تقنيات «ناسا» الفضائية توظف على الأرض

أشجار ملقحة ببكتيريا قادرة على التخلص من التلوث... وقفازات تقوي حركة اليد

تقنيات «ناسا» الفضائية توظف على الأرض
TT

تقنيات «ناسا» الفضائية توظف على الأرض

تقنيات «ناسا» الفضائية توظف على الأرض

من كاميرات الهواتف الجوالة إلى الرقائق متناهية الصغر... تعتمد الحياة على الأرض بشكل كبير على تقنيات «وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)».
منذ حقبة «بعثة أبولو» نحو القمر، توسعت تغطية تقنيات «ناسا» لتشمل مزيداً من التطبيقات الأرضية؛ إلى حد دفع بالوكالة الفضائية إلى إطلاق برنامج «تكنولوجي ترانسفير بروغرام (تي2)» لتسهيل استخدام براءات اختراعها من قبل الجمهور. من المحتمل أن يكون اللاعبون الذين سيشاركون بمباراة «سوبر بول» الأميركية الشهر المقبل قد تلقوا تدريبهم على آلات مستوحاة في تصميمها من آلات المشي المصممة لتعمل في ظروف الجاذبية الدنيا لرواد الفضاء في المحطة الفضائية الدولية. ولعلكم تدينون بالشكر لأداة إخماد الاهتزاز في صاروخ نظام الإطلاق الفضائي المتجه للقمر والذي سيقلع في طيرانه التجريبي الأول في الربيع المقبل، لتخفيفها الاهتزاز في بعض ناطحات السحاب بمدينة مانهاتن.

تقنيات «ناسا»
يخترع مهندسو وعلماء «ناسا» ما بين 1600 و1800 جهاز ويطلقون نحو 5500 برنامج إلكتروني سنوياً، ولكنها لا تصل جميعها إلى مرحلة الإنتاج والتسويق التجاري. كشف دان لوكني، المسؤول التنفيذي في برنامج «تي2» منذ 20 عاماً، عن أن الوكالة منحت العام الماضي براءات اختراع لـ220 شركة فقط.
وينشر موقع برنامج «تي2» لوائح تظهر تفاصيل براءات الاختراع والبرامج الإلكترونية وأمثلة التطبيقات الصناعية، بالإضافة إلى تقرير «سبين أوف ريبورت» الذي يسلط الضوء على التحويلات الجديدة في كل عام. ويقول لوكني إن هذا التقرير «يستعرض أفضل اختراعات الوكالة وأخبار أهم نشاطاتها الجديدة».
يتحدث تقرير هذا العام الذي نُشر أخيراً على الموقع، عن 46 شركة استخدمت تقنيات «ناسا» بعد تعديلها هذا العام، وينشر المقالات التي تغطي تأثير الوكالة على مختلف الصناعات، مثل: كيف ساهم تأسيس أول مزرعة عمودية في إطلاق عجلة الزراعة الداخلية.
يذكر أن هذا التقرير يغطي مجموعة متنوعة من المناطق الجغرافية والقطاعات الصناعية والعروض.
صنعت «غرفة إنتاج الكتلة الحيوية» التابعة لـ«الوكالة» في «مركز كنيدي للفضاء»، في فلوريدا، نسخة مطابقة للبيئة الزراعية المقفلة التي سيستخدمها رواد الفضاء في الفضاء أو على كواكب أخرى. في المقابل، عملت شركة «بلينتي أنليميتد» ومقرها سان فرنسيسكو، على تعديل التقنية وأضافت روبوتات زراعية وبيانات مختلفة لتحسين شروط الزراعة في مشروعها.
ويتضمن التقرير أيضاً قصصاً منشورة سابقاً وأخرى حديثة كتلك التي تناولت الأشجار الملقحة بالبكتيريا القادرة على التخلص من التلوث، والقفاز الآلي «روبو غلوف» الذي يشبه قفاز الرجل الحديدي المطور بالتعاون مع شركة «جنرال موتورز» لمنح حركة اليدين مزيداً من الدعم والقوة وتحويلهما إلى ما يشبه النسخة اليدوية من الهياكل الخارجية الآلية المدعومة بالطاقة.
بدورها؛ عملت شركة «آوتلاست تكنولوجيز» في بولدر، بالتعاون مع شركة «واليرو» البريطانية على تحويل تقنية البدلة الفضائية إلى ملابس رياضية تعدل الحرارة تلقائياً مخصصة لسائقي سيارات السباق المحترفين.

