مصر تكثف دورها في غزة كصانعة للسلام في الشرق الأوسط

عملت بهدوء على تشجيع محادثات الهدنة بين إسرائيل و{حماس} والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية

حشد لدعم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة أمس (أ.ف.ب)
حشد لدعم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT
20

مصر تكثف دورها في غزة كصانعة للسلام في الشرق الأوسط

حشد لدعم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة أمس (أ.ف.ب)
حشد لدعم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة أمس (أ.ف.ب)

منذ التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، أرسلت مصر أطقم العمل لإزالة الأنقاض، ووعدت ببناء مجمعات سكنية جديدة واسعة. وانتشرت في الأراضي الفلسطينية الأعلام المصرية واللوحات الإعلانية التي تشيد بالرئيس عبد الفتاح السيسي.
إنها نظرة جديدة للمصريين، الذين قضوا سنوات من العمل بهدوء لتشجيع محادثات الهدنة بين إسرائيل وحماس، والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. وبحسب تقرير أسوشيتد برس، قد يساعد هذا التحول في منع، أو على الأقل تأخير، جولة أخرى من العنف. ويمكن لمصر من خلال تقديم نفسها كصانعة للسلام في الشرق الأوسط. في هذا الصدد، قالت حفصة حلاوة، خبيرة الشؤون المصرية في معهد الشرق الأوسط، مركز الأبحاث في واشنطن، إن حرب غزة التي استمرت 11 يوماً في مايو (أيار) الماضي: «سمحت لمصر مجدداً بتسويق نفسها كشريك أمني لا غنى عنه لإسرائيل في المنطقة، ما يجعلها بدورها شريكاً أمنياً لا غنى عنه للولايات المتحدة».
تعطي المساعدات الموسعة، إلى جانب سيطرتها على رفح (معبر غزة الوحيد الذي يتجاوز إسرائيل)، لمصر، نفوذاً على حماس، الجماعة الإسلامية المسلحة التي حكمت غزة منذ طرد القوات الموالية للسلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً في 2007.
وبعد التفاوض على وقف إطلاق النار غير الرسمي الذي أنهى الحرب في غزة، تعهدت مصر بتقديم 500 مليون دولار لإعادة بناء القطاع وأرسلت أطقم عمل لإزالة الأنقاض. وفي حين أنه لم يتضح بعد حجم الأموال التي سُلمت، فإن مصر تدعم الآن بناء ثلاث بلدات من المقرر أن تضم نحو 300 ألف نسمة، وفقاً لناجي سرحان، نائب مدير وزارة الإسكان التي تديرها حماس. والعمل جارٍ أيضاً على تطوير الطريق الساحلي الرئيسي في غزة. وأوضح سرحان، أن مدة إنجاز هذه المشاريع عام ونصف العام. وقال: «نأمل أن تكون هناك حزم كبيرة من المشاريع في المستقبل القريب، خصوصاً الأبراج التي دمرتها الحرب».
وقال علاء العراج، من اتحاد المقاولين الفلسطينيين، إن تسع شركات فلسطينية سوف تشارك في المشاريع المصرية، التي تؤمّن نحو 16 ألف فرصة عمل مطلوبة بشدة في المناطق الفقيرة من القطاع. ويشير التقرير إلى أن الوجود المصري واضح، وتقوم وفود مصرية كل أسبوع تقريباً بزيارة غزة لتفقد الأعمال، كما افتتحت مكتباً في فندق بمدينة غزة للممثلين الفنيين الدائمين.
ترفرف الأعلام المصرية، وتظهر لافتات الشركات المصرية أعلى الجرافات والشاحنات وأعمدة الكهرباء. ووصل عشرات العمال المصريين الذين ينامون في نُزل مؤقت في مدرسة بمدينة غزة. تتدفق الشاحنات المصرية المليئة بمواد البناء إلى غزة عبر معبر رفح لمدة خمسة أيام في الأسبوع، وهو ما يتناقض بوضوح مع الشحنات المتقطعة التي تصل عبر معبر تسيطر عليه إسرائيل. وقال سهيل السقا، من مقاولي غزة الذين يشاركون في عملية إعادة الإعمار، إن التدفق المنتظم للمواد المصرية أمر بالغ الأهمية. وأضاف: «البضائع غير مقيدة بالمعابر الإسرائيلية، ما يجعلها بالغة الأهمية».
هذا الدور المصري المتنامي يمنح القاهرة أداة قوية لفرض التزام حماس بالهدنة؛ فهي تستطيع أن تغلق رفح متى شاءت، ما يجعل من المستحيل تقريباً على أي شخص أن يسافر إلى غزة أو يخرج منها، وهي موطن أكثر من مليوني فلسطيني. وقد يكون ذلك كافياً لمنع اندلاع أعمال عدائية أخرى في الأجل القريب، ولكنه لا يعالج الصراع الأساسي الذي غذى أربع حروب بين إسرائيل وحماس، ومناوشات لا حصر لها على مدى 15 سنة الماضية.
يُذكر أن إسرائيل تطبق سياسة الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يُطبق اقتراح يحظى بموافقة دولية ويشكل يوماً ما جزءاً من دولة فلسطينية. وقد استبعدت الحكومة الإسرائيلية الحالية، أي مبادرات سلام كبرى، حتى مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس المدعوم من الغرب في الضفة الغربية، ولكنها اتخذت خطوات لتحسين الظروف المعيشية، بما في ذلك إصدار نحو 10 آلاف تصريح للعمل لسكان غزة داخل إسرائيل.
وكانت العلاقات بين حماس وحركة فتح بزعامة عباس، قد تدنت إلى أدنى مستوى لها العام الماضي، بعد إلغائه أول انتخابات منذ أكثر من 15 عاماً. وفشلت محاولات المصالحة المتكررة، التي توسطت مصر في كثير منها. لكن بالنسبة إلى مصر وإسرائيل، وبالنسبة إلى الإدارة الأميركية التي تركز على الأزمات الأكبر في أماكن أخرى، قد يكون الحفاظ على الوضع الراهن في غزة كافياً.
قال طلال عوكل، المحلل السياسي المقيم في غزة: «تريد مصر تفاهمات أو حتى الضغط على حماس حتى لا تنفجر الأوضاع».



الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
TT
20

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)

قضت السلطات الصومالية، الثلاثاء، على 16 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية، من بينهم قيادات بارزة، في غارة جوية جنوب شرقي البلاد.

يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وأفادت «وكالة الأنباء الصومالية»، بأن الغارة الجوية التي نُفذت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً لمسلحين كانوا محاصرين خلال الأيام الماضية إثر عمليات عسكرية للجيش الوطني، مضيفة أن الغارة أسفرت أيضاً عن تدمير سيارات تابعة لحركة «الشباب» الإرهابية.

وأشارت الوكالة إلى أن «الغارة الجوية التي وقعت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً للإرهابيين الذين تمت محاصرتهم خلال الأيام الماضية جراء العمليات العسكرية».

متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولفتت إلى أن «الغارة الجوية أسفرت عن تدمير المركبات القتالية التابعة لميليشيات الخوراج». ويستخدم الصومال عبارة «ميليشيا الخوارج» للإشارة إلى حركة «الشباب». وتشن الحركة هجمات تهدف إلى الإطاحة بالحكومة الصومالية للاستيلاء على الحكم، وتطبيق الشريعة على نحو صارم.

كان وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور قد قال، يوم الجمعة، إن قوات صومالية وإثيوبية نفذت عمليات مشتركة ضد حركة «الشباب» بإقليم شبيلي الوسطى. وقال نور لوسائل الإعلام الصومالية الرسمية «العمليات العسكرية المنسقة، بدعم جوي دولي، تستهدف بشكل محدد الجماعات المسلحة». كما أعلنت القيادة الأميركية في أفريقيا، أواخر الشهر الماضي، أنها نفذت، بطلب من الحكومة الصومالية، غارة جوية ضد حركة «الشباب».

صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قُتل 9 أشخاص، الثلاثاء، في هجوم انتحاري وبإطلاق النار تبنته حركة «الشباب» في فندق في وسط الصومال، حيث كان هناك اجتماع يُعقد لبحث سبل مكافحة هذه الجماعة المتطرفة، وفق مصادر أمنية. وأكد أحمد عثمان المسؤول الأمني في مدينة بلدوين في محافظة هيران، حيث وقع الهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «انتحارياً» قاد، صباحاً، حافلة صغيرة محملة بالمتفجرات إلى مدخل الفندق ليتبعه مسلحون دخلوا الفندق، وراحوا يطلقون النار.

وقال المسؤول الأمني حسين علي في وقت لاحق، الثلاثاء، إن «الحصار انتهى، وقُتل جميع المسلحين»، مضيفاً أن الهدوء عاد إلى المكان. وأكد أن 9 مدنيين، بينهم وجهاء تقليديون، قُتلوا في الهجوم، من دون أن يحدد عدد المهاجمين الذين قضوا. وأضاف علي أن أكثر من 10 أشخاص آخرين، معظمهم من المدنيين، أصيبوا بجروح في الهجوم. وكان الفندق المستهدف يستضيف اجتماعاً يجمع مسؤولين أمنيين وزعماء تقليديين بهدف حشد مقاتلين لمساعدة القوات الحكومية في حربها ضد حركة «الشباب» المتطرفة.

وأكد الشرطي علي مهاد أنه تم إنقاذ العديد من الأشخاص الموجودين في المكان. وقال شاهد عيان يدعى إدريس عدنان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان قريبي داخل الفندق أثناء الهجوم، وهو محظوظ لأنه نجا وأصيب بجروح طفيفة». وأضاف أن «المبنى دُمر في خضم إطلاق نار كثيف». وأعلنت «حركة الشباب» في بيان مسؤوليتها عن الهجوم.

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» تمرّداً مسلّحاً ضدّ الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يُعد من أفقر دول العالم.

وتوعد الرئيس الصومالي بحرب «شاملة» ضد حركة «الشباب»، وانضم الجيش إلى ميليشيات عشائرية في حملة عسكرية تدعمها قوة من الاتحاد الأفريقي وضربات أميركية، لكنها مُنيت بانتكاسات.