إسرائيل تعزز قبضتها في الشيخ جراح وتخفض التوتر

الحكومة تبحث عن مخارج لإنهاء الأزمة... والسلطة تريد حماية دولية

تجمُّع احتجاجي وسط غزة ضد إخلاء بيوت الفلسطينيين في الشيخ جراح لصالح المستوطنين (أ.ف.ب)
تجمُّع احتجاجي وسط غزة ضد إخلاء بيوت الفلسطينيين في الشيخ جراح لصالح المستوطنين (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعزز قبضتها في الشيخ جراح وتخفض التوتر

تجمُّع احتجاجي وسط غزة ضد إخلاء بيوت الفلسطينيين في الشيخ جراح لصالح المستوطنين (أ.ف.ب)
تجمُّع احتجاجي وسط غزة ضد إخلاء بيوت الفلسطينيين في الشيخ جراح لصالح المستوطنين (أ.ف.ب)

عززت إسرائيل من قبضتها على حي الشيخ جراح في القدس، ما ساهم في خفض مستوى التوتر هناك، في وقت تبحث فيه الحكومة الإسرائيلية عن حلول تمنع تصعيد الموقف، بعدما اقتحم عضو «الكنيست» المتطرف بن غفير، الحي، وأقام مكتباً له هناك بدعوى حماية ودعم اليهود في الجزء الغربي من الحي الذي يشهد خلافات على أراضٍ ومنازل.
وواصلت الشرطة الإسرائيلية حصار الحي، بعدما أخرجت الجميع من داخله، وأغلقت الشوارع الرئيسية في الجزء الغربي الذي أقام بن غفير فيه خيمته على أرض عائلة سالم المصادرة، ودفعت بتعزيزات للحي، ونصبت مزيداً من الحواجز، ومنعت أي تدفق للفلسطينيين أو اليهود للحي خشية تصاعد الأحداث.
وفي وقت أبقت فيه الشرطة الإسرائيلية على مكتب بن غفير، هدمت بالقوة للمرة الثانية مكتباً أقامه الناشط المعروف محمد أبو الحمص الذي قال إنهم أعطوه دقيقة واحدة لإخلاء المكتب الذي نصبه رداً على مكتب بن غفير، ثم انقضوا عليه وطردوه من المكان. ويجلس أبو الحمص مع آخرين من عائلة سالم، في شارع رئيسي في الحي، يضم أيضاً خيمة بن غفير ومنزلين لمستوطنين هناك، ما يجعل المنطقة الصغيرة متوترة إلى أقصى أحد.
وحاول مستوطنون استفزاز الأهالي، أمس، وشتموهم، ورد الفلسطينيون بشتائم قبل أن تتدخل الشرطة وتفصل بينهم. وقالت الحاجة نفيسة خويص: «إنهم يحاولون طردنا بكل الطرق؛ لكن الأرض أرضنا، والحق حقنا، والدار درانا، ومش طالعين».
ويدور خلاف حاد حول قطعة أرض وبيت لدار سالم، تقول عائلة يهودية إنها تملكهما، ويقول الفلسطينيون إنهم أصحاب الأرض الحقيقيين، وما يدور ليس سوى محاولة لتهجير السكان وزيادة عدد اليهود.
ومع وجود صراع معقد في الحي الذي كان شرارة حرب مايو (أيار) الماضي التي استمرت 11 يوماً بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، تبحث الحكومة الإسرائيلية عن مخارج معقولة لإخراج بن غفير من هناك وإنهاء التوتر.
ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن الاشتباكات في الشيخ جراح قد تتصاعد مرة أخرى لتتحول إلى قتال مفتوح في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال مسؤول دبلوماسي إسرائيلي كبير، إن التوترات المتصاعدة في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، قد تؤدي إلى جولة جديدة من العنف مع الفصائل الفلسطينية في غزة. وأضاف: «هناك مسؤولية لمنع التصعيد الذي يمكن أن يؤدي إلى أمور صعبة للغاية. مسؤوليتنا هي إعادة الأمن لكل مواطني إسرائيل، الناس يموتون عندما يكون تصعيد، هذه ليست مزحة».
وعلى الرغم من أن حزب «يمينا» اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء نفتالي بنيت، يدعم تقليدياً انتقال اليهود الإسرائيليين إلى الأحياء الفلسطينية في القدس، فإن المسؤول المقرب من بنيت، قال إن رئيس الوزراء يرى أن من مسؤوليته منع جولة جديدة من القتال من خلال تهدئة الوضع. كما اتهم المسؤول: بن غفير، وعضوي «الكنيست» عن «القائمة المشتركة»: أحمد الطيبي وعوفر كسيف، بالسعي لتأجيج الموقف، مردداً التصريحات التي أدلى بها بنيت يوم الاثنين قبيل مغادرته إلى البحرين: «معروف ما الذي أتى بهم إلى هناك، التسخين- لإحراق النادي». وأضاف: «أقمنا دولة حتى تستخدم القوة وليس الأفراد». وتابع: «أحياناً لا يوجد مفر من الخروج إلى جولة قتالية؛ لكن هذا يجب ألا يحدث نتيجة استفزازات سياسية».
وأشار المسؤول السياسي إلى أن بنيت يعتقد أنه يجب عليه أن يفعل كل شيء لمنع التصعيد؛ لأن هذا الأمر يمكن أن ينتهي بصورة سيئة، باعتبار القدس مكاناً حساساً. لكن الفلسطينيين رفضوا الرواية الرسمية الإسرائيلية، واتهموا الحكومة الإسرائيلية بالتضليل. وقال مسؤول فلسطيني، إن الحكومة الإسرائيلية تمارس الخداع والتضليل لإخفاء جريمة «التطهير العرقي» التي ترتكبها في الشيخ جراح بالقدس المحتلة.
وأدانت وزارة الخارجية العدوان الإسرائيلي المستمر على حي الشيخ جراح ومواطنيه المقدسيين ومنازلهم وممتلكاتهم ومنشآتهم، وأكدت أن هذه الانتهاكات تهدف جميعها لسرقة مزيد من الأرض الفلسطينية، واستكمال عمليات أسرلة وتهويد، ليس فقط القدس الشرقية المحتلة، وإنما عموم المنطقة المصنفة (ج) بما فيها الأغوار ومسافر يطا، والهادفة أيضاً إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في تلك المناطق، من خلال عمليات تطهير عرقي واسعة النطاق، تشمل المواطن الفلسطيني وجميع مرتكزات وجوده الوطني والإنساني فيها.
وقالت الخارجية: «المطلوب ترجمة المواقف الأميركية والدولية إلى خطوات عملية قادرة على إجبار دولة الاحتلال على وقف عدوانها على شعبنا، وتوفير الحماية اللازمة لأهلنا في حي الشيخ جراح، وكف يد الاحتلال وغلاة المستوطنين عنه».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.