حرب انقلابية لاستئصال الهوية اليمنية بمناهج التعليم

TT

حرب انقلابية لاستئصال الهوية اليمنية بمناهج التعليم

تواصل الميليشيات الحوثية خوض حروبها ضد اليمنيين على أكثر من صعيد، بما في ذلك الحرب التي تشنها لاستئصال الهوية التاريخية والسياسية لليمن عبر بوابة المناهج التعليمية، حيث تواصل تغييرها وتعبئتها بأفكارها الطائفية والسلالية، مستهدفة كل ما له علاقة بتاريخ اليمنيين وإنجازاتهم سواء قبل الإسلام أو بعده.
إلى ذلك، تحاول الميليشيات الحوثية جاهدة تجاهل المآسي التي سببها نظام حكم الأئمة، مع التقليل من نضالات الحركة الوطنية اليمنية في سبيل إسقاط هذا النظام وإقامة دولة مدنية عصرية بعيدة عن التمييز العنصري أو الطائفية.
وقال معلمون في العاصمة اليمنية المحتلة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن ما يسمى المكتب التربوي للميليشيات يواصل إدخال تغييرات جوهرية على مناهج التعليم تركز على تمجيد الفكر الطائفي لهذه الميليشيات والاستعلاء السلالي، من خلال إلغاء جميع الدروس التي تتحدث عن الشخصيات الوطنية اليمنية في كل مراحل التاريخ، وإحلال دروس بديلة تقدس فترات حكم الأئمة الذي كان يظهر في بعض مناطق البلاد لفترة محددة ثم ينتهي، وتقديم تلك المراحل والشخصيات الطائفية باعتبارهم نماذج ينبغي الاحتذاء بها.
ووفق المعلمين الذين طلبوا عدم الإشارة إلى أسمائهم خشية الانتقام منهم فإن القيادي الحوثي القاسم الحمران المعين نائباً لوزير التربية والتعليم في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، وهو صهر لزعيم الميليشيات، يتولى منذ أن عين في هذا المنصب الإشراف على تغيير المناهج الدراسية وتصفيتها من أي دروس تفضح ممارسات نظام حكم الأئمة أو تمجد نضالات اليمنيين ضد هذا النظام، وضد الاحتلال الفارسي لليمن قبل الإسلام.
هذه الاتهامات للميليشيات الحوثية أكدتها نقابة المعلمين اليمنيين التي أوضحت أن التأثيرات الفكرية لتدخلات الحوثي في المنهج الدراسي للعامين 2016 و2017 كرست لتحسين صورة الحوثي وتقديسه باعتباره ابنا للنبي يجب موالاته واتباعه، ووجوب طاعته، كما اهتمت بإعطاء مبررات دينية خفية للانقلاب وللحرب التي يخوضها الحوثي ضد اليمنيين.
في السياق نفسه، حملت التغييرات الحوثية على المناهج التعليمية بعداً فكرياً متحيزاً يهدف إلى تكريس العنصرية وأفضلية الحوثي سلالياً على سائر اليمنيين، ومحاولة إقناع الطلبة بأن «السلطة والحكم» حق إلهي حصري وهبة الله للحوثي وسلالته؛ وهو ما يعني في النهاية إلغاءً كاملاً لحقوق الإنسان كالحرية والمساواة والعدالة ولفكرة المواطنة.
‏وبحسب ما ذكره المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين يحيى اليناعي، فإن محتوى التغييرات في المنهج ركز أيضاً على إقناع الطلبة بأن الهوية الإسلامية مرتبطة أساساً بأن يكون الإنسان معتنقاً للأفكار الخمينية المستوردة من إيران، حيث كثفت الجماعة من التغييرات ذات البعد المذهبي، بما يجعل من التشيع هو أساس الثقافة الدينية وليس الإسلام. إلى جانب التغييرات في كتاب «التربية الوطنية» للصف الثامن حيث تم حذف وحدة كاملة تتحدث عن «ثورة 26 سبتمبر» ومنجزاتها في مختلف المجالات. وإحلال وحدة بدلاً عنها سموها بـ«الاستقلال والسيادة» معززة بصور مقاتلي الميليشيات.
‏النقابة رصدت أيضاً حذف درس «أبو الأحرار محمد محمود الزبيري» من كتاب اللغة العربية للصف الثالث، واستبداله بدرس عن المطر. كما تم حذف وحدة من كتاب التاريخ للصف الخامس حول «الحضارة اليمنية القديمة» وإحلال دروس عن الأئمة «القاسم والمنصور ويحيى». كما حذفت الميليشيات درس «الاحتلال الفارسي» لليمن من كتاب التاريخ للصف الخامس، وأحلت مكانه درساً آخر اسمه «بطاقة تفكير» تطلب فيه من الطلاب الكتابة حول حربها على اليمنيين تحت عنوان «الغزو الأميركي الصهيوني».
وفي سياق حذف كل الدروس عن الشخصيات اليمنية التاريخية التي شاركت في معارك المسلمين ضد الفرس، قامت الميليشيات الحوثية في كتاب الاجتماعيات للصف الرابع بحذف درس «عمرو بن معد يكرب» وهو البطل اليمني الذي لقب بفارس العرب، والذي يقال إنه قتل القائد الفارسي «رستم» قبل أن يقتل في معركة نهاوند.


مقالات ذات صلة

تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

العالم العربي القيادات الحوثية القادمة من محافظة صعدة متهمة بمفاقمة الانفلات الأمني في إب ونهب أراضيها (إعلام حوثي)

تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

يشتكي سكان إب اليمنية من تمييز حوثي مناطقي ضدهم، ويظهر ذلك من خلال تمييع قضايا القتل التي يرتكبها مسلحون حوثيون ضد أبناء المحافظة.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.