يبدو أن المجتمع الباكستاني يتحدر في طريقه إلى هوة التطرف الجامح، وذلك بعدما شهدت المناطق الحضرية في أضخم مقاطعة على مستوى البلاد، البنجاب، عملية إعدام أخرى لمتهم بممارسة التجديف على يد حشد جامح. كان محمد مشتاق، رجل يعاني اختلالاً عقلياً، قد واجه اتهامات بتشويه صفحات القرآن الكريم داخل مسجد محلي. وعليه، أقدم حشد من جموع غاضبة على ضرب الرجل غير المتوازن نفسياً بهراوات حتى الموت. وكانت أسرة الرجل قد أبلغت الشرطة عن تغيبه عن منزله منذ بضعة أيام، قبل أن يتلقوا معلومات عن مقتله على يد حشد من الناس. وأثار الحادث موجة من مشاعر الصدمة عبر جميع أرجاء المجتمع الباكستاني، وبدأ يجري طرح تساؤلات في دوائر الإعلام والسياسة حول الوجهة التي يتجه نحوها المجتمع.
وتعد هذه ثاني حادثة قتل جماعي لمتهم بالتجديف في إقليم البنجاب خلال الأشهر الأربعة الماضية. وقعت الحادثة الأولى قبل 10 أسابيع في سيالكوت، مدينة صناعية أخرى في البنجاب، حيث تعرض مدير وحدة صناعية سريلانكي الجنسية، للضرب حتى الموت على يد حشد من الغوغاء». من ناحيتها، ألقت الشرطة القبض على 102 من المشتبه بهم، بينهم 21 يعتقد أنهم من الجناة الرئيسيين، الأحد، بتهمة تنفيذ إعدام خارج نطاق القانون في بلدة بمنطقة خانيوال. وأعلنت شرطة البنجاب أن التعرف على المتهم واعتقاله جرى بمساعدة شريط فيديو.
جدير بالذكر أن المئات تجمعوا داخل قرية أدغال ديرا بعد صلاة المغرب، بعد إعلان تدنيس رجل للقرآن الكريم. وقبضت الغوغاء على رجل يدعى مشتاق راجبوت، وانهالوا عليه بالضرب. وحسب روايات شهود عيان، وصلت الشرطة إلى المكان واعتقلت مشتاق، لكن الغوغاء اختطفوه مرة أخرى. يذكر أن المتهم شخص في منتصف العمر ومختل عقلياً. وقد ضربه الغوغاء قبل أن يرجموه حتى الموت بعد ربطه بشجرة. من جانب الحكومة، ندد رئيس الوزراء عمران خان، بشدة، بالحادث، ووجه الشرطة بعدم التسامح مطلقاً مع الأشخاص المتورطين في أعمال القتل العشوائي، وقال إنها ستعامل بكل شدة.
وكتب رئيس الوزراء في تغريدة تعليقاً على الحادث: «نحن لا نتسامح على الإطلاق مع أي شخص يتخذ القانون بيديه، وسيجري التعامل مع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون التي يرتكبها الغوغاء بالصرامة الكاملة للقانون. لقد طلبت من شرطة البنجاب تقريراً على الإجراء الذي جرى اتخاذه ضد مرتكبي عمليات الإعدام خارج نطاق القانون في ميان تشانو، وكذلك ضد أفراد الشرطة الذين فشلوا في أداء واجبهم».
وفي بيان صادر عنها، قالت لجنة حقوق الإنسان الباكستانية، إن القسوة التي أعدم بها الغوغاء ضحيتهم التعيسة، والتي تضمنت انتزاعه من داخل حجز الشرطة، تكشف جيداً أن مزاعم التجديف تجاوزت كونها مشكلة تتعلق بالقانون والأمن منذ فترة طويلة. ببساطة لا يكفي أن نقول إن الحكومة لديها سياسة «عدم التسامح المطلق» تجاه هؤلاء الجناة في وقت تجاهل المسؤول المعني حادثة مماثلة باعتبارها مجرد حالة «فورة مشاعر». واستطرد البيان بأن «الدولة دأبت على التودد إلى الجماعات السياسية والدينية التي لم تكن لديها أي مخاوف بشأن تشجيع التعصب الديني».
وتتابع لجنة حقوق الإنسان في باكستان بقلق بالغ التفاقم الواضح في حراسة الغوغاء، وتحذر الحكومة من أنه إذا لم تقاوم التعصب على جميع الجبهات، فإن المواطنين العاديين هم الذين سيستمرون في دفع الثمن.
باكستان نحو هوة التطرف بعد ثاني حادثة قتل لمتهمٍ بالتجديف
باكستان نحو هوة التطرف بعد ثاني حادثة قتل لمتهمٍ بالتجديف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة