العراق: محاولات من أجل مصالحة دائمة بين «الصدريين» و«الإطار التنسيقي»

TT

العراق: محاولات من أجل مصالحة دائمة بين «الصدريين» و«الإطار التنسيقي»

لم يتفق التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، ولا حركة «عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، على منح توصيف «الاتفاق» للتفاهم الذي أبرمه الطرفان حول ما عرف بـ«فتنة ميسان»، فقد تم التوافق بين اللجنتين التي شكلهما الصدر والخزعلي على ست نقاط، الأمر الذي منح الضوء الأخضر للقوات الأمنية العراقية لاعتقال عدد من المشتبه بهم في المحافظة ممن كانوا يعلنون انتماءهم إلى أحد الطرفين.
طبقاً للاتفاق، فقد أعلن الطرفان براءتهما من أي متهم مدرج لدى الأجهزة الأمنية على لوائح الاعتقال وهو ما حصل بالفعل. وإعلان البراءة كان هو المقدمة الضرورية لعد ما تم بمثابة صلح ولو مؤقت بين الطرفين. فطبقاً لكل المؤشرات، فإن التصعيد في ميسان، لا سيما بعد اغتيال أحد القضاة البارزين في المحافظة، تلته عدة عمليات اغتيال، كان بمثابة مقدمة لاقتتال شيعي - شيعي يبدأ من محافظة ميسان التي يتنازع على السيطرة عليها كل من التيار الصدري و«العصائب».
ما بدا أنه اتفاق ملزم للطرفين لا يزال صامداً، فيما دخلت قطعات عسكرية إضافية بأمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتمشيط المحافظة من الجماعات المسلحة وأصحاب الجريمة المنظمة، فضلاً عن مشعلي الفتن والنزاعات العشائرية. لكنه وطبقاً للجو السياسي الخانق الذي تعيشه البلاد بعد أن دخلت رئاسة الجمهورية، وهو ما يحصل للمرة الأولى، على خط الأزمة، فإن هناك محاولات، وإن لم تزل خجولة تقوم بها، حسب التسريبات، أطراف سياسية شيعية من أجل تحويل اتفاق النقاط الست بين التيار الصدري و«العصائب» إلى نوع من الصلح الدائم يمكن أن يمهد لتقارب بين التيار الصدري، المتحالف مع السنة و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وبين «قوى الإطار التنسيقي» التي تضم بالإضافة إلى «العصائب»، كلاً من «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم و«النصر» بزعامة حيدر العبادي و«عطاء» بزعامة فالح الفياض. وفي هذا السياق، فقد قدمت قوى «الإطار التنسيقي» مبادرة سياسية دفعها إليها ما حصل من تطور إيجابي بين خصمين عنيدين داخل البيت الشيعي، وهما التيار الصدري و«العصائب»، كون زعيم «العصائب» قيس الخزعلي، كان أحد قيادات التيار الصدري قبل أن ينشق عن الصدر ويؤسس كياناً جديداً. وكان الصدر حين أعلن تشكيل اللجنة التي تتولى إجراء مفاوضات في ميسان مع «العصائب»، قال بصراحة إنه «في حال لم يرضوا بمقتدى الصدر، فعليهم بمحمد محمد صادق الصدر»، في إشارة إلى أنهم جميعاً ينتمون إلى خط والده المرجع الراحل الذي اغتيل عام 1999.
المبادرة السياسية، وطبقاً لما أعلنه عدد من قيادات الإطار التنسيقي، تهدف إلى خلق جو من التفاهم بين جميع الأطراف في محاولة لفتح جزء من الانسداد السياسي الذي تعانيه البلاد. وفيما لم يعلق الصدريون بعد على مبادرة الإطار، فإنها، طبقاً لما أعلنه النائب السابق في البرلمان العراقي عن «العصائب» أحمد الكناني، قدمت أيضاً إلى القوى السنية والكردية. وقال الكناني في تصريح له أمس الأحد، إن «القوى السياسية السنية والكردية رحبت واستجابت لهذه المبادرة». وأضاف: «السنة والكرد يرون في الوقت الحاضر أن التوافق السياسي هو سيد المشهد». ورجح الكناني أن «الأيام المقبلة ستكون الاستجابة للمبادرة، خصوصاً بعد حسم منصب رئاسة الجمهورية».  



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.