القضاء المصري يصدر أحكامًا بحق 125 من أنصار الإخوان وطلاب بالأزهر

تحديد 9 مايو لإعادة محاكمة مبارك ونجليه بـ {القصور الرئاسية}

الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال حضوره جلسة محاكمته في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال حضوره جلسة محاكمته في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

القضاء المصري يصدر أحكامًا بحق 125 من أنصار الإخوان وطلاب بالأزهر

الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال حضوره جلسة محاكمته في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال حضوره جلسة محاكمته في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

أصدرت السلطات القضائية في مصر، أمس، أحكاما بحق 125 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وطلاب بجامعة الأزهر ينتمون إلى الإخوان، إذ قضت محكمة مختصة بالسجن المشدد، من سنة إلى سبع سنوات، لـ54 متهما في القضية المعروفة إعلاميا بأحداث جامعة الأزهر (شرق القاهرة)، بسبب إدانتهم بالتورط في أحداث شغب وعنف، والتظاهر من دون ترخيص، بينما عاقبت محكمة أخرى 71 من أنصار الإخوان بالمؤبد بعد اتهامهم باقتحام وحرق كنيسة كرداسة بمحافظة الجيزة.
وقال مصدر قضائي إن «محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة في مجمع سجون طرة (جنوب القاهرة)، قضت ببراءة 13 متهما آخرين، بينهم صحافي، والحبس المشدد لمدة تتراوح من سنة إلى 7 سنوات لـ54 متهما».
وكانت النيابة العامة قد وجهت إلى المتهمين تهما تتعلق بتنظيم تجمهر يهدف إتلاف الممتلكات العامة والخاصة بجامعة الأزهر، بالإضافة إلى تهديد موظفين عموميين، واستعراض القوة، والتلويح بالعنف، وحرق مبانٍ في أحداث شغب شهدتها جامعة الأزهر في 28 من ديسمبر (كانون الأول) العام قبل الماضي.
وأشار المصدر القضائي إلى أن «حكم أمس تضمن الحبس المشدد بسبع سنوات، والمراقبة لمدة 5 سنوات على 17 متهما، والحبس 5 سنوات مشددة ومراقبة 5 سنوات على 23 متهما، والحبس لمدة ثلاث سنوات مشددة والمراقبة لمدة سنة على 6 بينهم 3 أحداث، والحكم بالحبس لمدة عام والمراقبة سنة على 10 طالبات من الجامعة، مع إلزام جميع الطلاب برد مبلغ مليونين و160 ألف جنيه لجامعة الأزهر على خلفية التلفيات التي وقعت خلال الأحداث».
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، صيف العام قبل الماضي، أحيل طلاب وطالبات جامعيون إلى القضاء، وصدرت بحق عدد منهم أحكام بتهم جنائية وصلت إلى 17 عاما، كما فصلت الجامعات أيضا عددا آخر من الطلاب، اعتراضا على اعتقال زملائهم في أحداث فض اعتصامين لمناصري مرسي عقب عزله في ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) والنهضة (غرب القاهرة) في أغسطس (آب) العام قبل الماضي. وأصدر الرئيس السابق المستشار عدلي منصور في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013 قانونا لتنظيم التظاهر، بهدف ضبط الأوضاع الأمنية في ظل «عنف أنصار جماعة الإخوان».
من جانبه، قال الدكتور عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر، إن «الحكم يعيد للجامعة حقها بعد أن تحطمت ممتلكاتها»، لافتا إلى أن أي خروج عن النظم الجامعية في الجامعة يقابل بمنتهى الحسم، وإذا كان هناك من يتخيل أنه بعيد عن المحاسبة فهو واهم».
وتضم جامعة الأزهر نحو 400 ألف طالب وطالبة، يمثلون نحو خُمس طلاب التعليم العالي بمصر. وأكد الدكتور عزب لـ«الشرق الأوسط» أنه «يتم التعامل بمنتهى الشدة وبحزم مع أي طالب يخرج عن إطار الشرعية»، لافتا إلى أن جميع مظاهرات وأعمال التخريب التي قام بها طلاب وطالبات الإخوان موثقة بالصوت والصورة.
في غضون ذلك، قضت محكمة جنايات الجيزة، بالمؤبد على 71 إخوانيا متهمين في اقتحام وحرق كنيسة كرداسة، والحكم بحبس اثنين آخرين 10 سنوات لكونهما حدثين.
وكانت النيابة العامة قد أحالت 73 متهما إخوانيا وجهاديا إلى محكمة الجنايات في الجيزة، لتورطهم في حريق كفر حكيم بكرداسة في 14 أغسطس عام 2013، بالتزامن مع قتل 11 ضابطا ومجندا، من بينهم مأمور مركز كرداسة، عقب فض اعتصامي الإخوان.
وواجه المتهمون تهم ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والدستور، وامتلاك أسلحة نارية وذخائر، والشروع في القتل، وإضرام النيران عمدا في منشأة دينية، وقطع الطريق العام أمام حركة سير المواصلات العامة، ومقاومة السلطات. وسبق أن قضت محكمة مصرية في ديسمبر الماضي بإحالة أوراق 188 متهما في أحداث ما تعرف إعلاميا بـ«مذبحة كرداسة»، إلى مفتي البلاد، وذلك لاستطلاع رأيه الشرعي تمهيدا لإعدامهم.
وشهد محيط محكمة جنايات الجيزة أمس تشديدات أمنية مكثفة، تزامنا مع جلسة النطق بالحكم، إذ انتشرت قوات من الأمن المركزي، وعدد من القوات الخاصة، ومشط فريق من خبراء المفرقعات قوات محيط المحكمة في ساعة مبكرة، تحسبا لوجود أي قنابل أو عبوات بدائية.
في سياق آخر، حددت محكمة جنايات القاهرة جلسة 9 مايو (أيار) المقبل، للحكم على الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك في القضية المتعلقة باتهامهم بارتكاب جريمة الاستيلاء على أكثر من 125 مليون جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية.
وتأتى إعادة محاكمة مبارك في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض في يناير (كانون الثاني) الماضي بإلغاء حكم معاقبة مبارك بالسجن المشدد ثلاث سنوات، وعاقبت نجليه علاء وجمال بالسجن المشدد لمدة 4 سنوات لكل منهما، وألزمتهم جميعا برد مبلغ 21 مليونا و197 ألف جنيه، وتغريمهم متضامنين مبلغا قدره 125 مليونا و779 ألف جنيه.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.