مناورات «الردع الاستراتيجي» الروسية تفاقم التوتر... وكييف تلوّح بالعودة إلى «النادي النووي»

تواصل عمليات الإجلاء في شرق أوكرانيا وتبادل اتهامات بالتصعيد

التدريبات شملت إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة من طرازات «كينجال» و«كاليبر» و«إسكندر» و«يارس» و«سينيفا» (إ.ب.أ)
التدريبات شملت إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة من طرازات «كينجال» و«كاليبر» و«إسكندر» و«يارس» و«سينيفا» (إ.ب.أ)
TT

مناورات «الردع الاستراتيجي» الروسية تفاقم التوتر... وكييف تلوّح بالعودة إلى «النادي النووي»

التدريبات شملت إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة من طرازات «كينجال» و«كاليبر» و«إسكندر» و«يارس» و«سينيفا» (إ.ب.أ)
التدريبات شملت إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة من طرازات «كينجال» و«كاليبر» و«إسكندر» و«يارس» و«سينيفا» (إ.ب.أ)

فاقمت مناورات «الردع الاستراتيجي» التي أجرتها موسكو أمس، بإشراف الرئيس فلاديمير بوتين من تعقيد الوضع حول أوكرانيا بعدما قال مسؤولون في كييف إن موسكو هدفت إلى توجيه رسائل إلى الغرب والتلويح بقدراتها النووية. ومع اتجاه الأنظار إلى الوضع الميداني وتواصل عمليات إجلاء المدنيين، من مناطق في إقليمي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا، تبادلت كييف اتهامات مع الانفصاليين في الإقليميين بتصعيد الوضع عسكرياً مع بروز معطيات عن تزايد عمليات القصف على طرفي خطوط التماس.
وأطلقت روسيا المناورات التي تعد الأوسع أمس، بإشراف بوتين الذي تابع مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو سير التدريبات من غرفة مراقبة خاصة في الكرملين. وأكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن التدريبات شملت محاكاة استخدام أسلحة نووية.
وخاطب شويغو الرئيس الروسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال التدريبات مشيراً إلى أنه «يجري اختبار عمليات التحكم بالأسلحة النووية والأسلحة ذات الخطورة المحتملة المتزايدة، ضمن إطار غرفة عمليات موحدة».
وأصدر الكرملين في وقت لاحق بياناً أفاد فيه بأن التدريبات شملت إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة من طرازات «كينجال» و«كاليبر» و«إسكندر» و«يارس» و«سينيفا».
ولفت الديوان الرئاسي إلى أن التدريبات جرت وفقاً لخطط معدة مسبقاً بهدف اختبار جاهزية آليات التحكم والتوجيه والإدارة العسكرية وطواقم الإطلاق والسفن والغواصات، بالإضافة إلى التأكد من موثوقية الأسلحة بحوزة القوات الاستراتيجية النووية والتقليدية في الجيش الروسي. وشاركت في المناورات وحدات القوات الجوفضائية وقوات المنطقة العسكرية الجنوبية والقوات الاستراتيجية الروسية وأسطولي البحرين الشمالي والأسود في الجيش الروسي. وتم خلالها إطلاق صواريخ عابرة للقارات ومجنحة نحو أهداف في أقصى الشرق الروسي وفي جنوب البلاد، وإطلاق سفن وغواصات تابعة لأسطولي البحرين الشمالي والأسود صواريخ مجنحة من طراز «كاليبر» وصاروخ فرط الصوتي من طراز «تسيركون» على أهداف بحرية وبرية. إضافة إلى إطلاق صاروخ مجنح من طراز «إسكندر» في معسكر كابوستين يار في مقاطعة أستراخان جنوب روسيا.
وأعلن الكرملين تحقيق «كل الأهداف» الموضوعة للتدريبات، لافتاً إلى أن جميع الصواريخ ضربت أهدافها بدقة.
وأثارت المناورات قلقاً أوكرانياً بسبب تزامنها مع تفاقم التوتر في المناطق الحدودية، ورأت كييف أن موسكو هدفت من خلال توقيت إجراء المناورات إلى توجيه رسالة إلى الغرب بحجم قدراتها النووية الرادعة، وأنها لن تتورع عن استخدام الوسائل العسكرية لتسوية الأزمات السياسية.
