جاءت تسمية الدورة الحالية لمهرجان طيران الإمارات للآداب «ها هي تشرق الشمس»، لتكون انعكاساً لتحرك الإمارات السريع في مواجهة الأزمة العالمية المتمثلة في جائحة «كوفيد - 19»، وما حققته دبي من إنجاز في محاصرة الفيروس والحد من انتشاره، وفقاً لما قالته إيزابيل بالهول المديرة التنفيذية وعضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب.
وأضافت بالهول: «نواصل مرة أخرى جمع المؤلفين مع متابعيهم من القراء في مكان واحد، ونحرص على أن تكون كل دورة من المهرجان لها تميزها عن الدورة التي تسبقها، فالتحضير للمهرجان يبدأ من وقت مبكر، ويبذل فريق العمل جهداً كبيراً في البحث عن كل ما هو جديد ومشوق في عالم الإبداع الواسع، سواء من خلال إضافات جديدة قدمتها نخب المؤلفين للمكتبة العالمية، أو مبدعين لهم تجارب ملهمة في مجالات عدة حرصوا على توثيقها بين دفتي مؤلفات نالت شهرة عالمية واسعة، وغيرها الكثير».
وأوضحت: «شعار الدورة الحالية يعكس ما نشعر به من التفاؤل والأمل؛ إذ يحفزنا هذا الشعار على التفكر والتدبر في العديد من المواضيع المهمة التي نسعى من خلالها إلى إفشاء الأمل والسعادة في نفوس الناس، وهو النهج الذي طالما تميزت به الإمارات، التي نراها دائماً منارة للأمل وسبباً في نشر أسباب التفاؤل والتحفيز على الإيجابية في مختلف ربوع الأرض».
- الكتابة القلب النابض
وأكدت في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن الكتابة هي القلب النابض للاقتصاد الإبداعي؛ إذ تدخل الكتابة في جميع المجالات مثل النشر، والموسيقى، والإعلام، والأفلام، ومجال صناعة الألعاب الإلكترونية أو أي مجال إبداعي آخر، مشيرة إلى أن كل شيء يبدأ بقصة، وأنه بدون كُتاب قصص مبدعين، لا توجد أفلام، أو أغانٍ أو حتى ألعاب لأنه تقوم أيضاً على قصة.
وقالت، «كل هذه المجالات هي بمثابة صناعات ضخمة ذات أهمية بالغة وإمكانيات نمو كبيرة ويقدر حجمها حول العالم بملايين الدولارات».
وحول المشاركات الدولية في المهرجان، قالت إيزابيل «ما يقدمه المهرجان هذا العام يعكس روح مجتمع دبي؛ وهو امتداد لما تميز به خلال دوراته السابقة، إذ يستضيف المهرجان مؤلفين من جميع أنحاء العالم ومن 47 جنسية مختلفة».
وأضافت: «الفرصة التي يوفرها المهرجان في جمع ثقافات متعددة وتسهيل الحوار فيما بينها ميزة كبيرة نعتز بإسهامنا في تحقيقها، إذ نشرك المجتمع الإبداعي المحلي والإقليمي والعالمي في نقاش أدبي وفكري ثري، يتم من خلاله تبادل الرؤى والتجارب الفكرية بالغة التميز وفي مختلف المجالات ضمن سياق أدبي فريد».
ويعقد مهرجان طيران الإمارات للآداب على مدى أسبوعين في مدينة دبي الإماراتية، ويتضمن مجموعة من الجلسات وورش العمل التي تستعرض جملة من الموضوعات الفكرية متعددة المسارات والاتجاهات.
- العوامل المساعدة للمهرجان
وحول العوامل التي ساعدت على نجاح المهرجان في وقت يشهد القطاع الإبداعي تحديات اقتصادية جمة متمثلة في تداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد – 19)، قالت المديرة التنفيذية وعضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، «رغم أن الجائحة قد غيرت نمط حياتنا وطرق تفاعلنا مع بعضنا البعض؛ إلا أننا نرى أن الطلب على الكتب والقصص قد زاد بشكل ملحوظ وأكثر عن أي وقت مضى؛ إذ تشير مبيعات الكتب على مستوى العالم إلى أن الأشخاص يتخذون من الأدب ملجأ وفرصة للتعلم والفهم وفرصة للهروب من الواقع».
وأضافت: «لمسنا ذلك من خلال زوار المهرجان الذين يتوقون لفرصة بناء جسور جديدة للتواصل من خلال الأدب، ومما لا شك فيه أن الجائحة جلبت الكثير من التحديات، وليس على المستوى الاقتصادي فقط، ولكن بفضل المكانة الرفيعة التي يحتلها المهرجان، والشبكة الواسعة من الأدباء والمفكرين وصناع الفكر من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى الاهتمام الكبير من قبل جميع الشركاء والأصدقاء».
- تأسيس دار نشر
شهد المهرجان تأسيس دار نشر تابعة للمؤسسة، حيث قالت بالهول حول هذه الخطوة، «يتميز المشهد الأدبي الإماراتي بثرائه عبر نخبة من الكُتاب المبدعين، سواء من مواطني الإمارات أو المقيمين فيها».
وأضافت: «نحن ننظر إلى دار النشر الجديدة (إي ل ف بابليشينغ) (ELF Publishing) على أنها إضافة تدعم بناء نظام أدبي متكامل. فوجود دار نشر جديدة يسهم في فتح الآفاق أمام الطاقات المبدعة، لا سيما الشابة منها، التزاماً بتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي يدعو دائماً إلى تهيئة المجال أمام المبدعين، وتشجيع الشباب على الانخراط في شتى القطاعات الإبداعية، فهو شاعر ومبدع، ويعي تماماً قيمة الأدب في إحياء نهضة المجتمعات».
وأكدت على أن الدار لا تنشر على نفقة المؤلف، موضحة: «إننا نبحث عن الأعمال الروائية التي تستحق أن يقرأها الجميع ونقوم باختيار الكتب على أساس الجودة والجدارة».
وأوضحت أن النتيجة الأهم للمهرجان هي مواصلة الحوار الفكري وإذكاء هذا التواصل الإبداعي، وتوثيق الجسور بين نخب الكُتاب من مختلف أنحاء العالم، وجمعهم بالمبدعين والمهتمين بشتى مجالات الأدب وأشكال الإبداع في الإمارات والمنطقة، يسهم في خلق مساحة ثرية من التفاعل الفكري الإيجابي وما تستحضره من أفكار تسهم في إحداث تغيير إيجابي في حياة المجتمعات.