عندما واجه روبرتو باجيو دييغو مارادونا

فيلمان وثائقيان عن النجم الإيطالي والأسطورة الأرجنتينية

باجيو ومارادونا وجهاً لوجه في مواجهة فيورنتينا ونابولي في الدوري الإيطالي موسم 1989- 1990 (غيتي)
باجيو ومارادونا وجهاً لوجه في مواجهة فيورنتينا ونابولي في الدوري الإيطالي موسم 1989- 1990 (غيتي)
TT

عندما واجه روبرتو باجيو دييغو مارادونا

باجيو ومارادونا وجهاً لوجه في مواجهة فيورنتينا ونابولي في الدوري الإيطالي موسم 1989- 1990 (غيتي)
باجيو ومارادونا وجهاً لوجه في مواجهة فيورنتينا ونابولي في الدوري الإيطالي موسم 1989- 1990 (غيتي)

من الغريب أن يتم تكريس الكثير من الجهد للاحتفال باللاعبين العظماء في الماضي من خلال القصص التي قيلت عنهم بدلاً من التركيز على ما كانوا يقدمونه داخل الملعب. إن هذا الأمر يشبه محاولة فهم الموسيقار النمساوي العظيم موتسارت من خلال النظر إلى صفحته على «ويكيبيديا» بدلاً من الاستماع إلى موسيقاه!
لقد كان الأسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا والنجم الإيطالي روبرتو باجيو من أعظم اللاعبين الموهوبين في تاريخ الدوري الإيطالي الممتاز. لكن بالنسبة لأولئك الذين ولدوا بعد فترة تألقهما، قد يكون من السهل لهم تذكر هذين النجمين من خلال القصص والروايات التي قيلت عنهما، لكن الحقيقة هي أن التركيز كثيراً على القصص المتعلقة بمسيرة أي لاعب تجعلنا نغفل عن الأشياء التي جعلته لاعباً استثنائياً في المقام الأول. إن أفضل إنجاز للفيلم الوثائقي الذي أخرجه المخرج البريطاني آصف كاباديا عن مارادونا لا يكمن في الكيفية التي روى بها قصة حياة دييغو مارادونا، لكن في الكيفية التي ساعد بها المشاهدين على فهم مارادونا من خلال جعل كرة القدم هي نقطة البداية الحقيقية لهذا الاستكشاف.
وفي المقابل، وقع الفيلم الوثائقي عن باجيو في فخ السرد والحكايات بدلاً من التركيز على كرة القدم. لقد أظهر الفيلم الكثير من معاناة ونضال باجيو، لكنه لم يظهر سوى القليل من عبقريته. قد يشاهد الجيل الجديد الفيلم الوثائقي عن باجيو ويعتقد أن هذا اللاعب لم يقدم ما يتناسب مع الإمكانات والقدرات الهائلة التي كان يمتلكها، لكن الحقيقة على أرض الملعب تروي قصة مختلفة تماماً. دعونا نعود «إلى الأشياء نفسها» ونعرف جيداً ما قدمه هذان النجمان من خلال ما قدماه داخل المستطيل الأخضر، وتحديداً في اللقاء الذي جمع بينهما في الدوري الإيطالي الممتاز في 17 سبتمبر (أيلول) 1989 في المباراة التي فاز فيها نابولي على فيورنتينا بثلاثة أهداف مقابل هدفين.
لقد كان السباق على الحذاء الذهبي للدوري الإيطالي الممتاز في موسم 1989 - 1990 هو الأكثر شراسة في التاريخ، حيث جاء باجيو في المركز الثالث، ومارادونا في المركز الثاني، والمهاجم الهولندي الفذ ماركو فان باستن في المركز الأول. والتقى باجيو ومارادونا وجهاً لوجه في سبتمبر، عندما استضاف نابولي فيورنتينا. وكان الشوط الأول في صالح باجيو، أما مارادونا فلم يكن لائقاً بما يكفي لبدء المباراة، لذلك جلس على مقاعد البدلاء. كان النجم الأرجنتيني يشاهد المباراة من الخارج وهو يرتدي بدلة رياضية بشعره الطويل ولحيته، على طريقة تشي جيفارا، بينما كان باجيو يرتدي القميص رقم 10 ويصول ويجول داخل المستطيل الأخضر ويمتع الجماهير بتحركاته السلسة وتحكمه الاستثنائي في الكرة. وكما كان الحال مع مارادونا، كانت المهارة الفائقة لباجيو تجبر المنافسين على التدخل عليه بكل قوة وعنف، ولم يتطلب الأمر وقتاً طويلاً للقيام بذلك، فمع أول لمسة في المباراة تم التدخل على باجيو بقوة وسقط أرضاً وهو يتألم، وسط قلق بالغ من جميع المشاهدين.
لكنه نهض وواصل إزعاجه لدفاعات نابولي. وبعد دقائق معدودة، أبهر باجيو الجميع بلمسة سحرية، حيث كانت هناك ركلة ركنية لنابولي وسقطت الكرة أمام منطقة جزاء فيورنتينا ليستقبلها باجيو وينطلق بها بسرعة جنونية، لكن الكرة كانت تبدو وكأنها ملتصقة بقدميه، بينما كان أحد لاعبي خط وسط نابولي يحاول اللحاق به دون جدوى. وبعدما تجاوز باجيو خط المنتصف نجح في المرور من أليساندرو رينيكا، الذي انزلق تحت قدميه لاستخلاص الكرة دون جدوى، ثم راوغ سيرو فيرارا، وبالتالي لم ينجح اثنان من أفضل المدافعين في حقبة الثمانينات بأكملها في إيقافه. وعندما دخل باجيو منطقة جزاء نابولي، سارع حارس المرمى، جوليانو جولياني، بالتقدم إلى الأمام، فراوغه باجيو بسهولة ووضع الكرة في الشباك الخالية، ليحرز هدفاً استثنائياً من لاعب استثنائي.