مجسات وأقلام
وأيضاً؛ تعمل شركة «لونار آوتبوست» في دنفر الأميركية، على تعديل جهاز استشعار مصمم لرصد معدلات غبار القمر، لاستخدامه في قياس تلوث الهواء. وعمل آخرون على استخدام مادة عازلة مبردة مستخدمة في الفضاء في صناعة مستلزمات المساحات الخارجية للحفاظ على دفء الأشخاص والبطاريات.
وشهد «نظام (ناسا) للزراعة في الفضاء» بعض التعديلات وأصبح يُستخدم على الأرض لتحسين نوعية الهواء في الأماكن المقفلة وتقليل انتشار الفيروسات التي تنتقل في الهواء مثل فيروس «كورونا». وأيضاً، عُدلت التقنية المصممة لتسخير ثاني أكسيد الكربون على كوكب المريخ، لتُستخدم على كوكبنا في تنظيم الانبعاثات وكربنة الجعة.
يتحدث التقرير أيضاً عن سوء الفهم الذي أحاط بخرافة فشل «قلم (ناسا) الفضائي» الذي تجاوزه الروس باستخدام أقلام الرصاص. ففي الحقيقة؛ يستخدم رواد الفضاء قلم «فيشر سبيس بن» المضغوط للكتابة في الجاذبية الدنيا منذ الستينات، وعمدت «الوكالة» العام الماضي إلى عرضه في قاعة المشاهير الخاصة بالتقنيات الفضائية. وشرح لوكني أن «رواد الفضاء لا يستخدمون قلم الرصاص العادي؛ لأن رأسه قد ينكسر ويطوف في أنحاء المركبة».
تتصل «ناسا» بشركات عالمية وتتلقى عروضاً من كثير منها سعياً للاستفادة من اختراعات الوكالة، ولكن هذه الشركات مجبرة على خوض مسار معقد قبل قبول طلبها. في هذا السياق، يقول لوكني: «نحرص على عدم تعرض ملكيتنا الفكرية للضغط من بعض الفضوليين غير الجادين. فإذا كنا سنسمح لكم باستخدام إحدى براءات اختراعنا، فعليكم إظهار بعض الفطنة التجارية والتقنية، وامتلاك المصادر التي ستُدخل التقنية إلى السوق».
توفر وكالة «الناسا» برنامجها الإلكتروني مجاناً ودون الحاجة لتقديم طلب، ولكن متوسط رسوم الحصول على الترخيص لاستخدام أحد الأجهزة وبراءة اختراعها يتراوح بين 5 و10 آلاف دولار، تذهب بمعظمها للمخترع على سبيل التشجيع. هنا، يقول لوكني إن «الناس لا يصبحون أثرياء في العمل مع (الوكالة). هم يعملون في (ناسا) لأنهم يريدون العمل فيها».
يذكر أن الوكالة تعفي الشركات الناشئة وطلاب الجامعات من الرسوم «في محاولة منها لتشجيعهم على استخدام برنامجها للتطوير والبحث الداخلي حجرَ أساس في أعمالهم»، على حد تعبير لوكني.

