العبادي يرفض تعدد زعامات الحشد الشعبي.. ويهاجم «جيش الإنترنت»

وصف مؤيدي المالكي دون أن يسميه بـ«الأصوات النشاز»

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي وهو يلقي محاضرة في جامعة كربلاء أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي وهو يلقي محاضرة في جامعة كربلاء أمس
TT

العبادي يرفض تعدد زعامات الحشد الشعبي.. ويهاجم «جيش الإنترنت»

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي وهو يلقي محاضرة في جامعة كربلاء أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي وهو يلقي محاضرة في جامعة كربلاء أمس

اختار رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، الوقت والمكان المناسبين لتوجيه الضربة القاضية لخصومه سواء داخل ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه، أو العملية السياسية، حين أعلن أنه «ليس من حق أحد تنصيب نفسه زعيمًا للجيش والحشد الشعبي»، داعيا إلى تجاهل ما وصفا بـ«الأصوات النشاز» التي باتت تسمى في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي «أيتام الولاية الثالثة»، في إشارة إلى الأطراف السياسية والإعلامية التي لا تزال تساند رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وتبحث في سقطات الحكومة الحالية.
العبادي الذي ترأس اجتماعا تنسيقيا للمحافظات غير المنتظمة في إقليم عقد أمس في كربلاء مسقط رأس المالكي، قال إن «هناك جيشًا على الإنترنت يعمل على قتل وتهجير العراقيين من خلال حملة كذب ودجل وتهويل». وفي لفتة ذات دلالة، أضاف العبادي أنه «ليس من حق أحد أن ينصب نفسه زعيمًا للجيش والحشد الشعبي»، مؤكدًا أن «ذلك من حق عوائل المقاتلين». ودعا العبادي إلى «عدم الاستماع للأصوات النشاز وخطابات بعض الطائفيين ممن لا يتجرأون على الظهور في الإعلام ويروجون لخطاباتهم في الإنترنت، وهم معروفون».
وفي هذا السياق، أكد سياسي عراقي مطلع ومقرب من التحالف الوطني (الكتلة البرلمانية الشيعية الأكبر داخل البرلمان) في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك خلافات داخل ائتلاف دولة القانون، بل وحتى داخل حزب الدعوة، بين تيارين؛ أحدهما يقوده رئيس الوزراء السابق والأمين العام للحزب نوري المالكي، والآخر بزعامة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، علما بأن تيار العبادي بدأ يقوى على أرض الواقع، بينما تيار المالكي لم يعد له الحضور الذي كان عليه سوى عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية التي تم تأسيسها بهدف الترويج للولاية الثالثة قبل أن يفقدها المالكي».
وأضاف السياسي المطلع أنه «بعد أن استمر العبادي يحظى بثقة المجتمع الدولي بالإضافة إلى شركائه داخل العملية السياسية، لا سيما شريكيه الرئيسيين من خارج التحالف الوطني، وهما التحالف الكردستاني، وتحالف القوى العراقية السني، فإن مهمة من لا يزال يدعم المالكي هي العمل على إسقاط تجربة العبادي، وذلك من خلال استغلال الثغرات التي تحصل هنا وهناك، والعمل على تضخيمها، وآخرها قضية الثرثار التي مثلما حاول تنظيم داعش تضخيمها لأسباب تتعلق برفع معنويات عناصره، فإن جيش الإنترنت، طبقا لوصف العبادي، يحاول الدخول من هذه الثغرة لكي يبين أن العبادي بات يضحي بأبناء المناطق الشيعية الجنوبية لصالح السنة الذين يرفضون دخول الحشد الشعبي».
وبين السياسي المطلع أنه «يجري الآن الإعداد لحملة تهدف إلى إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي من منطلق أنه يتحمل المسؤولية المباشرة مرة؛ ومرة أخرى من منطلق أنه يعمل على الإعداد لانقلاب عسكري مستغلا ضعف العبادي في مقابل صلابة المالكي الذي يريد الاتكاء على الحشد الشعبي». وأوضح أن «العبادي يقاتل الآن على جبهتين؛ الأولى هي جبهة الرافضين لدخول الحشد الشعبي إلى المناطق السنية حتى لا يعطي حجة لخصومه من مؤيدي الولاية الثالثة، والثانية هي جبهة المحرضين ضده لجهة زج الحشد الشعبي في معارك خاسرة وآخرها معركة الثرثار».
وبشأن ما إذا كانت قيادات الحشد الشعبي البارزة تؤيد طروحات الجماعات المؤيدة للمالكي، قال السياسي المطلع إن «أبرز قيادي بالحشد الشعبي وهو هادي العامري بدأ ينأى بنفسه عن هذه المسائل، وبات أكثر ميلا إلى تأييد العبادي، لأن العامري لا يريد أن يكون طرفا في صراع حزبي بين العبادي والمالكي، فضلا عن أن العبادي منحه كامل الصلاحيات بعد أن تم حسم مرجعية الحشد الشعبي إلى رئاسة الوزراء وقيادة القوات المسلحة».
وفي هذا السياق، أكد العامري، الأمين العام لـ«منظمة بدر»، أن تحرير الأنبار لن يتم إلا بمشاركة الحشد الشعبي، وأن هذه المشاركة مرهونة بطلب ودعم من رئيس الوزراء حيدر العبادي. وقال العامري في بيان أمس إن «معركة تحرير الأنبار لن تتم إلا من خلال المعادلة الرباعية المتكونة من الجيش والشرطة والحشد والعشائر»، مضيفا أن «مطالبتنا بأن تكون مشاركة الحشد بمعركة الأنبار مرهونة بطلب من العبادي، تهدف إلى عدم تكرار الحملة البعثية الداعشية التي شنها بعض السياسيين ضد أبناء الحشد في تكريت». وتابع أن «قيادة الحشد لن تهتم باعتراض سياسيي الفنادق»، لافتا إلى أن «ما يهمنا الآن هو أبناء الأنبار وعشائرها المقاتلة على أرض الواقع الذين طالبونا بكثرة بالتدخل لحل أزمة المحافظة».
من جهته، أكد الشيخ رافع الفهداوي، شيخ عشيرة البوفهد التي تتصدى لتنظيم داعش في محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عشائر الأنبار وفي إطار رغبتها في عدم منح فرصة لكل الجهات والأطراف التي تحاول النيل من وحدة العراقيين، منحت رئيس الوزراء حيدر العبادي تخويلا على صعيد دخول الحشد الشعبي ومشاركته في عملية التحرير طالما هو مؤسسة رسمية». وأضاف أن «هذا التخويل جاء بتوافق بين شيوخ العشائر المتصدية لتنظيم داعش وليس أولئك الذين يتخذون من الفنادق مقرات لهم، وبين الحكومة المحلية في محافظة الأنبار، مع الأخذ بنظر الاعتبار قضية تسليح العشائر التي تريد القتال ولكن يعوزها السلاح».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.