قيادات شمال لبنان الدينية تزور السفارة السعودية للتضامن

المفتي الشعار لـ («الشرق الأوسط») : كلام نصر الله ليس من قيم المقاومة إن كان يمثلها

قيادات شمال لبنان الدينية  تزور السفارة السعودية للتضامن
TT

قيادات شمال لبنان الدينية تزور السفارة السعودية للتضامن

قيادات شمال لبنان الدينية  تزور السفارة السعودية للتضامن

أكد السفير السعودي لدى لبنان علي بن سعيد عواض عسيري أن السفارة السعودية في لبنان لا تشبه سائر السفارات، إذ إن أبوابها مفتوحة لكل اللبنانيين، معتبرا أن علاقة اللبنانيين مع سفارة المملكة العربية السعودية يجب أن تكون علاقة أخوية وليست فقط دبلوماسية أو سياسية.
ودعا عسيري إثر استقباله وفدا كبيرا من كبار رجال الدين المسلمين والمسيحيين من مدينة طرابلس وشمال لبنان، على رأسهم مفتي مدينة طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، ومطران الموارنة في طرابلس والشمال جورج أبو جودة، إلى «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية في أقرب فرصة ممكنة، لأنه الأمين على الدستور، ولما في ذلك من مصلحة للبنان على كل الصعد». وأردف أن «جهود المملكة لن تتوقف وتتأثر بالمستجدات التي نرى أنها خرجت عن المعهود وشذت عنه».
ورحب عسيري بموقف أبناء الشمال الداعم للسعودية، وبالمشاعر الفياضة التي تعبر عن عمق العلاقة اللبنانية السعودية. وقال إن «هذه العلاقة تاريخية أصيلة وترجمتها المملكة في قيادتها السابقة واللاحقة في حبها للبنان وحرصها على استقرار لبنان وسيادته ووحدة شعبه، نتمنى أن نراها على أرض الواقع». وعن إمكان تأثر اللبنانيين العاملين في المملكة بسبب بعض مواقف اللبنانيين بحقها، قال عسيري: «نحن نتمنى ألا يتأثر أي لبناني في المملكة، والوفود التي أتت من السعودية وعبرت عن رأيها في الغرفة التجارية وبعض أجهزة الإعلام ما زالت تتوافد إلى لبنان لاهتمامها بهذا الشيء».
من جهته، اعتبر المفتي الشعار أن «المملكة العربية السعودية هي الدولة الإسلامية الأم التي احتضنت المسلمين، وتحتل مكانة قيادية متقدمة في العالم، أزعجت كثيرا من الدول المناوئة لها مثل دولة الفرس في إيران».
وأشار المفتي الشعار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السعودية أخذت على عاتقها دعم القضايا الإنسانية بأي بقعة في العالم، وخصوصا ما يتعلق بقضية فلسطين، وكل دولة عربية تحتاج إليها، وهذا يزعج بعض الدول الطامحة في أن تتصدر قيادة المسلمين في منطقة الشرق الأوسط، ما دفعهم إلى توجيه سهامهم إلى المملكة».
وأعرب عن أسفه في أن «جزءا من الصراع بالمنطقة يعود إلى عمق مذهبي عند بعض الدول»، مذكرا بأن «دعم السعودية لا يخفى على أحد، وهي وقفت إلى جانب أهلنا في جنوب لبنان في بلسمة الجراح».
وشدد الشعار على أن من أعظم ما يميز المملكة العربية السعودية هو حكمة قيادتها ودقة مواقفها، مؤكدا أنها «لن تتصرف بردود فعل ولن تتأثر بكلام الأمين العام لـ(حزب الله) السيد حسن نصر الله»، ودعا نصر الله «للتراجع عن مواقفه تجاه السعودية، لأن كلامه ليس من قيم المقاومة إن كان يمثلها».
ورأى الشعار أن «المملكة معذورة في عدم إعطاء تأشيرات سعودية لكثير من اللبنانيين، لأنها شديدة الحرص والحذر في أن يتم تزوير وثائق والقيام بأعمال تخريب في أراضيها».
وفي سياق زيارته للسفارة السعودية، طلب المفتي الشعار من السفير عسيري إبلاغ قيادة المملكة موقف اللبنانيين عامة وأهل طرابلس والشمال بصورة خاصة من مسيحيين ومسلمين. وقال: «إننا معكم وإلى جانبكم بالكلمة والموقف والدعاء، وأبلغهم أن يكملوا مسيرة الخير والله معكم».
وشدد الشعار على أن «الوفد الشمالي جاء ليقول كلمة (نعم) لمملكة الخير مليكا وأولياء عهد وحكومة وشعبا وجيشا باسلا»، معتبرا أن «التطاول على السعودية وقادتها وأولياء عهدها وحكومتها وشعبها هو منكر من القول وزور».
من ناحيته عبّر مطران الموارنة في طرابلس والشمال جورج أبو جودة، عن شكره للمملكة وقيادتها على استقبالهم للبنانيين العاملين في المملكة وتأمين ما يمكن أن يؤمن لهم ليستطيعوا أن يقوموا بعملهم على أكمل وجه. ولفت إلى أن «أكثر من نصف مليون لبناني يعملون في المملكة ويؤمنون المساعدة لعائلاتهم هنا في لبنان مسيحيين ومسلمين ودون تميز يعيشون حياة كلها عطاء وتضحيات للمساهمة في بناء المملكة والمساهمة في بناء لبنان.
وأشار أبو جودة إلى أن «الأحداث الأليمة التي يعيشها شرقنا العربي يؤلمنا جميعا، ونحن نشكر المملكة لكل ما تقوم به لتعيد الهدوء إلى هذه المنطقة، وكل ما قامت به لإعادة الهدوء إلى لبنان وكل المساعدات التي قدمتها وخصوصا دعمها لجيشنا اللبناني الباسل من خلال هذه المبالغ من المال الذي قدمتها لكي يستطيع الجيش أن يقوم بواجبه على أكمل وجه».
وكان السفير عسيري استقبل في وقت سابق وفدا من الجالية اللبنانية في المملكة العربية السعودية الذي أتى إلى سفارة المملكة في بيروت ليعبّر عن تضامنه مع مواقف المملكة والتأكيد على العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.