تخفيف آثار الكوارث
يعد التسويق (أو إضفاء الطابع التجاري) واحداً من أشكال كثيرة لتكييف التقنيات. فقد سخرت «ناسا» هذه التقنيات للمساهمة في تعزيز جهود البحث والإنقاذ من خلال تطوير معدات مكافحة الحريق ووضع أهداف جديدة لتقنية الرادارات المستشعرة من بُعد لرصد الحركات الطفيفة للناجين تحت الأنقاض. وكشف لوكني عن أن الوكالة تتلقى بعد الكوارث الكبرى أحياناً اتصالات من وزارة الخارجية للسؤال عمّا يحدث وما إذا كان يمكنهم فعل أي شيء للمساعدة.
عام 2010، احتجز 33 من عمال المناجم في تشيلي تحت الأرض. في ذلك الوقت، لم تكتف «ناسا» بإرسال مهندسين ساعدوا في تصميم مزلاج للإنقاذ، بل أرسلت أيضاً أطباء نفسيين مختصين في حالات الاحتجاز والخروج للمساعدة في تخفيف ذعر العمال وتحضيرهم للخروج أمام حشدٍ من الكاميرات الصحافية.
والآن، وبعد فترة قصيرة من تسبب الوباء في إقفال العالم في 2020، صممت مجموعة من مهندسي «مختبر الدفع النفاث» جهاز تنفس بسيط غير مرتبط بسلسلة توريد القطع العالمية. وبعد الحصول على إذن «إدارة الغذاء والدواء»، منح المختبر رخصاً باستخدامه لأربعين شركة حول العالم.
يسلط قسم «سنيب أوف تومورو» في التقرير الضوء على 20 من تقنيات «ناسا» الجاهزة للطرح التجاري، وأبرزها نظام التحقق البيومتري (بالقياسات البيولوجية) من الهوية لفتح الهواتف وأجهزة الكومبيوتر باستخدام نبض القلب، وجهاز رقيق مصنوع من مادة نانوية يحول ثاني أكسيد الكربون إلى وقود، وألمنيوم ذاتي التصحيح لصيانة الشقوق والأضرار في هياكل الطائرات والخزانات وخطوط النفط.
وأشار لوكني إلى أن «ناسا» تملك أيضاً تقنيات أخرى لا تزال قيد التطوير، كزراعات الدم والأنسجة والخلايا في الجاذبية الدنيا لأغراض التجارب الدوائية. وانطلاقاً من طموح «الوكالة» إلى إرسال بعثات مأهولة طويلة الأمد إلى الفضاء، يتوقع لوكني تطورات مستقبلية في التقنيات الطبية والتطبيب من بُعد، بالإضافة إلى ابتكار مواد جديدة وتقنيات للصناعة في الجاذبية الصغرى، ووسائل تنظيف الهواء والمياه. وشرح لوكني أن «(الوكالة) ستحتاج إلى إعادة تدوير هذه التقنيات في الفضاء وهنا على الأرض».
ولكن الشيء الوحيد الذي يؤكد عليه المسؤول التنفيذي هو عنصر المفاجأة، قائلاً: «الجزء الممتع في الأمر هو أنني لا أعلم الخطوة التالية، أو المشكلة التي سنصطدم بها، ومن سيستخدم تقنياتنا أو كيف... وهذا هو الجزء الذي يذهلني حقاً».
* «فاست كومباني»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا
TT

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

أوجد التطور الهائل في السنوات العشر الأخيرة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا الكثير من الفرص التي توفر فرصة رائعة لتحويل مجال طب الأسنان بشكل كامل.

طب الأسنان عن بُعد

«طب الأسنان عن بُعد» هو مصطلح جديد نسبياً يربط بشكل كبير بين مجالي الاتصالات وطب الأسنان. وبفضل التطور الهائل في التكنولوجيا، يمتلك طب الأسنان عن بُعد القدرة على تغيير عمليات رعاية الأسنان بشكل جذري. وإذا ما تم إدخال الذكاء الاصطناعي مع هذا التطور فإنه سيكون نقلة هائلة في مجال خدمات طب الأسنان.

في عام 1997، قدم الدكتور جيمس كوك (استشاري تقويم الأسنان من مستشفى برستول في بريطانيا) مفهوم «طب الأسنان عن بُعد» الذي عرَّفه على أنه «ممارسة استخدام تقنيات الفيديو للتشخيص وتقديم النصائح بشأن العلاج عن بُعد». ويتيح هذا التخصص الجديد لأطباء الأسنان تقديم نوع جديد من الرعاية لمرضاهم من خلال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الإلكترونية، مما يتيح الوصول التفاعلي إلى آراء المتخصصين دون أن تكون المسافات عائقاً.

وقد شهدت فترة جائحة كورونا ما بين عامي 2020 و2022 ازدهار مثل هذه التقنية بسبب التباعد الاجتماعي وإغلاق عيادات طب الأسنان، إذ كانت تقريباً 90 في المائة من خدمات طب الأسنان تقدَّم من خلال طب الأسنان عن بعد باستعمال وسائل الاتصال الفيديو التصويري.

استشارة الاختصاصيين في المستشفيات

مكَّن التطور الهائل في الاتصالات المرئية والفيديو من أن تقوم عيادات طب الأسنان المختلفة بالتعاقد مع كبرى مستشفيات طب الأسنان وكليات ومعاهد طب الأسنان لعرض بعض حالات أمراض الفم والأسنان المعقدة عبر طب الأسنان عن بُعد على كبار أساتذة طب الأسنان في العالم لأخذ المشورة والرأي السديد في صياغة خطة العلاج بحيث يضمن أفضل خدمة طب أسنان لمرضى هذه العيادات.

نجاحات في المناطق النائية

في المناطق النائية، يعاني السكان من نقص في أطباء الأسنان المتخصصين والرعاية الشاملة للأسنان، إذ أثبت تقرير وضع صحة الفم في العالم لعام 2022 الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية أن العالم العربي يعاني من نقص شديد في خدمات طب الأسنان في المناطق الريفية والقرى، لذا يلعب طب الأسنان عن بُعد دوراً مهماً في توفير إمكانية الوصول إلى المتخصصين لأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية والنائية مع توفر كل أنواع الاتصالات المرئية فيها، مما يقلل من الوقت والتكلفة للاستشارات. يمكن لتغيير طريقة تقديم الخدمة أن يؤثر بشكل إيجابي في جدوى الممارسة في المناطق الريفية، حيث يساعد على تقليل العزلة عن الأقران والمتخصصين. ويؤدي إلى رفع مستوى صحة الفم والتقليل من انتشار أمراضه خصوصاً تسوس الأسنان وأمراض اللثة التي تشهد ارتفاعات كبيرة في هذه المناطق النائية، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية.

تطبيقات في التعليم الطبي

لعب طب الأسنان عن بُعد، دوراً مهماً في التعليم الطبي من خلال وسائل التعليم الذاتي والمؤتمرات الفيديوية. ويوفر النظام التعليمي عبر الإنترنت معلومات خُزنت في الخوادم الإلكترونية حتى قبل وصول المستخدم إلى البرنامج. يتمتع المستخدم بسلطة التحكم في سرعة البرنامج ويمكنه مراجعة المادة التعليمية عدة مرات حسب رغبته. وقد ازدهرت هذه التطبيقات أكثر خلال جائحة كورونا وعندما جرى اكتشاف الفوائد الكبيرة لهذه التقنيات في تعميق التعليم الطبي عن بُعد واستفادة أضعاف الأعداد من طلبة طب الأسنان وأطباء الأسنان تم الاستمرار في تطوير هذه التطبيقات بشكل كبير. كما ازدهرت في تخصصات طب الأسنان، إذ يمكن أن يكون طب الأسنان عن بُعد أداة قوية لتعليم الطلاب الذين يواصلون دراساتهم العليا ومساعدتهم في الحصول على تحديثات مستمرة في مجال تخصصات طب الأسنان المختلفة، وهكذا جرى تطوير برامج الاتصال المرئي مثل «زووم» و«تيمس» و«مايت» لتكون قنوات مهمة للتطوير المهني لأطباء الأسنان لتخصصهم الدقيق في مختلف تخصصات طب الأسنان. ويمكن عقد جلسات الفيديو لمناقشة تفاصيل المرضى والتفاعل بين المعلم والطلاب، مما يوفر فرصاً جديدة للتعلم. هذا النوع من التعليم يتيح للطلاب الاستفادة من خبرات المتخصصين بغض النظر عن المسافات.