في الوقت ذاته لوحت كييف بفكرة العودة إلى «النادي النووي» وقال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إنه سيبدأ مفاوضات بين المشاركين في مذكرة بودابست حول ضمانات الأمن. في إشارة إلى المذكرة التي تخلت بموجبها أوكرانيا في العام 2004 عن ترسانتها النووية وأعلنت اعتمادها عسكرياً بشكل كامل على القدرات التقليدية. ولفت زيلينسكي إلى أنه سوف يبدأ «مشاورات في إطار مذكرة بودابست. وقد أصدرت تعليمات لوزير الخارجية بدعوة الأطراف إلى الانعقاد»، مشيراً إلى أن كييف حصلت بموجب المذكرة على ضمانات دولية بحماية أمنها ووحدة أراضيها وأن روسيا طرف في هذه الضمانات. وزاد: «حالياً لا توجد ضمانات أمنية لبلدنا، لذلك فإن أوكرانيا لديها كل الحق في الاعتقاد بأن مذكرة بودابست لا تعمل، وسيتم التشكيك في جميع قرارات المجموعة لعام 1994».
في غضون ذلك، تواصلت عمليات إجلاء المدنيين من إقليمي لوغانسك ودونيتسك وسط تزايد المعطيات عن تصاعد حدة تبادل القصف بين القوات الحكومية الأوكرانية والانفصاليين في المنطقتين. وبرغم أن كييف نفت صحة أنباء قدمها الانفصاليون حول قيامها بقصف أهداف داخل لوغانسك ودونيتسك، لكنها في الوقت ذاته اتهمت القوات في الإقليمين بتنفيذ «هجمات استفزازية باستخدام قذائف وصواريخ» وأعلنت في وقت لاحق أمس، عن مقتل جندي أوكراني قرب خطوط التماس بسبب عمليات القصف.
في المقابل، قال مسؤولون عسكريون في دونيتسك: «قوات الأمن الأوكرانية قصفت قرى على خطوط التماس للمرة الخامسة خلال الليل، وأطلقت 20 قذيفة من عيار 82 ملم». ووفقاً لمعطياتهم فقد تعرضت محطة لضخ المياه في دونيتسك لأضرار نتيجة القصف.
وحذرت سلطات دونيتسك من خطر انقطاع إمدادات المياه عن 40 نقطة سكانية.
في الأثناء، تواصل إجلاء المدنيين نحو الأراضي الروسية، وأبلغت «الشرق الأوسط» مصادر على النقطة الحدودية مع دونيتسك أن نحو 80 أتوبيساً عبرت الحدود خلال ليلة السبت، وزادت أن العدد الإجمالي لمن تم إجلاؤهم بلغ نحو 7 آلاف نسمة نصفهم من الأطفال. وبات معلوماً أن السلطات الانفصالية تقوم بإجلاء عائلات العسكريين ودور الأيتام ومراكز رعاية الأطفال.
وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنه سيتم توزيع اللاجئين من دونباس في سبع مناطق في روسيا منوهة بأن 26 منطقة في روسيا مستعدة لاستقبال اللاجئين من دونباس بسبب التصعيد في شرق أوكرانيا. وأعلنت السلطات الروسية عن فرض حالة الطوارئ في منطقة روستوف بسبب توقعات بزيادة معدلات تدفق اللاجئين. في حين أعلنت وزارة الطوارئ في دونيتسك، أنها تخطط لإجلاء نحو 700 ألف من السكان إلى روسيا، علماً بأن عدد سكان دونيتسك يناهز مليون نسمة في حين أن عدد سكان لوغانسك يصل إلى 400 ألف نسمة. لكن اللافت أنه برغم تأكيد قيادتي الإقليمين على توسيع عمليات الإجلاء لكن الوضع في المنطقة الحدودية أمس، كان هادئاً نسبياً، ولم تظهر طوابير طويلة من اللاجئين أو ارتباك في عمليات دخول نحو 80 أتوبيساً من المنطقة الحدودية.
وكانت موسكو قد أعلنت عن تخصيص مبلغ 10 آلاف روبل (150 دولاراً) لكل شخص يعبر الحدود من شرق أوكرانيا، وتعهدت وزارة الطوارئ بتأمين الرعاية والسكن للقادمين.
في الأثناء، أعلن مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أنهم لاحظوا «زيادة كبيرة في انتهاكات وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا، حيث يتواجه انفصاليون موالون لروسيا مع القوات الأوكرانية منذ 2014».
وأشارت المنظمة في بيان إلى أن مراقبيها «لاحظوا زيادة كبيرة» في الأعمال المسلحة على طول خط الجبهة، مضيفة أن «هناك حالياً عدداً من الحوادث يعادل عدد تلك التي وقعت قبل الاتفاقية التي تم توقيعها في يوليو (تموز) 2020 لتعزيز وقف إطلاق النار».
وقال المراقبون إنهم أبلغوا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن «222 انتهاكاً لوقف إطلاق النار يوم الخميس على خط الجبهة في منطقة دونيتسك التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا، بما فيها 135 انفجاراً، مقابل 189 الأربعاء و24 الثلاثاء». أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنه سيتم توزيع اللاجئين من دونباس في 7 مناطق في روسيا على ضوء التصعيد في شرق أوكرانيا وتدفق المزيد من اللاجئين.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.