لا تشير المعطيات والمعلومات الأولوية المتوفرة حتى الساعة حول المرشحين للانتخابات النيابية إلى أن عدد النساء في البرلمان المقبل سيزيد عما هو عليه اليوم، بما أن الكتل النيابية التي لم تقر قانون «الكوتا النسائية» لم تبدل رأيها في عملية الترشيح، ولا تزال أسماء الرجال هي التي تطغى على ما سرب من لوائح الأحزاب حتى الساعة، فيما يبقى التعويل على إمكانية إحداث خرق ما من قبل مجموعات المجتمع المدني.
وفي حين يتسلح معظم الأحزاب بمقولة: «المرأة لا يجب أن تنحصر في كوتا»، معتبرين أن القانون لا يمنعها من الترشح وبالتالي عليها هي إثبات نفسها في هذا الإطار، خطا بعض الأحزاب خطوة إلى الأمام عبر فرض «كوتا داخلية» في الحزب على غرار ما فعل «الحزب التقدمي الاشتراكي»، الذي رشح حتى الآن سيدتين على لوائحه، فيما عمد البعض الآخر إلى ترشيح سيدة واحدة على أبعد تقدير، وتنطلق معظم الأحزاب في مقاربتها الموضوع مما تعتبره متطلبات السياسة والتحالفات الانتخابية.
فالحزب الاشتراكي الذي أقر «الكوتا» في نظامه الداخلي أعلن ترشيح السيدة حبوبة عون في دائرة الشوف – عالية وعفراء عيد في طرابلس، بعيدا عن معايير الربح والخسارة، فيما يبدو حتى الساعة أن معظم الأحزاب الأخرى تتجه إلى ترشيح سيدة واحدة، إذ في حين أعلن «التيار الوطني الحر» ترشيح الوزيرة السابقة ندى بستاني في دائرة كسروان و«حزب القوات» أبقى على ترشيحه للنائبة ستريدا جعجع، يبدو توجه «حركة أمل» للإبقاء على ترشيح النائبة عناية عز الدين في وقت يستبعد «حزب الله» العنصر النسائي من لوائحه، وهو الذي سبق أن أعلن صراحة في البرلمان رفضه لقانون «الكوتا».
وللمفارقة معظم هذه الأحزاب التي ترفع شعار حق المرأة في المشاركة بالحياة السياسية ورفضت التصويت على قانون «الكوتا النسائية» في الجلسة التشريعية التي عقدت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأعيد إلى اللجان النيابية لمزيد من الدرس، كانت قد قدمت اقتراحات قوانين. وأبرز هذه القوانين تلك المقدمة من «التحالف المدني» وآخر من «الاشتراكي» الذي ينص على أن تضم كل لائحة 30 في المائة من النساء، فيما كان اقتراح «التيار الوطني الحر» قد نص على اعتماد الكوتا في الانتخابات المقبلة أي عام 2026.
وعن هذا الموضوع تلفت مصادر «حزب القوات» إلى أن التوجه هو لترشيح سيدتين من أصل حوالي 20 مرشحا، بينهما النائبة ستريدا جعجع، على أن يحسم الأمر في نهاية مهلة تقديم الترشيحات، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة لنا لسنا مع مبدأ الكوتا لأننا لا نميز بين رجل وامرأة والفرص متاحة للاثنين وفقا للمعطيات السياسية والانتخابية».
في المقابل، وفي حين بات مؤكدا ترشيح «الوطني الحر» للوزيرة السابقة ندى البستاني، تقول جمانة سليلاتي، مسؤولة لجنة المرأة المركزية في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن أسماء المرشحين تحسمها الانتخابات الداخلية في «التيار» التي وصلت إلى مرحلتها الأخيرة، وسيعلن عن نتائجها قريبا وترشح خلالها سبع نساء، مشيرة إلى أن ترشيح النساء تحكمه ثلاثة شروط هي، إرادة المرأة بالدرجة الأولى والإرادة الحزبية أي قرار الحزب، إضافة إلى التحالفات السياسية التي تتحكم بشكل أساسي في الموضوع. وهنا تتوقف سلسلاتي عند أهمية اندفاع المرأة نفسها ليس فقط للترشح بل للمشاركة في الحياة السياسية بشكل عام.
في المقابل وأمام هذه الخريطة النسائية المحدودة في لوائح الأحزاب الكبرى، يُسجَّل تحرك لافت في لبنان عبر المجتمع المدني وتحديدا في حملة إعلانية وإعلامية تقوم بها مؤسسة «فيفتي فيفتي»، لتشجيع المرأة على الترشح، والتأكيد على حقها بأن تكون موجودة في القرار السياسي تحت شعار «تركونا نقعد محلنا».
وتتحدث مديرة الجمعية والناشطة النسوية جويل أبو فرحات عن هذه الحملة وأهدافها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما أسقط قانون الكوتا النسائية في الجلسة التشريعية وأعيد إلى اللجان، وبات من المستحيل إقراره قبل انتخابات هذا العام رأينا أن من الضروري الإضاءة على دور المرأة عبر حملة قوية، والتركيز على أهمية حضورها لا سيما في هذه المرحلة، حيث يتم العمل على تكوين لوائح المرشحين، لتشكل ضغطا على كل الأحزاب الناشئة والممثلة في البرلمان».
وتلفت أبو فرحات إلى أنهم كجمعية يعملون في هذه المرحلة مع حوالي 200 امرأة لتحضيرهن للانتخابات، آملة أن يترشح منهن أكبر عدد ممكن، وتقول في العام 2018 ترشحت 113 امرأة 86 منهن ضمن لوائح نجحت منهن ست نائبات، ونأمل أن يكون هذا العام بين 90 و95 مرشحة ضمن اللوائح.
وتتوقف أبو فرحات عند بعض الصعوبات التي تواجه النساء هذا العام أكثر من الاستحقاق السابق، مشيرة إلى أن شروط الترشح أصعب في ظل الحالة السياسية والأزمة الاقتصادية، حيث المطلوب دفع مبلغ 30 مليون ليرة عن كل مرشحة إضافة إلى أن الواقع السياسي يضعهن أمام مسؤولية كبيرة.
وفي رد منها على من يقول إن النساء لسن بحاجة إلى كوتا والقانون يسمح لهن بالترشح، ولا يفرض عليهن شروطاً، وبالتالي على المرأة أن تبادر، تقول أبو فرحات: «هذه حجة يتسلحون بها بحيث إنهم ولا سيما رؤساء الأحزاب، لو كانت لديهم الرغبة والنية في مشاركة المرأة لأدخلوها في اللوائح»، وتضيف «في العام 2018 ترشحت 113 سيدة مقارنة بـ12 مرشحة عام 2009، وهذا يؤكد أنهن راغبات بالترشح لكن الأحزاب لا تقوم بأي جهد لهذا الهدف»، وتؤكد «في النهاية القرار لرؤساء الأحزاب الذكوريين الذين يعتبرون أن المرأة موجودة في الحزب لدعم الرجل فقط وهذا واضح في سلوكيات الجميع».
المرأة تكاد تغيب عن لوائح مرشحي الأحزاب اللبنانية للانتخابات
بعدما رفضت الكتل إقرار «الكوتا النسائية»
المرأة تكاد تغيب عن لوائح مرشحي الأحزاب اللبنانية للانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة