الرئيس الأوكراني يقلب الطاولة على حلفائه الغربيين

«الضيف الملك» في مؤتمر ميونيخ يشن هجوماً لاذعاً عليهم ويتهمهم بعدم تقديم ضمانات أمنية كافية

رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن يرحب بالرئيس الأوكراني «الضيف الملك» لهذا العام (رويترز)
رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن يرحب بالرئيس الأوكراني «الضيف الملك» لهذا العام (رويترز)
TT

الرئيس الأوكراني يقلب الطاولة على حلفائه الغربيين

رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن يرحب بالرئيس الأوكراني «الضيف الملك» لهذا العام (رويترز)
رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن يرحب بالرئيس الأوكراني «الضيف الملك» لهذا العام (رويترز)

قلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الطاولة على حلفائه الغربيين، وشن هجوماً لاذعاً عليهم لعدم تقديم ضمانات أمنية كافية لأوكرانيا لحمايتها من روسيا. ورغم أن زيلينسكي كان «الضيف الملك» في مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، خصوصاً أن روسيا غابت كلياً عن المؤتمر، إلا أنه لم يتردد بانتقاد الأوروبيين والأميركيين بشكل قاسٍ. واعتلى الرئيس الأوكراني بعد الظهر منبر المؤتمر بعد كلمات لزعماء غربيين منذ الصباح تتعهد بإنزال أشد العقوبات بروسيا في حال غزت أوكرانيا، لينتقد الدعم العسكري الغربي المقدم لبلده وتردد حلف الناتو بضم أوكرانيا له.
ورغم التصفيق الحار الذي استقبله به الحضور الذي كان بمعظمه غربياً، فقد بدأ زيلينسكي بتذكير الأوروبيين بأن أي حرب على بلاده ستكون حرباً على أوروبا، ليضيف بأن أوكرانيا لا تريد أن «تترجى» الدول لإرسال أسلحة إليها لكي «تحمي بها حدود أوروبا». وفي هذا انتقاد مباشر لألمانيا التي ما زالت ترفض توريد السلاح لأوكرانيا «لأسباب تاريخية» كما كرر المستشار الألماني أولاف شولتز ووزيرة خارجيته أنالينا بيربوك قبله أول من أمس. ووجه زيلينسكي كذلك انتقادات حادة للناتو الذي قال بأنه لا يعطي أوكرانيا رداً واضحاً ولا تاريخاً محدداً حول ضمه. وكذلك اتهم الأطراف الغربية بعدم الجدية في الكلام عن العقوبات لأنها «تنتظر لاندلاع حرب» قبل أن تخضع روسيا لها. وكانت ألمانيا المتلقي الأكبر للكدمات من الرئيس الأوكراني، كون مستشارها قال صباحاً بأن مسألة ضم أوكرانيا للناتو غير مطروحة اليوم في محاولة لمد يده لروسيا وإقناعها بالتجاوب مع الدبلوماسية. وكذلك الانتقادات وجهت لألمانيا لعدم إعطائها إشارات واضحة حول استعدادها لوقف مشروع نورد ستريم ٢ الذي يصل الغاز الروسي مباشرة إليها مع تفادي خطوط العبور الأوكرانية.
وقبل كلمة زيلينسكي، وفيما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعرض قوته العسكرية البرية والبحرية بإشرافه شخصياً على تدريبات عسكرية روسية - بيلاروسية مشتركة، حشدت الدول الغربية أشد التحذيرات لهجة حتى الآن موجهة لسيد الكرملين وهددته بعقوبات مؤلمة ستخرج روسيا من السوق المالية العالمية وتبعات عسكرية لا يتوقعها، في حال نفذت «مغامرتها» العسكرية وغزت أوكرانيا.
وتداول زعماء غربيون على منبر مؤتمر ميونيخ للأمن لتوجيه التحذيرات لموسكو، وفيما خرجت أقساها من رئيس الحكومة البريطاني بوريس جونسون اعتمد المستشار الألماني أولاف شولتز لجهة أقل تهديداً محاولاً التركيز على الجهود الدبلوماسية لتفادي حرب «على أوروبا».
والتقى الزعماء في تقديرات بأن الحشود العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا، هي الأكبر منذ نهاية الحرب الباردة، وهو ما كرره أمين عام حلف الناتو يانس شتولتنبيرغ ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي بدت في كلمتها كأنها عادت لتلبس رداء وزيرة الدفاع، وهو المنصب الذي تركته في برلين لتستلم منصبها كرئيسة المفوضية الأوروبية في بروكسل.
واتهمت فون دير لاين روسيا والصين بسعيهما لتغيير نظام الأمن العالمي، وقالت إن أوروبا يجب أن تكون مستعدة للرد، مضيفة أنه «إذا قرر الكرملين توجيه ضربة عسكرية فسنفرض عليه عقوبات موجعة ستهدد تطور روسيا الاقتصادي». وألمحت فون دير لاين كذلك إلى ضرورة تخفيف أوروبا عن اعتمادها على الغاز الروسي، وقالت: «لا لا يمكننا أن نبقى معتمدين على غاز يأتينا من بلد يهدد بحرب ضدنا». وأشارت إلى أن شركة غازبروم الروسية التي تصدر الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا حالياً، تبيع الأوروبيين «أقل كمية ممكنة من الغاز» ووصفت هذا التصرف من قبل شركة بأنه «غريب»، لتضيف بأنه من الواضح أن روسيا تتلاعب بسوق الغاز الأوروبية. ورغم أن فون دير لاين لم تشر تحديداً إلى مشروع غاز نورد ستريم ٢ الذي يصل الغاز الطبيعي مباشرة من روسيا إلى ألمانيا وانتهى العمل به ولكنه لم يبدأ ضخ الغاز عبره بعد، فإن الضغوط على الحكومة الألمانية تتزايد لوقف المشروع نهائياً.
