون مع قوات الحشد الشعبي في منطقة عامرية الفلوجة شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)

على الرغم من قيام السفارة الأميركية في بغداد بتوضيح الموقف الرسمي للإدارة الأميركية من مشروع قرار داخل الكونغرس يقضي بتسليح الأكراد والمحافظات ذات الغالبية السنية بمعزل عن الحكومة المركزية في بغداد، تفاقمت ردود الفعل الغاضبة في بغداد من مشروع القرار. وعبر التحالف الوطني، الكتلة الكبرى داخل البرلمان العراقي، عن غضبه وسخطه من التداعيات التي يمكن أن تترتب على هذا القرار.
واعتبر عدد من السياسيين العراقيين مشروع القرار المرتبط بميزانية الدفاع الأميركية المقدمة الطبيعية لمشروع نائب الرئيس الأميركي جو بادين القاضي «بتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية».
ومن جهته فقد هدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر برفع التجميد عن الجناح العسكري في التيار لاستهداف مصالح الولايات المتحدة في الخارج والداخل إذا أصر مجلس الشيوخ الأميركي على إصدار قرار يقضي بتقسيم العراق «طائفيًا». وقال مقتدى الصدر في بيان له أمس إن «مجلس النواب الأميركي ينوي إصدار قرار بشأن العراق يقضي بجعل كل طائفة مستقلة عن الأخرى»، عادًا ذلك «بداية للتقسيم العلني».
وأضاف الصدر أن «أميركا أظهرت سوء نيتها ضد عراقنا الحبيب وكشرت عن أنيابها»، مهددًا «برفع التجميد عن الجناح العسكري المتخصص بالجانب الأميركي في حالة إصدار القرار ليبدأ عملية ضرب المصالح الأميركية في العراق بل وخارجه مع الإمكان وذلك ببيان لاحق». ودعا الصدر الحكومة والبرلمان إلى «رد عراقي حاسم ضد استصدار هذا القرار»، مطالبًا «الشعب العراقي بحماية أرضه وطوائفه من خلال بيان رفضه وشجبه فإن الشعب ملزم بذلك وإلا وقعت الطامة الكبرى».
وخاطب زعيم التيار الصدري واشنطن بالقول: «ولتعلم أميركا أنها وإن عملت على تأجيج النفس الطائفي، إلا أننا سنبقى على ما عهدنا الشعب عليه من دعاة الوحدة ولتخسأ الطائفية التي جاءت من خلف الحدود».
ومن جهته أكد نائب رئيس الوزراء العراقي بهاء الأعرجي أن «ما حدث في العراق خلال الأيام الماضية هو من صراع ما بين دولتين في الشرق الأوسط يراد أن تكون الساحة العراقية مكانا لتصفيته»، منتقدا «تقديم لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي مشروعا سيئ الصيت لتكوين دولتين بالعراق».
وأضاف الأعرجي أن «الحكومة لم تناقش قرار الكونغرس الأميركي»، لافتا إلى أن «من يقرر مصير العراق الحكومة والعراقيون أنفسهم، ولن نسمح بالتدخل في الشأن والسيادة العراقية من أي دولة، وخصوصا الولايات المتحدة التي كانت سبب مأساة العراقيين في جوانب متعددة».
وتابع الأعرجي أن «العراق لكل العراقيين والإقليم حدوده معروفة، وإذا كان البعض يريد استغلال الحرب والفوضى من أجل استغلال أراض لا نرضى به، لأن الأراضي هي للعراقيين ويجب عدم إعطاء امتيازات للغير فيها».
ومن جهته أكد عضو البرلمان العراقي السابق عن كتلة التحالف الكردستاني شوان طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد الهجوم الذي شنه تنظيم داعش على إقليم كردستان فقد طلبنا مساعدات من الجهات الدولية لغرض تسليح قوات البيشمركة لمواجهة التحديات». وأضاف: «فإن الحكومة العراقية لم تعمل على تسليح البيشمركة بوصفها جزءا من المنظومة الأمنية العراقية إذ إن تسليح البيشمركة من شأنه أن يؤدي إلى تقوية المؤسسة العسكرية العراقية». وأشار إلى أن «الدستور العراقي يتيح للبيشمركة أن تنشئ منظومة أمنية».
وبشأن تسليح المحافظات ذات الغالبية السنية، قال طه إن «تسليح العشائر كان يفترض أن يتم من قبل الحكومة العراقية لكنها لم تف بوعودها في هذا المجال وهو أمر كان خاطئا، حيث كان يفترض أن تتولى الحكومة العراقية ذلك». وأشار طه: «لكنها في الوقت الذي تولت فيه تسليح الحشد الشعبي الذي ليس لديه الغطاء القانوني والدستوري لم تعمل على تسليح البيشمركة والعشائر السنية علما أن الطرفين يواجهان تنظيم داعش».
وعبر المتحدث الرسمي باسم السفارة الأميركية جيفري لوري في بيان أمس عن أن «سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه العراق لم تتغير»، معربا عن دعمه وتأييده لـ«عرق موحد». وأضاف لوري أن «كل الدعم والمساعدات والمعدات العسكرية المقدمة من الحكومة الأميركية يتم تسليمها للحكومة العراقية وقوات الأمن العراقية».
وأشار إلى أن «المشروع المقدم لمجلس النواب الأميركي من قبل عضو الكونغرس ماك ثوربيري لا يستند إلى أي قوانين، ولا يعكس سياسة ومواقف الولايات المتحدة الأميركية»، مبينًا أن «الرئيس الأميركي باراك أوباما مسؤول عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة». وعقد الكونغرس الأميركي أمس اجتماعا يطرح خلاله التصويت على قرار تنفيذ مشروع التعامل مع الأكراد والمحافظات ذات الغالبية السنية في العراق، بمعزل عن حكومة بغداد، من ناحية التسليح والتمويل والاقتصاد والسياسة.
ويعتبر هذا القرار امتدادا لطرح بايدن في يونيو (حزيران) عام 2013 مشروعا يقضي بتقسيم العراق على شكل ثلاثة أقاليم، ويوصي القرار بالتعامل مع قوات البيشمركة والمحافظات ذات الغالبية السنية في العراق كقوتين منفصلتين من أجل توازن القوى في البلاد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.