في المدارس ومراكز رعاية الأطفال

يجب إنشاء نماذج لاستخدام طب الأسنان عن بُعد في المدارس ومراكز رعاية الأطفال لزيادة الوصول إلى رعاية الأسنان للأطفال. وتلعب هذه المؤسسات دوراً حيوياً في ضمان صحة الفم المثلى للأطفال من خلال الكشف المبكر عن مشكلات الأسنان وإدارة الأمراض المزمنة وتوفير الرعاية العاجلة. وقد استخدم أطباء الأسنان في جامعة روتشستر صور الأطفال الصغار لتحديد حالات تسوس الأسنان المبكرة، مما يساعد على تجنب الألم والصدمة المالية والزيارات الطارئة للعيادات. ولعل مدارسنا ومعاهد الأطفال في عالمنا العربي في أمسّ الحاجة لمثل هذه التطبيقات حيث يعاني أكثر من 90 في المائة من الأطفال العرب من تسوس الأسنان، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2022.

دخول الذكاء الاصطناعي

في السنوات المقبلة، يُتوقع أن تُحدث التطورات في مجال الاتصالات تغييرات مثيرة تمكّن من الوصول إلى رعاية الأسنان للجميع. ومع ذلك، فإن نجاح طب الأسنان عن بُعد يتطلب حل كثير من القضايا مثل الترخيص بين الدول، والأخلاقيات، والأمان التكنولوجي. وقد تمكن الذكاء الاصطناعي من تطوير هذه التقنية من خلال التطورات التالية:

- التشخيص: الذكاء الاصطناعي يحلل الصور الشعاعية بسرعة وبدقة.

- الرعاية الشخصية: الذكاء الاصطناعي يخلق خطط علاج مخصصة ويتنبأ بالمشكلات المستقبلية.

- المساعدات الافتراضية: الذكاء الاصطناعي يتعامل مع الاستفسارات الروتينية وجدولة المواعيد.

- التعليم: الذكاء الاصطناعي يوفر تدريباً متقدماً للمهنيين وتعليمات شخصية للمرضى.

- إدارة البيانات: الذكاء الاصطناعي ينظم السجلات ويؤمن البيانات.

- المراقبة عن بُعد: الذكاء الاصطناعي يتابع صحة الأسنان عن بُعد عبر الأجهزة.

الوصول: الذكاء الاصطناعي يُحسن الوصول إلى الرعاية السنية، خصوصاً في المناطق النائية.

قيود وتحديات طب الأسنان عن بُعدرغم الفوائد الكثيرة، يواجه طب الأسنان عن بُعد عدة تحديات تشمل:

- الترخيص بين الدول: تحتاج الممارسات التي تستخدم طب الأسنان عن بُعد إلى ترخيص لمزاولة المهنة في أي جزء من البلد.

- الأمان والخصوصية: يتعين على الأطباء اتخاذ جميع الإجراءات لحماية بيانات المرضى باستخدام تقنيات التشفير وكلمات المرور.

- التقبل العام: يحتاج طب الأسنان عن بُعد إلى قبول واسع من المرضى ومقدمي الخدمات الطبية ليصبح جزءاً من النظام الصحي.

وعلى الرغم من استخدام الطب عن بُعد منذ سنوات كثيرة، فإن استخدامه في مجال طب الأسنان في العالم العربي ما زال محدوداً رغم الحاجة الماسة إلى ذلك.

يُتوقع أن يصبح طب الأسنان عن بُعد جزءاً أساسياً من رعاية صحة الفم في المستقبل القريب، مما يوفر حلاً مشجعاً للسكان المعزولين الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى نظام الرعاية الصحية في صحة الفم بسبب بُعد المسافة أو عدم القدرة على السفر أو نقص مقدمي الرعاية الصحية.