وكررت نائبة الرئيس الأميركي كاملا هاريس التحذيرات الشديدة اللهجة لروسيا وهددتها بعقوبات اقتصادية «لم يسبق لها مثيل» في حال غزت أوكرانيا، وقالت: «لقد أعددنا عقوبات اقتصادية سريعة وموحدة مع شركائنا تتضمن عقوبات مالية وعقوبات على التصدير وكذلك عقوبات تستهدف أشخاصاً يجب أن يتعرضوا للمساءلة والمحاسبة». واتهمت هاريس روسيا بشن حرب إعلامية وبروباغندا «لتبرير اعتدائها» المرتقب، وقالت: «لدينا تقارير تشير إلى ما يبدو أنها استفزازات روسية ونشر أكاذيب حول أوكرانيا بهدف تبرير غزو». وأضافت أن روسيا تكرر استعدادها للحوار ورغم ذلك «تتصرف بشكل مناقض وتستمر بتقليص الطرق الدبلوماسية». وشددت نائبة الرئيس الأميركي على أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين والناتو ما زالوا يسعون بجهد لحل التصعيد دبلوماسياً، ولكن هذه الجهود لم تلق تجاوباً من موسكو حتى الآن.
وتحدث جونسون من جهته باللهجة نفسها وحتى أكثر تصعيداً، وكرر بأن روسيا ستواجه بعقوبات وخيمة ستجعلها غير قادرة على البقاء في السوق المالية في لندن. وذهب جونسون أبعد من ذلك بالقول إن روسيا ستتكبد ثمناً عسكرياً باهظاً لو قررت الغزو، محذراً من أن هذه العملية تهدد بإشعال عمليات انتقامية ضدها متسائلاً كيف ستتمكن موسكو من حكم أوكرانيا بالقوة، ليضيف بأن «روسيا ستفشل» لو قررت غزو أوكرانيا، وأنها «لا يمكنها أن تكسب شيئاً من مغامرة غير محسوبة». وحث أوروبا على التفكير بمستقبل «لا تكون فيه رهينة لغاز بوتين» وأن هناك حاجة للتفكير في «الأيام والأشهر القادمة» عن حلول بديلة «باهظة أكثر» ولكنها ضرورية. ووصف الأسباب التي تعطيها روسيا لحشدها العسكري ومخاوفها من توسع حلف الناتو بأنها «أوهام»، وقال: «هي حلف دفاعي مسالم ويجب أن نعمل مع بوتين لتأكيد ذلك».
أما المستشار الألماني فقد بدا أكثر هدوءاً في تقييمه للحشود العسكرية الروسية، رغم تحذيره بأن «أوروبا مهددة بحرب جديدة». وفيما بدا بأنه تشكيك بتقييم البيت الأبيض وكلام الرئيس الأميركي جو بايدن بأن روسيا ما زالت تعد لغزو أوكرانيا خلال أيام، قال: «لا أحد يعرف تحديداً» كيف تفكر روسيا. وشدد على ضرورة بذل كل الجهود الدبلوماسية لتخفيف التصعيد وقال في إشارة إلى التبريرات الروسية، إن «بوتين يعرف أن ضم أوكرانيا إلى الناتو لن يحصل قريباً ولكن هو يجادل بأن وضع ذلك على الأجندة يعتبر تهديداً، وهو مخطئ».
وشدد شولتز على أن الحوار مع روسيا الغائبة عن مؤتمر ميونيخ، يجب أن يركز على التأكيد على هذه النقطة. ووصف شولتز كلام بوتين عن «مجازر» تجري في إقليم دونباس بأنها «هراء كامل»، في خروج نادر عن الدبلوماسية للمستشار الألماني.
وتقع دونباش في شرق أوكرانيا وتشهد اشتباكات منذ عام ٢٠١٤ بين متمردين يؤيدون الانفصال عن أوكرانيا ويحظون بدعم من موسكو، وبين أولياء لكييف. وردت الخارجية الروسية لاحقاً على كلام شولتز حول دونباس، وقالت بأن وصفه «المجازر» هناك بـ«الهراء» هو أمر «غير مقبول»، وأنه «لا يجب على القيادة الألمانية أن تسخر من هذه القضايا مع مراعاة التجربة التاريخية لألمانيا في قضايا المذابح ضد الناس وانتشار الآيديولوجية الكارثية للبشر»، في إشارة إلى الهولوكست.
ومن بين كل هذه التصريحات الغربية التي طغت هذا العام على مؤتمر الأمن، برزت كلمة وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي تحدث عبر دائرة الفيديو واضطر للاعتذار عن المشاركة الشخصية بسبب استمرار الألعاب الأولمبية في الصين، بحسب منظمي المؤتمر. وشدد على أن بلاده تدعم «استقلال وسيادة كل دولة من بينها أوكرانيا»، مضيفاً أن «أي شخص يشكك بموقف الصين من ذلك يكون يقوض كلامها ولديه نوايا سيئة». وكانت الصين قد نشرت بياناً مشتركاً مع روسيا قبل أسبوعين تنتقد فيها «مساعي حلف الناتو للتوسع»، وعندما سئل يي عن ذلك، قال بأن هذا الانتقاد لم يكن سببه عدم تأييد الصين لسيادة أوكرانيا على أراضيها، بل «لأن حلف الناتو كان نتيجة الحرب الباردة التي انتهت منذ فترة طويلة، مضيفاً أن الوقت حان للتفكير في الحلف مجدداً. وعاد ليتحدث عن التصعيد الروسي وقال إن الدبلوماسية في هذه المسألة يمكنها أن تحل الأزمة.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.