قالت نائلة نويرة وزيرة الصناعة والطاقة التونسية أمس (الجمعة)، إن تونس سترفع أسعار الكهرباء والمحروقات لخفض عجز الطاقة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وهي خطوة من بين حزمة إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية يطالب به المقرضون الدوليون مقابل برنامج إنقاذ مالي.
وتأمل تونس التي تعاني أسوأ أزمة مالية التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان) هذا العام مقابل تنفيذ إصلاحات تهدف لخفض الإنفاق. وتخطط الحكومة لتجميد رفع أجور موظفي القطاع العام، وهي خطوة يُتوقع أن تلاقي رفضاً من اتحاد الشغل ذي التأثير القوي.
وذكرت الوزيرة أيضاً لصحيفة «الصباح» التونسية أن الحكومة ستمنح تراخيص لمشاريع طاقة متجددة لإنتاج 2520 ميغاواط بين 2022 و2025 مع خطط لإنتاج 30% من الكهرباء عبر الطاقات المتجددة في 2030.
وتأتي الخطوة بينما كشفت نتائج استطلاع في تونس نُشرت أمس، أن نحو 53% من التونسيين غير راضين عن سير الأمور في البلاد في وقت تتصاعد فيه الأزمة الاقتصادية.
ومن بين المستجوبين في الاستطلاع الدوري الذي تجريه «مؤسسة سيغما كونساي» مع جريدة «المغرب» اليومية، والخاص بشهر فبراير (شباط)، فإن 35% غير راضين تماماً عن سير الأمور، مقابل 20% أعلنوا عن رضاهم.
وتعاني تونس من أزمة مزدوجة تطال المالية العمومية والاقتصاد، وفي ظل عدم توافق وطني حول الإصلاحات السياسية بعد قرار الرئيس قيس سعيد إعلان التدابير الاستثنائية في يوليو (تموز) الماضي تمهيداً لاستفتاء شعبي وانتخابات برلمانية جديدة في وقت لاحق من العام الجاري.
ويرى 68% من فئة الشباب (ما بين 15 و25 عاماً) أن البلاد تسير في الطريق الخطأ، بينما قال 63% من الذين تجاوزوا الستين عاماً إنهم متفائلون.
ويضغط شركاء تونس والمؤسسات المالية الدولية المقرضة من أجل الانطلاق في إصلاحات اقتصادية عاجلة تشمل مراجعة الدعم وكتلة الأجور والمؤسسات العمومية، إلى جانب إطلاق حوار وطني شامل من أجل ضمان أكبر توافق ممكن حول الإصلاحات.
وخلال تحقيق ميداني لوكالة الصحافة الفرنسية، يشكو التاجر بلال الجاني من محله في إحدى أسواق تونس، من تدهور الوضع الاقتصادي، قائلاً: «رواتب غالبية زبائننا لا تكفيهم لأكثر من أسبوع»، معبّراً عن خشيته من تطوّر هذا الوضع إلى الأسوأ. ويتابع التاجر: «في السابق كان الزبائن يشترون السلع بكميات كبيرة، أمّا اليوم فيقتصرون على كل ما هو ضروري فقط».
وبدورها، تقول دليلة الدريدي، موظفة في وزارة التعليم وتتلقى راتباً شهرياً في حدود الألف دينار (قرابة 345 دولاراً): «عادةً يتبقى لي ما بين 60 و100 دينار كل شهر، واليوم يجب أن أقترض لسداد مصاريف الشهر». وتتجوّل دليلة بين أروقة البضائع المتراصة في سوق الحلفاوين بالعاصمة وتحاول أن تشتري ما تسمح لها به بضعة دنانير في محفظة النقود.
وشرعت تونس منذ (الاثنين) في نقاشات أولية مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض مالي لدعم موازنتها التي لم تتمكن من تجاوز العجز فيها منذ عام 2011. وخلال السنوات الماضية سعت الحكومات المتعاقبة «لضمان السلم الاجتماعي» عبر توظيف أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل في القطاع الحكومي وتضاعَف حجم الموظفين تبعاً لذلك ثلاث مرات خلال عشر سنوات ليصل إلى 650 ألفاً، وهو «من أعلى المستويات في العالم»، وتشغّل الشركات الحكومية 150 ألفاً آخرين، حسب صندوق النقد الدولي.
ولم تتم تنمية المناطق الداخلية المهمّشة، ما زاد في غياب التوازن التنموي بين المناطق، وفق ما يقول المسؤول في «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية». وفاقمت تداعيات وباء «كوفيد - 19» في عام 2020، الأزمة، وسجل الاقتصاد انكماشاً بنسبة 9%، واختلت الموازنة العامة للبلاد. ونبه تقرير نشرته «مجموعة الأزمات الدولية» في يناير (كانون الثاني) الفائت، إلى أن تونس «بالكاد تتمكن من دفع رواتب الموظفين وسداد ديونها الخارجية». ورغم تدخل البنك المركزي للمحافظة على استقرار نسبة التضخم، فإنها تظل في ارتفاع في مستوى 6%. ودفع غلاء المعيشة وفقدان مواطن الشغل إلى مزيد من الفقر بين الطبقة الوسطى، ويسعى الآلاف من الشباب التونسيين للهجرة نحو دول أوروبية.
ويمثّل هذا الوضع تحدياً كبيراً للرئيس قيس سعيّد الذي يحكم البلاد بأوامر رئاسية وبحكومة بإشرافه. ويقول مراقبون إن سعيد «لا يلتقي خبراء في الاقتصاد. يجتمع بخبراء في القانون، بينما مشكلتنا ليست قانونية. هناك أزمة اقتصادية واجتماعية»، مشيرين إلى أن الأزمة الحالية يمكن أن تتسبب في غياب الاستقرار الاجتماعي. «وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة. تنتظر البلاد فقط شرارة كما كان الأمر في عام 2010».
غليان الأسعار يتصاعد في تونس
في ظل نقاشات مع صندوق النقد للحصول على قرض مالي
غليان الأسعار يتصاعد في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة