فصائل موالية لأنقرة تصد «قسد» شمال سوريا

قصف تركي على مواقع كردية

مقاتلون معارضون في شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مقاتلون معارضون في شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

فصائل موالية لأنقرة تصد «قسد» شمال سوريا

مقاتلون معارضون في شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مقاتلون معارضون في شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أحبطت فصائل المعارضة السورية المسلحة الموالية لأنقرة محاولة تسلل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، شمال حلب، في وقت قصفت القواعد العسكرية التركية مواقع ومقرات تابعة للقوات الكردية شمال سوريا، ووقوع إصابات في صفوف الأخيرة بحسب ناشطين.
وأفاد قيادي في الجيش الوطني السوري، المدعوم من تركيا، بأن «مواجهات عنيفة اندلعت بالأسلحة المتوسطة والرشاشات الثقيلة، فجر الاثنين بين فصائل المعارضة في الجيش الوطني السوري من جهة و(قوات سوريا الديمقراطية) (قسد) من جهة أخرى، إثر محاولة تسلل فاشلة للأخيرة على محاور منطقة باصوفان بريف مدينة عفرين شمال حلب، وأسفرت الاشتباكات عن إصابة عدد من العناصر في صفوف (قسد)، وإجبارها على التراجع، وترافقت الاشتباكات مع قصف بقذائف المدفعية الثقيلة من قِبل القوات التركية استهدف مواقع عسكرية تابعة لـ(قسد)، في قريتي بيلونية وعين دقنة بريف حلب الشمالي، رداً على قوات (قسد) لقاعدة الكفير التركية الواقعة في قرية حزوان غربي مدينة الباب، وأدى إلى إصابة عدد من عناصرها».
وأوضح، أنه «جرى خلال الأيام الأخيرة الماضية، توثيق انتهاكات ومحاولات تسلل عدة لـ(قوات سوريا الديمقراطية) (قسد) ضد مناطق (درع الفرات وغصن الزيتون) شمال حلب، الخاضعة لسيطرة فصائل الجيش الوطني السوري والنفوذ التركي، وفي 12 فبراير (شباط) الحالي، شهدت محاور الهوشرية والجات شمال مدينة منبج، بريف حلب الشمالي الشرقي اشتباكات عنيفة بين الطرفين، إثر محاولة تسلل لـ(قسد) وتمكنت فصائل الجيش الوطني السوري الموالية لتركيا من إحباطها وتكبيدها خسائر بشرية، فضلاً عن قصف القوات الكردية بشكل متكرر للمناطق المأهولة بالسكان الخاضعة للجيش الوطني السوري والقوات التركية بريف حلب الشمالي، وقوع ضحايا مدنيين».
وقال ناشطون في محافظة حلب، إن «نقاط الجبهات والمحاور التي تفصل بين (قوات سوريا الديمقراطية) (قسد) و(الجيش الوطني السوري) المدعوم من أنقرة، على امتداد أكثر من 110 كيلومترات، من منطقة عفرين وصولاً إلى منطقة جرابلس شمال حلب، تشهد بشكل شبه يومي اشتباكات تتراوح بين عنيفة ومتقطعة ومحاولات للتسلل من قِبل (قسد)، وذلك منذ خمس سنوات وفي محاولة منها زعزعة الاستقرار والأمن في المناطق الخاضعة لفصائل المعارضة والنفوذ التركية بريف حلب الشمالي، شمال سوريا».
وفي سياق متصل، قال ناشطون، إنه «قُتل عنصر من قوات النظام وجُرح آخر قنصاً من قبل فصائل المعارضة السورية المسلحة في غرفة عمليات (الفتح المبين)، على أطراف مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، وأعقبها تبادل بالقصف بالرشاشات الثقيلة بين الطرفين، تزامناً مع قصف بقذائف المدفعية الثقيلة من قِبل قوات النظام المتمركزة في معسكري جورين قلعة ميرزا على مناطق العنكاوي وقسطون والزيارة بسهل الغاب شمال غربي حماة؛ ما أسفر عن إصابة مدنيين بجروح خطيرة».
من جهته، قال قيادي في فصائل المعارضة، إنه «جرى رصد تحركات عسكرية (آليات) لقوات النظام وتعزيزات وصلت خلال اليومين الماضين إلى منطقة معرة النعمان شرقي إدلب ومعسكرات جورين والحاكورة بسهل الغاب شمال غربي حماة؛ الأمر الذي دفع بفصائل المعارضة السورية ضمن غرفة عمليات (الفتح المبين)، إلى رفع حالة الاستنفار والجاهزية العسكرية تحسباً لأي تحرك عسكرية لقوات النظام على خطوط القتال في جنوب إدلب وغربي حماة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.