شكوك في عودة سريعة للنفط الإيراني... و«أوبك بلس» متأهبة لكل السيناريوهات

الأسواق تتراجع وسط عدم يقين

لندن: «الشرق الأوسط»
لندن: «الشرق الأوسط»
TT

شكوك في عودة سريعة للنفط الإيراني... و«أوبك بلس» متأهبة لكل السيناريوهات

لندن: «الشرق الأوسط»
لندن: «الشرق الأوسط»

رغم وجود شكوك واسعة حول عودة سريعة للنفط الإيراني إلى الأسواق، قالت مصادر قريبة من «أوبك بلس» إن المجموعة ستعمل على ضم إيران إلى اتفاق الحد من إمدادات النفط إذا تم التوصل إلى تسوية لإحياء اتفاقها النووي مع القوى العالمية، وذلك في محاولة لتجنب تنافس على حصص السوق قد يضر بالأسعار.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن نجاح المحادثات قد يؤدي إلى رفع العقوبات الأميركية عن صادرات إيران، ما يعيد 1.3 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني إلى السوق. ويمكن أن يخفف ذلك من شح الإمدادات العالمية ويخفف قدراً من التوتر الذي دفع بأسعار النفط إلى ما يقل قليلاً عن 100 دولار للبرميل.
وإيران مستثناة من الاتفاق الحالي بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، فيما يعرف باسم مجموعة (أوبك بلس)، للحد من إمدادات النفط، وذلك لتأثير العقوبات على صادراتها. وقالت مصادر إنه في حين أن هذا الاستثناء يسمح لإيران بزيادة الإنتاج، فإن «أوبك بلس» ستسعى في نهاية المطاف إلى ضم إيران إلى الاتفاق.
وقال مصدر في «أوبك بلس»: «من المرجح جداً أن تضم (أوبك) إيران في الاتفاق، لأنه لا يوجد خيار آخر»، مضيفاً أن التوصل لاتفاق بشأن إحياء الاتفاق النووي يبدو وشيكاً. وأفاد مصدر مطلع على الموقف الإيراني بأن طهران ستسعى أولاً لاستعادة إنتاجها المفقود، لكنها ستوافق على الأرجح على حصة بعد محادثات مع «أوبك بلس». وإيران هي أحد الأعضاء الخمسة المؤسسين لمنظمة «أوبك».
وتضخ إيران نحو 2.5 مليون برميل يومياً، أي أقل بنحو 1.3 مليون برميل يومياً مما كان عليه الإنتاج في 2018 عندما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات، ما أدى إلى انخفاض كبير في عائدات طهران النفطية.
وقال المصدر المطلع إنه «برفع العقوبات، ستزيد إيران إنتاجها النفطي بحسب منشآتها وقدراتها ومصالحها لتعويض ما خسرته من العائدات النفطية». وأضاف: «في رأيي، ستحدد (أوبك بلس) حصة لإنتاج النفط الإيراني لكنها ستطبقها تدريجياً، وستقبل إيران الحصة ببعض المساومة لإظهار دعمها لأوبك».
لكن في الوقت ذاته، فإن دبلوماسيين يقولون إن اتفاقاً بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية يحدد مراحل من الخطوات المشتركة لإعادة الجانبين إلى الامتثال الكامل، وقد لا تشمل المرحلة الأولى إعفاءات من العقوبات النفطية. وبالتالي يقول محللون إن هناك فرصة ضئيلة لعودة الخام الإيراني إلى السوق في المستقبل القريب لتخفيف شح المعروض حالياً.
وفي الأسواق، واصلت أسعار النفط خسائرها، يوم الجمعة، متجهة نحو انخفاض أسبوعي، إذ طغى احتمال زيادة صادرات النفط الإيرانية على المخاوف من تعطل محتمل للإمدادات جراء الأزمة الروسية الأوكرانية.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.91 دولار أو 2.05 في المائة إلى 91.06 دولار للبرميل بحلول الساعة 1403 بتوقيت غرينتش، بعد أن أنهى تعاملات اليوم السابق على انخفاض 1.9 في المائة. وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.06 دولار بما يعادل 2.24 في المائة إلى 89.70 دولار للبرميل بعد أن أغلق منخفضاً 2 في المائة في الجلسة السابقة.