لقد كانت دفاعات نابولي تعاني بشدة أمام مهارة باجيو، الذي لم يكن يتوقف عن الحركة وكان يعود إلى الخلف من أجل تسلم الكرة من منتصف الملعب، كما كان يتلاعب بظهيري الجنب ويمرر كرات دقيقة للغاية بين خطي الوسط والدفاع. وكان يبدو أن هذا الأداء الساحر من جانب باجيو قد أصاب لاعبي نابولي بالدوار وفقدان التركيز، لدرجة أن جولياني لعب الكرة مباشرة إلى باجيو على الجناح الأيمن، ليتقدم الساحر الإيطالي داخل منطقة الجزاء ويراوغ رينيكا، الذي قرر أن يتدخل عليه بعنف هذه المرة، ليحتسب حكم اللقاء ركلة جزاء لفيورنتينا. ولم يجد باجيو أي صعوبة في وضع الكرة في الشباك لتصبح النتيجة تقدم فيورنتينا بهدفين دون رد بعد مرور 33 دقيقة.
وهنا، كان يتعين على نابولي إقحام مارادونا. وعندما قام اللاعب الأكثر شهرة في العالم وهو يرتدي القميص رقم 16 ليجري عمليات الإحماء، اهتز الملعب بهتافات 53 ألف متفرج، وكان مارادونا يبدو وكأنه جنرال يعطي الأوامر لزملائه في الفريق ويحفزهم على القتال حتى النهاية. وبمجرد أن وضع مارادونا قدمه داخل الملعب أدى ذلك إلى تبديد سحر باجيو، ومسك مدافع فيورنتينا الكرة داخل منطقة الجزاء لمنع مارادونا من تسلمها، ليحتسب حكم اللقاء ضربة جزاء لنابولي، لكن مارادونا أهدر ركلة الجزاء، لكي يعلن للجميع أنه حتى الأساطير يمكنها أن تخطئ في بعض الأحيان!
ورغم إهدار ركلة الجزاء، قدم مارادونا أداءً رائعاً وقاد نابولي للضغط على فيورنتينا والتقدم للأمام، وخلق العديد من المشاكل لدفاعات فيورنتينا الذي كان يبدو حصيناً ومنيعاً قبل دخول مارادونا. ولُعبت كرة عرضية من ناحية اليسار، وكان بانتظارها ثلاثة لاعبين من نابولي من بينهم مارادونا، وتمكن ستيفانو بيولي من استقبالها ووضعها في الشباك، مقلصاً النتيجة إلى هدفين مقابل هدف وحيد.
وواصل مارادونا قيادة فريقه إلى الأمام، وسدد أكثر من ركلة حرة من مسافة بعيدة شكلت خطورة هائلة على مرمى فيورنتينا، وكان لا يتوقف عن الحركة يميناً ويساراً، ويدخل منطقة الجزاء لكي يجذب انتباه المدافعين ويسمح لزملائه بالانطلاق في المساحات الخالية. وتعادل نابولي عندما وصلت تمريرة إلى قدمي كاريكا، الذي كان خالياً تماماً من الرقابة، لأن جميع أنظار مدافعي فيورنتينا كانت تتجه نحو مارادونا، وسدد اللاعب البرازيلي الكرة في المرمى لتصبح النتيجة التعادل بهدفين لكل فريق.
وقبل نهاية الوقت الأصلي للمباراة بثلاث دقائق، أرسل مارادونا تمريرة عرضية متقنة من ركلة ركنية من الناحية اليسرى لتصل الكرة داخل منطقة الجزاء إلى جيانكارلو كوراديني ليضعها في المرمى، وتصبح النتيجة تقدم نابولي بثلاثة أهداف مقابل هدفين بعدما كان متأخراً بهدفين دون رد. في الحقيقة، تلقي هذه المباراة الضوء على جزء بسيط من مسيرة لاعبين من أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم كرة القدم العالمية على مر التاريخ. لقد كان باجيو لاعباً استثنائياً ويوظف مهاراته وإمكاناته من أجل مصلحة الفريق، وكان يصنع ويسجل الأهداف مع فيورنتينا. لقد كان هذا الدور مناسباً تماماً له طوال مسيرته الكروية، وربما يفسر السبب في أن أفضل نجاحاته كانت مع الأندية البعيدة عن دائرة الضوء.
أما مارادونا فكان سعيداً للغاية بدور القائد. لقد نزل إلى أرض الملعب وهو يعطي التعليمات لزملائه، وكان لاعبو نابولي سعداء للغاية وهم ينفذون هذه التعليمات، وهو الأمر الذي ساعدهم على تحويل تأخرهم بهدفين دون رد إلى الفوز بثلاثة أهداف مقابل هدفين في نهاية المطاف. وربما يفسر هذا السبب في أن مارادونا نجح في الفوز بكأس العالم، في حين لم ينجح باجيو في ذلك! لكن بالعودة إلى «الأشياء نفسها»، يمكننا ببساطة الاستمتاع بحقيقة أن العبقرية يمكن أن توجد بأشكال مختلفة في ملاعب كرة القدم، كما أننا كنا محظوظين للغاية لرؤية هذين اللاعبين الاستثنائيين وهما يلعبان في نفس الوقت.



بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.