انقسام باكستاني حول دعم «طالبان» الأفغانية

أنصار «الجماعة الإسلامية» الباكستانية يرفعون لافتة وهم يهتفون بشعارات مناهضة للحكومة خلال احتجاج على ارتفاع أسعار البنزين أمس (أ.ف.ب)
أنصار «الجماعة الإسلامية» الباكستانية يرفعون لافتة وهم يهتفون بشعارات مناهضة للحكومة خلال احتجاج على ارتفاع أسعار البنزين أمس (أ.ف.ب)
TT

انقسام باكستاني حول دعم «طالبان» الأفغانية

أنصار «الجماعة الإسلامية» الباكستانية يرفعون لافتة وهم يهتفون بشعارات مناهضة للحكومة خلال احتجاج على ارتفاع أسعار البنزين أمس (أ.ف.ب)
أنصار «الجماعة الإسلامية» الباكستانية يرفعون لافتة وهم يهتفون بشعارات مناهضة للحكومة خلال احتجاج على ارتفاع أسعار البنزين أمس (أ.ف.ب)

يبدو أن نخبة صناعة السياسة الخارجية الباكستانية منقسمة حول مسألة الدعم الكامل لـ«طالبان» الأفغانية، مع تأييد أغلبية الرأي بوضوح تقديم الدعم الكامل لنظام «طالبان» في كابول، مع مناشدة المجتمع الدولي بقضيتها، واحتجاج رأي الأقلية بأن دعم «طالبان» الأفغانية العلني لحركة «طالبان» الباكستانية يمكن أن يصبح مصدر صداع كبير للبلاد.
إلا أن رأى الأقلية يزداد في ضوء الوضع الأمني غير المستقر على الحدود الباكستانية الأفغانية، حيث نفذت جماعات «طالبان» الباكستانية هجمات متكررة على قوات الأمن الباكستانية في الأسابيع الأخيرة. ونتيجة لذلك، أوصت مكاتب الخارجية الباكستانية بوضوح رئيس الوزراء عمران خان، بعدم تقديم اعتراف دبلوماسي بنظام «طالبان»، حتى يقوم المجتمع الدولي بذلك أيضاً. أو حتى ذلك الوقت، يخفف المجتمع الدولي من موقفه تجاه نظام «طالبان» في كابول.
وكان وفد حكومي باكستاني قد زار كابول، الشهر الماضي، لتقييم الاحتياجات العاجلة لنظام «طالبان» في كابول لحل قضايا الحكم. وعلم أن الباكستانيين ربما يساعدون نظام «طالبان» في إدارة الشؤون المالية للدولة الأفغانية كإجراء مؤقت.
وهناك اتفاق غير معلن بين الحكومة الباكستانية و«طالبان» الأفغانية بأن تقدم المخابرات الباكستانية معلومات استخباراتية في الوقت المناسب إلى «طالبان» الأفغانية لقتال تنظيم «داعش خراسان» داخل أفغانستان.
وتعرب باكستان عن قلقها العميق إزاء إمكانية أن تكون حركة «طالبان» الأفغانية قادرة على السيطرة على العنف داخل حدودها، وأن أي نوع من العنف يحدث داخل حدودها لا ينبغي أن يمتد إلى البلدان المجاورة.
وتتنافس «طالبان» الأفغانية مع تنظيم «داعش» للتغلب على «طالبان» الباكستانية. وعلى هذا النحو، قامت «طالبان» الأفغانية والباكستانية بعمليات مشتركة ضد قوات «الناتو» في الماضي. هناك اختلاف في الرأي داخل «طالبان» الأفغانية حول ما إذا كان سيتم دعم «جهاد» طالبان ضد الدولة الباكستانية. ولكن ليس هناك قلة بين المتطرفين من صفوفهم الذين دعموا بقوة الهجمات الإرهابية ضد الدولة الباكستانية في الماضي. والسؤال المهم بالنسبة لباكستان ليس ما إذا كانت «طالبان» الأفغانية تنجح في التغلب على «طالبان» الباكستانية، وترغم الأخيرة على الانفصال عن تنظيم «داعش» تنظيمياً وآيديولوجياً. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كان نظام «طالبان» سوف يمنع قيادة «طالبان» الباكستانية التي لا تزال تقيم في المدن الحدودية على الجانب الأفغاني من الحدود الدولية من استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات إرهابية داخل باكستان.
إن هذه المسألة هي بقدر ما هي مسألة نيات بقدر ما هي مسألة قدرات، وهذا يعني بعبارة أخرى ما إذا كانت لدى «طالبان» الأفغانية القدرة العسكرية والاستخباراتية على منع الهجمات ضد باكستان انطلاقاً من الأراضي الأفغانية. ومن أجل بناء هذه القدرة، وافق مؤتمر رؤساء الاستخبارات الإقليمي، الذي عُقد في إسلام آباد في أغسطس (آب) عام 2021 على تزويد «طالبان» الأفغانية بتقييمات استخباراتية للأوضاع على الأرض.
ومع ذلك، سيكون من غير الحكمة على الإطلاق من جانب المخططين الأمنيين الباكستانيين الاعتماد على «طالبان» الأفغانية من أجل تحقيق أمن باكستان في مواجهة عودة ظهور التهديد النابع من «طالبان» الباكستانية. إن الإرهاب والتشدد هما من طبيعة هيكل وآيديولوجية «طالبان» التنظيمية. إن توقع أي تغيير في طبيعة «طالبان» الباكستانية سوف يثبت أنه سذاجة على أعلى المستويات.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.