الصدر يحدد ملامح «حكومة الأغلبية الوطنية»

«فتح ملفات الفساد وارتفاع مشروط لسعر الدولار»

مقتدى الصدر (واع)
مقتدى الصدر (واع)
TT
20

الصدر يحدد ملامح «حكومة الأغلبية الوطنية»

مقتدى الصدر (واع)
مقتدى الصدر (واع)

في وقت لا تزال فيه الخلافات بين الكتل السياسية العراقية على أشدها، لا سيما حول منصب رئيس الجمهورية، حدد زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، ملامح برنامج الحكومة التي يعمل على تشكيلها، وهي حكومة الأغلبية الوطنية. وبينما عقدت كتلته البرلمانية مؤتمراً صحافياً، أمس ،في بغداد تناولت فيه مجمل الأوضاع التي تمر بها البلاد، أعلن الصدر أنه إذا كان لا بد من ارتفاع أسعار صرف الدولار، فلا بد أن يؤخذ في الاعتبار الوضع المعيشي للطبقة الفقيرة.
إعلان الصدر هذا مؤيد ضمناً لحكومة رئيس الوزراء الحالي المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، الذي اتخذت حكومته قراراً برفع سعر صرف الدولار، الأمر الذي أغضب القوى السياسية المعارضة له بدعوى أن ارتفاع سعر الدولار ترك آثاراً سلبية كبيرة على الفقراء. وكان الكاظمي أعلن رداً على تلك الاعتراضات أن حكومته وضعت بنداً في موازنة العام الماضي (2021) يقضي بتعويض أصحاب الدخل المحدود لمواجهة تداعيات الارتفاع، غير أن الكتل السياسية المعارضة، التي تهيمن على البرلمان السابق لم تصوت على تلك الفقرة في محاولة منها لجعل الكاظمي في مواجهة الشارع. لكنه طبقاً لما أعلنه الصدر أمس في تدوينة على «تويتر» بعد يوم من استقباله الكاظمي في مقره بالحنانة في مدينة النجف، فإنه «بعد ارتفاع أسعار صرف الدولار، وما فيه من فوائد ومضارّ، فإنه لا ينبغي على الإطلاق أن يكون ارتفاعه ارتفاعاً في أسعار السوق، لا سيما ما يخص السلع المهمة التي يحتاج إليها الشعب في حياته اليومية على الإطلاق. وطلب الصدر من الحكومة «التعامل مع كل المخالفين بحزم مهما كان الفاعل». وقال: «إن كانت هناك فائدة مدّعاة من ارتفاع أسعار صرف الدولار، فإنه لا يجب أن تكون على حساب الشعب والفقراء والمعدومين والمساكين، وإلا فإن ذلك سيكون ظلماً لا محالة».
إلى ذلك، تعهدت «الكتلة الصدرية» بفتح جميع الملفات، بما فيها ملفات الفساد، فضلاً عن كل ما يتعلق بحياة المواطن العراقي. وقالت «الكتلة» في مؤتمر صحافي عقدته أمس في بغداد: «انطلاقاً من المسؤولية الوطنية إزاء ما ورد في رسالة السيد مقتدى الصدر إلى البرلمان العراقي، وما بيَّنه من عدم اقتصار دور مجلس النواب على تشكيل الحكومة أو انتخاب الرئاسات الثلاث، وضرورة تفعيل الدور الرقابي والتشريعي المناط به معاً، تحقيقاً لما يصبو إليه أبناء شعبنا المظلوم من تحقيق المصالحة وتأمين حاجاته الضرورية». وأضافت الكتلة أنها «تعاهد الصدر بأن مضامین رسالته منهاج عمل ونبراساً يستضيء به أعضاء الكتلة من خلال العمل الفاعل مع بقية الشرفاء من إخوانهم من أعضاء المجلس للنهوض بالمهام الرقابية التي عهد الدستور القيام بها إليهم، وتقييم وتقويم عمل السلطة التنفيذية بكل مفاصلها، والإدارات المحلية، ومساءلة المقصرين في أداء الواجبات الوطنية والأخلاقية تجاه أبناء الشعب عامة والفئات المحرومة بنحو خاص». كما تعهدت أيضاً «بسنّ التشريعات الهادفة إلى تأمين وتلبية متطلبات وتطلعات المواطن، وبما يخدم مصلحة العراق بعيداً عن الضغوطات والتدخلات والمصالح الضيقة».
وبشأن موقف الكتلة الصدرية من قرار المحكمة الاتحادية الأخير بشأن عدم أحقية حكومة إقليم كردستان ببيع النفط المستخرج من أراضي الإقليم اكتفت الكتلة الصدرية بالقول إن «قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة لجميع السلطات»، وهو ما يعني تأييداً لهذا القرار الذي أعلنت حكومة كردستان رفضه لهذا القرار في وقت يتحالف الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في إطار التحالف الثلاثي الذي يضم أيضاً تحالف السيادة السني بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي. سياسياً لم يتزحزح الصدر عن موقفه الرافض لإشراك زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في الحكومة المقبلة، وهو ما جعل العلاقة معقدة بينه وبين قوى الإطار التنسيقي الذي ينتمي إليه المالكي».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.