الصدر يحدد ملامح «حكومة الأغلبية الوطنية»

«فتح ملفات الفساد وارتفاع مشروط لسعر الدولار»

مقتدى الصدر (واع)
مقتدى الصدر (واع)
TT

الصدر يحدد ملامح «حكومة الأغلبية الوطنية»

مقتدى الصدر (واع)
مقتدى الصدر (واع)

في وقت لا تزال فيه الخلافات بين الكتل السياسية العراقية على أشدها، لا سيما حول منصب رئيس الجمهورية، حدد زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، ملامح برنامج الحكومة التي يعمل على تشكيلها، وهي حكومة الأغلبية الوطنية. وبينما عقدت كتلته البرلمانية مؤتمراً صحافياً، أمس ،في بغداد تناولت فيه مجمل الأوضاع التي تمر بها البلاد، أعلن الصدر أنه إذا كان لا بد من ارتفاع أسعار صرف الدولار، فلا بد أن يؤخذ في الاعتبار الوضع المعيشي للطبقة الفقيرة.
إعلان الصدر هذا مؤيد ضمناً لحكومة رئيس الوزراء الحالي المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، الذي اتخذت حكومته قراراً برفع سعر صرف الدولار، الأمر الذي أغضب القوى السياسية المعارضة له بدعوى أن ارتفاع سعر الدولار ترك آثاراً سلبية كبيرة على الفقراء. وكان الكاظمي أعلن رداً على تلك الاعتراضات أن حكومته وضعت بنداً في موازنة العام الماضي (2021) يقضي بتعويض أصحاب الدخل المحدود لمواجهة تداعيات الارتفاع، غير أن الكتل السياسية المعارضة، التي تهيمن على البرلمان السابق لم تصوت على تلك الفقرة في محاولة منها لجعل الكاظمي في مواجهة الشارع. لكنه طبقاً لما أعلنه الصدر أمس في تدوينة على «تويتر» بعد يوم من استقباله الكاظمي في مقره بالحنانة في مدينة النجف، فإنه «بعد ارتفاع أسعار صرف الدولار، وما فيه من فوائد ومضارّ، فإنه لا ينبغي على الإطلاق أن يكون ارتفاعه ارتفاعاً في أسعار السوق، لا سيما ما يخص السلع المهمة التي يحتاج إليها الشعب في حياته اليومية على الإطلاق. وطلب الصدر من الحكومة «التعامل مع كل المخالفين بحزم مهما كان الفاعل». وقال: «إن كانت هناك فائدة مدّعاة من ارتفاع أسعار صرف الدولار، فإنه لا يجب أن تكون على حساب الشعب والفقراء والمعدومين والمساكين، وإلا فإن ذلك سيكون ظلماً لا محالة».
إلى ذلك، تعهدت «الكتلة الصدرية» بفتح جميع الملفات، بما فيها ملفات الفساد، فضلاً عن كل ما يتعلق بحياة المواطن العراقي. وقالت «الكتلة» في مؤتمر صحافي عقدته أمس في بغداد: «انطلاقاً من المسؤولية الوطنية إزاء ما ورد في رسالة السيد مقتدى الصدر إلى البرلمان العراقي، وما بيَّنه من عدم اقتصار دور مجلس النواب على تشكيل الحكومة أو انتخاب الرئاسات الثلاث، وضرورة تفعيل الدور الرقابي والتشريعي المناط به معاً، تحقيقاً لما يصبو إليه أبناء شعبنا المظلوم من تحقيق المصالحة وتأمين حاجاته الضرورية». وأضافت الكتلة أنها «تعاهد الصدر بأن مضامین رسالته منهاج عمل ونبراساً يستضيء به أعضاء الكتلة من خلال العمل الفاعل مع بقية الشرفاء من إخوانهم من أعضاء المجلس للنهوض بالمهام الرقابية التي عهد الدستور القيام بها إليهم، وتقييم وتقويم عمل السلطة التنفيذية بكل مفاصلها، والإدارات المحلية، ومساءلة المقصرين في أداء الواجبات الوطنية والأخلاقية تجاه أبناء الشعب عامة والفئات المحرومة بنحو خاص». كما تعهدت أيضاً «بسنّ التشريعات الهادفة إلى تأمين وتلبية متطلبات وتطلعات المواطن، وبما يخدم مصلحة العراق بعيداً عن الضغوطات والتدخلات والمصالح الضيقة».
وبشأن موقف الكتلة الصدرية من قرار المحكمة الاتحادية الأخير بشأن عدم أحقية حكومة إقليم كردستان ببيع النفط المستخرج من أراضي الإقليم اكتفت الكتلة الصدرية بالقول إن «قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة لجميع السلطات»، وهو ما يعني تأييداً لهذا القرار الذي أعلنت حكومة كردستان رفضه لهذا القرار في وقت يتحالف الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في إطار التحالف الثلاثي الذي يضم أيضاً تحالف السيادة السني بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي. سياسياً لم يتزحزح الصدر عن موقفه الرافض لإشراك زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في الحكومة المقبلة، وهو ما جعل العلاقة معقدة بينه وبين قوى الإطار التنسيقي الذي ينتمي إليه المالكي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.