وأدت المخاوف من احتمال تعطل الإمدادات نتيجة الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية إلى الحد من الخسائر هذا الأسبوع. وقال ستيفن برينوك، من شركة «بي. في. إم أويل»: «رغم كل الأحاديث عن الحرب والصراع لا يزال اللاعبون في السوق غير مقتنعين. وربما يكون هذا هو السبب في أن علاوة المخاطر الجيوسياسية بدأت في التضاؤل».
ووصل كلا العقدين القياسيين إلى أعلى مستوياتهما منذ سبتمبر (أيلول) 2014 يوم الاثنين الماضي، لكن احتمال تخفيف العقوبات النفطية على إيران وضع الأسعار في مسارها نحو أول انخفاض أسبوعي في تسعة أسابيع.
من جانب آخر، حذر معهد «إيفو» الألماني للبحوث الاقتصادية من ارتفاع أسعار النفط والغاز حال غزت روسيا أوكرانيا. وقال رئيس المعهد كليمنس فوست، يوم الجمعة، في بيان للمعهد: «حتى لو لم يتم تقييد إمدادات الغاز، ستكون هناك صدمة أسعار، مؤقتاً على الأقل... هذا من شأنه أن يؤثر على الأسر والقطاع الصناعي في ألمانيا على حد سواء».
وفي سياق منفصل، قالت إليزابيت ميرفي، المحللة بشركة تحليل أمن الطاقة (إيساي)، إن إنتاج النفط الأميركي لن يعود لمستوى ما قبل الجائحة حتى العام المقبل، رغم ارتفاع سعره إلى 100 دولار للبرميل، حيث يمثل التضخم والعوامل المثبطة للإنتاج عوائق أمام تعافي الصناعة. وبحسب ما ذكرته وكالة بلومبرغ، تقدر ميرفي أن إمدادات الولايات المتحدة سيضاف إليها 900 ألف برميل يومياً خلال العام الجاري، مشيرة إلى ارتفاع التكاليف ومسائل تتعلق بالحفر كعوامل تعوق تحقيق مزيد من النمو. وذكرت ميرفي، في ندوة عبر الإنترنت، أن أعمال الحفر الجديدة لا تتوافق مع عمليات تجهيز الآبار للإنتاج، وأضافت أن البقاء على عدد كبير من الآبار المحفورة حديثاً أمر ضروري للحفاظ على الإنتاج وتنميته.


مقالات ذات صلة

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

الاقتصاد منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

وافق رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة «أدنوك».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)

«روسنفت» و«ريلاينس» تتفقان على أكبر صفقة بين الهند وروسيا لتوريد النفط

قالت 3 مصادر إن شركة النفط الحكومية الروسية «روسنفت» وافقت على توريد ما يقرب من 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى شركة التكرير الهندية الخاصة «ريلاينس».

«الشرق الأوسط» (موسكو - نيودلهي)
الاقتصاد مصفاة النفط «إكسون» في ليندن بنيوجيرسي (أ.ب)

أسعار النفط تحافظ على مكاسبها وسط عوامل متباينة

لم تشهد أسعار النفط تغييراً يذكر في التعاملات الآسيوية المبكرة يوم الخميس، في حين تترقّب الأسواق حالياً أي مؤشرات بشأن التحرك الذي سيتبناه الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد انخفاض مخزونات النفط الخام وارتفاع مخزونات البنزين في أميركا

انخفاض مخزونات النفط الخام وارتفاع مخزونات البنزين في أميركا

أعلنت إدارة معلومات الطاقة يوم الأربعاء أن مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام انخفضت بينما ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.

«الشرق الأوسط» (دنفر)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.