فتة الحمص والباذنجان تغازل النباتيين

المكدوس والشاورما والحمص تغري معدة المصريين

الفتة تحاكي النباتيين وتتخلى عن اللحم
الفتة تحاكي النباتيين وتتخلى عن اللحم
TT

فتة الحمص والباذنجان تغازل النباتيين

الفتة تحاكي النباتيين وتتخلى عن اللحم
الفتة تحاكي النباتيين وتتخلى عن اللحم

قطع من الخبز المحمص «الجاف» تغمس في حساء اللحم الساخن، مع قليل من الأرز وبعض من الثوم، بعدها تستطيع الاستمتاع بطبق «فتة» بمذاقه التقليدي، لكن هذا الطعم الذي ينطلق من المطبخ الشرقي جرت عليه تحديثات وإضافات أكثر عصرية، لتلائم رغبات النباتيين.
ويتكون طبق «الفتة» في شكله التقليدي من خبز تم تحميره في الزبدة والتوابل ويُسقى بمرق اللحمة أو الدجاج ثم تضاف له طبقة من الأرز الأبيض وأخرى من صلصة الطماطم المطهوة بالثوم ويوضع لها في النهاية «طشة» من الثوم المطهو والمضاف إليه الخل والليمون، وبذلك يظل الطبق بشكله التقليدي ومكوناته البسيطة جزءاً رئيسياً من الأشكال الجديدة التي تم ابتكارها للحفاظ على أصالته.
وتعد «فتة» الشاورما سواء كانت «لحماً أو دجاجاً» من أشهر الأطباق الجديدة التي تَلقى إقبالاً واسعاً، حيث يُطهى اللحم مع الزبادي والملح والفلفل الأسود والكركم والبابريكا والثوم والبصل المجفف والكاري والزعفران، وإلى جانب ذلك يُحمّر الخبز الشامي الأبيض في الزيت مع إضافة قليل من الملح والتوابل.
وتُتبل قطع اللحم أو الدجاج بالزبادي مع جزء من التوابل، وتُترك لتتشرب من الخليط ثم تُحمَّر بالبصل على نار ساخنة، ويضاف الفلفل الألوان والحمص المسلوق والتوابل، وتضاف إلى قطع الخبز المحمر، ويوضع على سطحها خليط من الزبادي والطحينة والثوم المفروم والخل والليمون والزيت وقليل من الأرز الأبيض.
ومن أبرز الابتكارات الجديدة في الطبق الشهير، «فتة» الموزة الضاني أو البتلو، و«فتة» اللسان، والممبار، والدجاج، و«فتة» الكوارع التي تحظي بإقبال واسع من المصريين، وتحرص المطاعم الشعبية على التمسك بطريقة تحضيرها التقليدية للحفاظ على أصالة الطبق.
ويقول جمال محمد، أحد مديري مطعم «بجة» لفواكه اللحوم بحي عابدين بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن «السبب في ظهور أنواع كثيرة من الفتة هو ثراء الطبق بمكوناته ونكهته وشعبيته الكبيرة»، متابعاً: «نحرص على التمسك بأصالة الطبق وطريقة تحضيره التقليدية مهما أضفنا من مكونات جديدة».
وتتميز «فتة» الكباب بإضافات غزيرة من اللبن الرايب، حيث يجب أن يكون الطبق غارقاً فيها حتى تختفي تماماً قطع الكباب والخبز ولا ترى منها سوى الزبادي. ويفضل فيها كباب الحلة الضاني أكثر من المشوي، ويتم تحمير الخبز في الزيت مع الملح والفلفل الأسود والقرفة والحبهان المطحون ويُسقى بالمرق، ويُكتفى بإضافة كباب الحلة الغارق في السوائل التي تخرج منه من دهون وبصل والفلفل الألوان وقطع البقدونس الأخضر، ثم يضاف خليط اللبن الرايب أو الزبادي بكمية تكفي لتغطية الطبق.
ومن بين الأطباق التي تحتل مكانة خاصة على المائدة الشرقية «فتة» الكوارع، حيث ما زالت تحضَّر بالطريقة التقليدية، وتبدأ بـ«سلق» الكوارع، وتضاف إليها الخضراوات من طماطم وجزر وبصل وكرفس إلى جانب التوابل من ملح وفلفل أسود، بالإضافة إلى ورق اللورا والروزماري «إكليل الجبل» الطازج والحبهان والقرفة والزنجبيل المطحون وجوزة الطيب.
وإلى جانب ما سبق تُصبّ على قطع الخبز البلدي «المقرمش» ويوضع أعلاها أرز مصري بالشعرية وطبقة من التسبيكة (صلصة مطهوة بالثوم وإضافة «طشة» من ثوم مطهو في زيت والقليل من الخل والملح والكزبرة الجافة)، ثم يوضع فوقها قطع الكوارع وتدخل إلى الفرن.
ويقف طبق «فتة» المكدوس في المنتصف بين المطبخين المصري والشامي، وهو مزيج بين الفتة النباتي بالباذنجان والبروتينية باللحم المفروم، حيث يضاف المرق الساخن إلى الخبز البلدي أو الشامي الأبيض المحمص أو المحمر في الزيت، ثم تضاف طبقة من الباذنجان واللحم المفروم المحمّر مع البصل والتوابل وقليل من عصير الطماطم ثم طبقة من الأرز وطبقة من الخبز وفوقها اللحم والباذنجان، وفي الأعلى يضاف خليط من لبن الزبادي والطحينة والثوم والخل والليمون وقليل من الفلفل الحار ويزيّن بالصنوبر والبقدونس ودبس الرمان.
وظهرت الكثير من أنواع «الفتة» التي تناسب النباتيين، منها فتة العدس، والحمص، والزبادي، وفتة الباذنجان، وهي عبارة عن خبز محمص في الفرن أو محمر بالزيت والتوابل، ويتم غلي الباذنجان المقلي سابقاً مع معجون الطماطم والثوم والخل ويضاف على جهة طبقة من لبن الزبادي أو الطحينة، ويزين بالبقدونس الأخضر والمكسرات.
وفتة العدس هي الطبق المحبب لدى المصريين خلال الشتاء، حيث يضاف العدس إلى الخبز المحمص أو اللين مع «طشة» الثوم، ويزيّن بـ«التقلية»، وهي عبارة عن شرائح من البصل الذهبية والمقلية في الزيت حتى تغدو «مقرمشة».
ووصلت الابتكارات الجديدة إلى المأكولات البحرية لتختبر أنواعاً جديدة من الفتة، منها فتة السي فود، والجمبري، والفيليه، والاستاكوزا، والكابوريا، كما وصلت الابتكارات إلى متاجر الحلوى بأصناف جديدة من الفتة الحلوة، منها «فتة» السينابون، وتتكون من خليط لقطع السينابون الصغيرة المضاف إليها شوكولاتة سائلة قابلة للدهن وكريمة وكراميل وتجمَّل بالمكسرات، وفتة الوافل، والبودينغ بنكهات مختلفة.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».