الحوثيون يغلقون الطرق الرئيسية ويضاعفون معاناة اليمنيين

TT

الحوثيون يغلقون الطرق الرئيسية ويضاعفون معاناة اليمنيين

تشهد منعطفات جبال مديرية القبيطة، في محافظة لحج اليمنية، حوادث يومية متكررة لانقلاب قاطرات نقل البضائع؛ إذ أصبح هذا الطريق الريفي المنفذ الوحيد الذي يربط ميناء عدن بمناطق سيطرة ميليشيات الحوثيين، بعدما أغلقت الميليشيات الطرق الرئيسية ضمن مسعاها لإجبار التجار على الاستيراد عبر مواني الحديدة التي لا تزال تحت سيطرتها.
ولم تقتصر المعاناة على الرحلات التجارية؛ بل امتدت إلى المسافرين، بمن فيهم الأطفال والمرضى؛ حيث يقضون على هذا الطريق نحو 3 ساعات قبل أن يصلوا إلى أطراف محافظة عدن.
ويقول محمد يحيى، وهو سائق سيارة لنقل الركاب، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصبح السفر معاناة حقيقية، بعد أن أغلقت الميليشيات طريق الضالع- إب، وطريق يافع– البيضاء، ومن قبلهما طريق كرش- تعز، وأخيراً طريق الجراحي- إب؛ حيث تجتمع قاطرات نقل البضائع وسيارات نقل الأفراد إلى طريق القبيطة، وهو طريق نصفه غير معبد، وجزء منه عبارة عن وادٍ ليس فيه أي ملامح طريق».
يضيف السائق يحيى: «أسوأ مكان في هذا الطريق ليس نقيل مكيحل وظمران؛ بل إن الطريق كله غير صالح لمرور الناقلات، وقد كان يستخدم من قبل سكان تلك المناطق كطريق ريفي تعبره سيارات الدفع الرباعي فقط. فهو ضيق مع منحدرات صعبة، وعند مرور الشاحنات الكبيرة إما أنها تغلق الطريق، وإما أن بعضها -وخصوصاً ذات الحمولة الكبيرة- تفقد توازنها وتنقلب. وهذا المشهد أصبح مألوفاً لدى سكان القرى هناك».
ويصف محمود شاهر، وهو من سكان المنطقة، الوضع بالمأسوي، ويذكر أن «شاحنة كبيرة انقلبت بما تحمل من بضائع إلى وسط الطريق وأغلقته، ولعدم وجود رافعة قادرة على سحبها وفتح الطريق تراكمت الشاحنات والسيارات بركابها من الأطفال والنساء وكبار السن، وبينهم مرضى يقصدون مطار عدن للسفر إلى الخارج؛ حيث لجأوا إلى الأشجار للاحتماء من هجير الشمس، في حين أن المنطقة لا تتوفر فيها مطاعم ولا محطات خدمات ولا دورات مياه».
مئات السيارات وعشرات القاطرات تمر يومياً عبر هذا الطريق الوعر الذي بات المنفذ الوحيد للمتجهين إلى عدن أو المغادرين منها. وهو كذلك منفذ وحيد لنقل البضائع والمساعدات الإغاثية. إلا أن ما يؤرق سكان المنطقة هي المعاناة اليومية التي يشاهدونها؛ حيث يقضي الأطفال والمرضى والعائلات ساعات طويلة في انتظار فتح الطريق الذي يُغلق بسبب انقلاب القاطرات بشكل شبه يومي.
وإلى جانب ذلك، برزت آثار بيئية مدمرة تهدد الزراعة في المنطقة، بسبب تسرب الزيوت نتيجة للحوادث التي كان آخرها انقلاب ناقلة محملة بكمية كبيرة من الديزل؛ حيث غمر الوقود المدرجات الزراعية.
مع ذلك، ووسط هذه المعاناة للمسافرين وناقلات البضائع، فإن بقاء هذا الطريق منفذاً وحيداً للمرور إلى مناطق سيطرة الميليشيات، شكّل مصدر دخل لبعض سكان هذه القرى؛ إذ تمكنوا من افتتاح دكاكين لتزويد المسافرين بالمياه والعصائر المعلبة والوجبات الخفيفة، إلى جانب بيع منتجاتهم من الحلوى التي تُصنع هناك وتحظى بشهرة واسعة؛ حيث يحرص العائدون إلى مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي على شرائها كهدايا معتادة يرغب فيها كثيرون؛ خصوصاً أن إغلاق ميليشيات الحوثي الطريق الأساسي الذي يربط عدن بمحافظة إب أضر بمحلات بيع الحلوى التي كانت منتشرة على بداية الطريق في محافظة لحج.
وكانت الميليشيات الحوثية قد تنصلت من 3 اتفاقات أُبرمت مع الحكومة الشرعية لإعادة فتح طريق عدن- إب، بوساطة منظمات محلية والغرف التجارية والصناعية، وبعد أن وضعت الاشتراطات التي حددتها وقبلت بها الحكومة، عادت الميليشيات ورفضتها في اللحظات الأخيرة قبل تنفيذ الاتفاق.
كما عمدت الميليشيات بعد ذلك إلى إغلاق طريق يافع- البيضاء. ومؤخراً، تسببت في إغلاق طريق التفافي عبر مديرية المخا ومديرية الجراحي، وصولاً إلى مديرية العدين في محافظة إب، عندما هاجمت مواقع القوات المشتركة في الساحل الغربي، عقب إعادة تموضع الأخيرة عند الخطوط المقترحة في «اتفاق استوكهولم» الخاص بوقف إطلاق النار في الحديدة.
راهنت الميليشيات الحوثية على أن إغلاق كافة الطرق التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرتها، سيجبر التجار على الاستيراد عبر مواني الحديدة الخاضعة لسيطرتها؛ لكنها فشلت في ذلك على الرغم من عرضها تقديم خفض في نسبة الجمارك يقارب 40 في المائة؛ حيث أكدت الشركات الملاحية استحالة تسيير سفن إلى تلك المواني، بسبب المخاطر العالية التي تحيط بها.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).