«17 فبراير» تطل على الليبيين في أجواء من الانقسام

شوارع المدن تزينت بلافتات مؤيدة للثورة... وأخرى تؤكد استحالة عودة النظام السابق

جانب من الاحتفالات بذكرى «ثورة 17 فبراير» في مدينة تاجوراء بغرب ليبيا (بلدية تاجوراء)
جانب من الاحتفالات بذكرى «ثورة 17 فبراير» في مدينة تاجوراء بغرب ليبيا (بلدية تاجوراء)
TT

«17 فبراير» تطل على الليبيين في أجواء من الانقسام

جانب من الاحتفالات بذكرى «ثورة 17 فبراير» في مدينة تاجوراء بغرب ليبيا (بلدية تاجوراء)
جانب من الاحتفالات بذكرى «ثورة 17 فبراير» في مدينة تاجوراء بغرب ليبيا (بلدية تاجوراء)

في أجواء متباينة، احتفلت بعض المدن الليبية بالذكرى الحادية عشرة لـ«ثورة 17 فبراير (شباط)» التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، رغم تأجيل الاحتفالات رسمياً في طرابلس العاصمة بسبب أحوال الطقس.
ولم تمنع الأجواء السياسية المضطربة التي تعيشها البلاد بسبب تأجيل الانتخابات، وتعيين فتحي باشاغا رئيساً لحكومة جديدة، احتشاد الليبيين بمختلف أعمارهم طوال أمس في عديد من الشوارع والميادين بمدن غرب وشرق ليبيا، حاملين الرايات وأعلام الاستقلال. وازدانت شوارع وميادين عدة في ليبيا بالرايات الملونة، والأعلام، وعناقيد الكهرباء، مع وجود لافتات مؤيدة للثورة، وأخرى تؤكد أن النظام السابق لن يعود لواجهة الأحداث ثانية.
وقبل 11 عاماً، احتشد سكان مدينة بنغازي (شرق) في وقفة احتجاجية بساحة الشجرة، للمطالبة بالإفراج عن محامي ضحايا «مجزرة أبو سليم» فتحي تربل، واعتبرت هذه الوقفة شرارة انطلاق الثورة التي تنقلت في البلاد. وفي طقس متكرر كل عام، بدأ المواطنون يتوافدون على ميدان الشهداء بوسط العاصمة للاحتفال، قبل أن يخرج وزير الشباب، المتحدث باسم «اللجنة العليا لاحتفالات فبراير»، فتح الله الزني، بعد ظهر أمس، ليعلن تأجيل الاحتفال في طرابلس إلى الجمعة المقبل، وذلك بسبب «عدم استقرار الأحوال الجوية»، الأمر الذي أثار استغراب البعض؛ لأن هذه الاحتفالات كانت تتم كل عام دون النظر إلى تقلبات الطقس.
وتوقع بعض السياسيين أن يكون سبب التأجيل هو تمكين الدبيبة من إعلان خطته حول الانتخابات في البلاد خلال الاحتفال؛ خصوصاً أن هذا الأخير اعتبر اليوم (الخميس) عطلة رسمية لمناسبة ذكرى «الثورة».
وخلال الأيام الماضية تحول ميدان الشهداء بالعاصمة إلى ملتقى لأنصار الدبيبة المعترضين على قرار مجلس النواب بتعيين باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة، وهو ما جعل هذه الذكرى هي الأولى للثورة التي يحدث فيها انقسام حول «ثوار» غرب ليبيا.
وفي مؤتمر صحافي لفت الزني أمس إلى أن احتفالات هذا العام ستأخذ شكلاً جديداً، يتمثل في تنظيم عرض تاريخي لنشأة الدولة الليبية، للتعبير عن الهوية الوطنية الجامعة لجميع الفئات، بمشاركة نخبة من المبدعين والفنانين. وقال الزني إن الحفل «سيسلط الضوء على التاريخ الزاخر للأبطال الذين سطروه بأحرف من نور».
ودافع وزير الشباب عن تكلفة الاحتفال المتوقعة، وقال إنه ليس هناك ما يمنع من الإنفاق على الأمور الوطنية، مبرزاً أنه سيوجه كل اللجان الفرعية التابعة للجنة الاحتفالات، لعقد مؤتمر صحافي بعد انتهاء الفعاليات، قصد توضيح تفاصيل المصروفات على التنظيم والإعداد، لافتاً إلى أن اللجان الفرعية الموجهة عبر وزارة الحكم المحلي ستتولى تنظيم احتفالات في عدد من البلديات. وأمام الانقسام المتكرر كل عام بين المعارضين للاحتفال بـ«ثورة 17 فبراير»، والمؤيدين له، قالت زهراء لنقي، عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي: «تحتفل أو لا تحتفل، ليست هي القضية. القضية هي ألا تنسى تضحيات وشجاعة وإقدام من خرجوا في فبراير من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وأيضاً لنتذكر عندما انتفضنا ولما أخفقنا».
وأضافت لنقي: «تذكروا كلمات الشهيد محمد نبوس، أحد الأصوات الأولى التي خرجت للعالم من بنغازي ليلة 19 فبراير 2011، عندما قال: أنا لا أخشى الموت، ولكن أخشى أن أخسر المعركة».
ومضت لنقي تقول: «لقد استشهد نبوس، وانتصرت الثورة على شخص القذافي، ولكن ما زال الخوف من خسران معركة الحرية».
وفي مدينة تاجوراء، الواقعة شرق العاصمة طرابلس، وضعت البلدية برنامجاً للاحتفال بـ«ميدان شهداء أبو شوشة»، بدأ بالعروض الرياضية المشوقة لأبطال التايكوندو بحضور شخصيات من خارج البلدية، ثم أنشدت فرقة تاجوراء للمألوف والموشحات عقب صلاة العشاء، وسط حشود من أبناء البلدية.
وكانت بلدية تاجوراء قد أوقدت مساء أول من أمس الشعلة، إيذاناً ببدء الاحتفال بإحياء ذكرى الثورة بميدان الشهداء، وبمشاركة عدد من المؤسسات الأمنية والخدمية والرياضية، وسط تفاعل الحضور مع الحدث الذي يعتبره البعض «نقطة ساطعة في تاريخ ليبيا النضالي».
وكان الدبيبة قد شكَّل 4 لجان للإعداد وتنظيم احتفالات ذكرى «الثورة»، كما تفقدت الأجهزة الأمنية ميدان الشهداء بالعاصمة، للاطلاع على الاستعدادات والتجهيزات الخاصة بهذه المناسبة.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».