توافق مصري ـ ألماني على استمرار التنسيق لمواجهة تحديات المنطقة

السيسي بحث مع وزيرة الخارجية الألمانية العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون

السيسي خلال لقائه وزيرة الخارجية الألمانية في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقائه وزيرة الخارجية الألمانية في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

توافق مصري ـ ألماني على استمرار التنسيق لمواجهة تحديات المنطقة

السيسي خلال لقائه وزيرة الخارجية الألمانية في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقائه وزيرة الخارجية الألمانية في القاهرة (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر وألمانيا على «استمرار التنسيق والتشاور لمواجهة التحديات القائمة في المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في ليبيا»، فيما أشادت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بـ«دور مصر الإنساني في استضافة ملايين اللاجئين وإدماجهم في المجتمع وتوفير كافة الحقوق الأساسية لهم، بالإضافة إلى النجاح الكبير لمصر في ترسيخ مبادئ حرية العبادة والتسامح الديني وقبول الآخر».
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس السيسي وزيرة الخارجية الألمانية، أمس، في حضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، والسفير الألماني في القاهرة فرانك هارتمان.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن «الرئيس السيسي أكد على ما توليه مصر من أهمية خاصة لعلاقاتها الوثيقة مع ألمانيا، وتعزيز التعاون والمصالح المتبادلة بين البلدين في مختلف المجالات»، معرباً عن «تطلع بلاده لاستمرار هذا التعاون القائم بين البلدين على أساس من الاحترام المتبادل والشراكة المتوازنة».
ووفق بيان رئاسي مصري، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية «اعتزاز بلادها بالعلاقات الوطيدة والمتميزة التي تربطها بمصر، باعتبارها محور الاستقرار والاتزان في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، إلى جانب دورها الأساسي في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، فضلاً عن جهودها في مكافحة الهجرة غير المشروعة»، مشيرة إلى «حرص الحكومة الجديدة في ألمانيا على دعم تلك العلاقات بما يضمن تعزيز الشراكة القائمة بين البلدين وتطويرها على مختلف الأصعدة، والتنسيق بشـأن كافة الموضوعات والملفات الإقليمية محل الاهتمام المشترك».
وشهد اللقاء بحث عدد من الملفات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي والتجاري والاستثماري والعسكري. وتطرق اللقاء إلى مناقشة التطورات المتعلقة بعدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث تم «التوافق بشأن تضافر الجهود المشتركة سعياً لتنفيذ المقررات الصادرة عن مسار برلين، بهدف تسوية الأوضاع في ليبيا على نحو شامل ومتكامل، يتناول كافة جوانب الأزمة الليبية، بما يسهم في القضاء على الإرهاب، ويحافظ على موارد الدولة ومؤسساتها الوطنية، ويساعد على استعادة الأمن والاستقرار في البلاد».
وبحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية، تطرق اللقاء إلى استعدادات مصر لاستضافة قمة الأمم المتحدة للمناخ في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في مدينة شرم الشيخ، حيث أشادت وزيرة الخارجية الألمانية بـ«الدور الهام الذي تضطلع به مصر في إطار الجهود الدولية والإقليمية لمواجهة تغير المناخ»، بينما أكد الرئيس المصري أن «بلاده حريصة على خروج قمة شرم الشيخ على الوجه الأمثل، وحضور أكبر عدد ممكن من المشاركين، بمن في ذلك ممثلو المنظمات المدنية الناشطة في مجال الحفاظ على البيئة ومنحهم الحرية للتعبير عن آرائهم، كما ستسعى مصر إلى البناء على الزخم الدولي المتولد عن مؤتمر غلاسكو الأخير، والخروج بنتائج ومبادرات طموحة تسهم في تعزيز عمل المناخ الدولي على كافة المستويات».
وفي لقاء آخر، أكد شكري ووزيرة الخارجية الألمانية عمق علاقات التعاون بين مصر وألمانيا والتنسيق المشترك بين البلدين»، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده الوزير المصري مع وزيرة خارجية ألمانيا أمس.
وقال شكري إن مباحثاته مع الوزيرة الألمانية تناولت سبل تعزيز التعاون بين مصر وألمانيا، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، ومسألة حقوق الإنسان.
وقال شكري، رداً على سؤال من الإعلام الألماني بشأن مطالب البعض في ألمانيا بوقف صادرات الأسلحة وربطها بحقوق الإنسان، إن مصر «أكدت في كثير من المناسبات أنها لا تقيم علاقات على أساس المشروطية، لكن على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وفقاً لقواعد وميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية».
وأضاف شكري، بحسب ما أوردته وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر أمس، أننا «عندما نتعاون يكون ذلك على أرضية من التفاهم المشترك للتحديات التي تواجهنا، وكان لجوء مصر إلى ألمانيا للحصول على احتياجاتها من التسليح بغرض حماية أمنها القومي وحدودها. فالعقيدة العسكرية المصرية مبنية على الدفاع عن أراضي مصر، ومصر لا تقوم بأي عمل من أعمال الاعتداء»، مشيراً إلى أن «وجود مصر قوية عسكرياً أسهم بالتأكيد في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، بل وفي الإطار الأوروبي، وما تستطيع مصر أن توفره من أمن واستقرار في هذه المنطقة كان له مردود مباشر على الأمن والاستقرار في أوروبا، وبالتالي فإن تعزيز قدرات مصر في هذا الشأن يصب أيضاً في نطاق تعزيز الأمن الأوروبي».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».