«المستقبل» و«القوات» يحملان على الرئيس اللبناني بسبب ملاحقة رياض سلامة

قاضية مقربة من عون تدعي على مدير قوى الأمن الداخلي بتهمة «عرقلة العدالة»

رياض سلامة  (رويترز)
رياض سلامة (رويترز)
TT

«المستقبل» و«القوات» يحملان على الرئيس اللبناني بسبب ملاحقة رياض سلامة

رياض سلامة  (رويترز)
رياض سلامة (رويترز)

تطورت قضية ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قبل القاضية غادة عون، المتهمة من قبل معارضي الرئيس ميشال عون بأنها «تنفذ أوامر القصر الجمهوري»، دراماتيكيا أمس بادعاء القاضية عون على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بتهمة عرقلة تنفيذ قرار قضائي بإحضار سلامة إليها بالقوة، فيما استمر السجال بين تيار «المستقبل» ورئاسة الجمهورية، وانضم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى الحملة على الرئيس ميشال عون.
ويصر سلامة على عدم المثول أمام القاضية عون التي تصر على ملاحقته خلافا لطلب المدعي العام التنفيذي، بانتظار البت بدفع تقدم به لعدم صلاحيتها لملاحقته.
وكان جهاز أمن الدولة حاول إحضار سلامة أول من أمس للاستماع إليه في دعوى مقدمة بحقه إثر عدم حضوره جلسة الاستماع التي كانت محددة له للمرة الثالثة، من دون أن يتمكن الجهاز من تحديد مكانه، وأفادت معلومات صحافية بأن عناصر الأمن الداخلي المولجين حماية منزل سلامة منعوا جهاز أمن الدولة من تنفيذ مذكرة إحضاره بأمر من اللواء عثمان، وهو ما نفاه «الأمن الداخلي» في بيان له.
وحدد القاضي نقولا منصور جلسة استماع إلى اللواء عثمان الأسبوع المقبل، وأبلغه عبر وزارة الداخلية، وطلب من مديرية أمن الدولة تفاصيل ما جرى أثناء التوجه إلى منزل سلامة. فيما وصف «تيار المستقبل» الادعاء على عثمان بأنه «بدعة»، محملا المسؤولية للرئيس عون، ومؤكدا أن محاولة النيل من اللواء عثمان لن تمر.
وقال «المستقبل» في بيان له: «قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مغادرة موقع الرئاسة في قصر بعبدا ‏والالتحاق بالجنرال ميشال عون في الرابية للمشاركة في معارك التيار الوطني ‏الحر لضرب مؤسسات الدولة الشرعية.‎ وأضاف «آخر البدع التي يرتكبها رئيس الجمهورية تغطية قرار القاضية غادة عون بالادعاء ‏على قائد قوى الأمن الداخلي بتهمة القيام بواجباته الأمنية والقانونية بحماية شخصية ‏عامة جرى تكليف قوى الأمن بحمايتها هو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة‎». ولفت البيان إلى أن «القاضية عون بعد أن فشلت أمس بمحاولة ‏تنظيم اشتباك بين قوى الأمن الداخلي وجهاز أمن الدولة، تتحرك بأمر مباشر من ‏رئاسة الجمهورية ولغايات لم تعد خافية على أحد...‎».
واستمر «المستقبل» بهجومه على الرئيس عون قائلا: «رئيس جمهورية الرابية وتوابعها يعلن النفير العام لخوض الانتخابات النيابية، ‏ويفتح لحساب تياره السياسي عدلية خاصة تقف على رأسها غادة عون‎»، مشددا على «‎أن استهداف قيادة قوى الأمن الداخلي بعد حاكمية مصرف لبنان بهذا الشكل الفج ‏والمريب، هو أمر مرفوض بكل المقاييس، سيما وأنه يأتي بعد الإعلان عن إنجازات ‏كبيرة لقيادة قوى الأمن في اكتشاف شبكات التخريب والإرهاب، ووضع اليد على ‏عصابات الخطف والسلب والتهريب...‎».
كما صدر عن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بيان قال فيه: «يصر فريق العهد على فتح مواجهات يمينا ويسارا بهدف التغطية على فشله، وإيصاله البلد إلى الانهيار والإفلاس والكارثة والعزلة، وآخر معاركه التي اعتادت عليها الجمهورية منذ اعتلائه سدة الرئاسة الأولى الادعاء على المدير العام لقوى الأمن الداخلي في محاولة لإخضاع هذه المؤسسة؛ لأنها ترفض تنفيذ رغبات شخصية. كما ترفض أن تتحول أداة لتصفية الحسابات السلطوية».
وأضاف «في الوقت الذي يقوم فيه البلد حاليا على المؤسستين الأساسيتين المتمثلتين بالجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، التي بالأمس القريب سجل لها اكتشاف عدد كبير من شبكات التجسس، وفي الوقت الذي يجب أن يكون هم العهد التخلص من السلاح غير الشرعي، نراه يرتد في اتجاه ضرب السلاح الشرعي، كما فعل بالأمس حليفه حسن نصر الله الذي شن هجوما مماثلا على الجيش اللبناني. ولذلك، لا نستغرب إصرار تحالف العهد (حزب الله) على محاولة تدمير ما تبقى من مؤسسات في الجمهورية بعد تدميره البلد وإيصاله إلى جهنم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.