محكمة مصرية تقضي بحظر الإفتاء في أمور الدين على غير المتخصصين

إجلالاً لصحيح الإسلام ومواجهة لظاهرة التطرف والإرهاب

محكمة مصرية تقضي بحظر الإفتاء في أمور الدين على غير المتخصصين
TT

محكمة مصرية تقضي بحظر الإفتاء في أمور الدين على غير المتخصصين

محكمة مصرية تقضي بحظر الإفتاء في أمور الدين على غير المتخصصين

قضت محكمة مصرية أمس بحظر غير المتخصصين من علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف الإفتاء في أمور الدين، لما فيه من إساءة للإسلام الصحيح، ومن أجل مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف. وناشدت المحكمة العلماء بتجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من آثار التعصب الديني، قاصرة تجديد الخطاب الديني على «الفروع فحسب دون ثوابت الدين الإسلامي».
جاء ذلك خلال تأييد المحكمة لقرار وزير الأوقاف السلبي بالامتناع عن تجديد تصريح الخطابة الممنوح لأحد المنتمين إلى التيارات الدينية بمحافظة البحيرة، والذي أقام دعوى ضد وزارة الأوقاف لمنعه من الخطابة، بعد أن خالف موضوع خطبة الجمعة المحدد من قبل الوزارة.
وأصدر الرئيس المصري السابق عدلي منصور، العام الماضي، قانونا بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد، وقصرها على المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المُصرح لهم بممارسة الخطابة.
ويأتي هذا الحكم اتساقا مع دعوة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل عدة أشهر، ناشد فيها المؤسسات الدينية الإسلامية بتجديد الخطاب الديني، من أجل مواجهة أعمال العنف والتطرف الطائفية التي تمارسها جماعات متشددة باسم الإسلام.
وجاء في حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى بالبحيرة)، الصادر أمس برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، أن «أساليب تجديد الخطاب الديني التي يتعين انتهاجها في العصر الحديث لمواجهة ظاهرة الإرهاب يجب أن تصلح ولا تفسد، تيسر ولا تعسر»، داعية العلماء المتخصصين بوزارتي الأوقاف والأزهر الشريف أن يراعوا عدة نقاط عند تجديد الخطاب الديني، منها «بيان أن الإسلام يدعو إلى السلام في الأرض، وهو دين خير وسلام وليس دين عنف أو عدوان، مع إعادة فهم النصوص على ضوء واقع الحياة وما تستحدثه البيئة المعاصرة بحيث تتناسب مع روح التطور، وعدم المساس بثوابت الدين نفسه من نصوص قطعية الثبوت والدلالة، وأن يعالج تجديد الخطاب الديني مفهوم الوطن في ضوء حقيقة مفهوم الفكر السياسي الإسلامي».
وأضافت المحكمة أنه «يجب أن يكون تجديد الخطاب الديني عالميا يتعدى حدود الأقطار الإسلامية والعربية، وعلى جميع الدول الاصطفاف مع مصر لمواجهة الإرهاب لأنه بلا وطن، وأن يعتمد على الاعتدال ووساطة المنهج، وأن يقيم وزنا لشبكة المعلومات الدولية، ومواجهة الفكر بالفكر، خصوصا مع فئة الشباب، ذلك أن الواقع كشف عن أن هناك تقصيرا في مناقشتهم واحتوائهم».
وتابعت أن «قادة الفكر الديني الوسطي يدركون أنه يجب أن تكون أساليب التجديد للخطاب الديني مرتبطة ارتباطا وثيقا بتطور الحياة ومنبثقة عن تعاليم الإسلام السمح، ذلك أن التاريخ أثبت أن المذاهب الإسلامية المتشددة لم تستطع أن تخترق مصر على مر تاريخها، بسبب تشرب علمائها الأجلاء من منهج الاعتدال، وأن يعتمد التجديد على أن الدين ليس للعبادة فحسب، وإنما المعاملة.. فالأمة الإسلامية عانت من التخلف الحضاري بسبب الاستقطاب المذهبي المتنافر، وأن يكون التجديد في الفكر المرتبط بتطور الحياة وليس في الدين ذاته».
واختتمت المحكمة بقولها إن «الإفتاء في أمور الدين محظور على الجهلاء وغير المتخصصين والمغرضين إجلالا لصحيح الدين، وأن وزارة الأوقاف والأزهر الشريف عن طريق الأجهزة العلمية المتخصصة ومنها مجمع البحوث الإسلامية ملزمون بالعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب الديني الذي ينتج عنه الانحراف في الفكر المذهبي والسياسي، وإبراز تجليات جوهر الدين الأصيل الخالص وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة، وبيان الرأي في ما يجد من مشكلات مذهبية أو اجتماعية تتعلق بالعقيدة، والتصدي للدراسات الزائفة ودعاة الفكر المنحرف وتفسيراته الخاطئة ضد الدين والرد على الافتراءات والشبهات والأباطيل وتوضيح الحقائق».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.