كيف تنظم ميزانيتك لمواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم؟

يجب على الأشخاص أن يفكروا في قيمهم المالية وأين يريدون أن تذهب أموالهم (رويترز)
يجب على الأشخاص أن يفكروا في قيمهم المالية وأين يريدون أن تذهب أموالهم (رويترز)
TT

كيف تنظم ميزانيتك لمواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم؟

يجب على الأشخاص أن يفكروا في قيمهم المالية وأين يريدون أن تذهب أموالهم (رويترز)
يجب على الأشخاص أن يفكروا في قيمهم المالية وأين يريدون أن تذهب أموالهم (رويترز)

سجلت الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلى ارتفاع على أساس سنوي في معدلات التضخم منذ حوالي 4 عقود، وأصبح الأميركيون يشعرون بتأثير هذا الارتفاع في معدلات التضخم، والذي لا يبدو أنه سيتراجع في أي وقت قريب.
وبالنسبة للكثيرين، أصبح الوقت الآن مناسباً لمراجعة ميزانية الأسرة، لمواجهة هذا التضخم، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن بي سي» الأميركية.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1492086006450950146
ويرى غريغ جياردينو، المخطط والمستشار المالي أنه «من الأهمية بمكان أن تعيد النظر في ميزانيتك وكيف تريد أن تنفق أموالك». وأضاف أن الإفراط في الإنفاق الآن قد يؤدي إلى عادات سيئة في المستقبل.
بدوره، قال المستشار المالي كريستوفر أوينز إن ارتفاع الأسعار يعني أن الميزانيات التي استخدمها الأميركيون للسنة والنصف الماضية «لن تعمل على الأرجح»، وإنه نظراً لأن التضخم يؤثر على الأسعار بنسب مختلفة، فسيتعين على كل شخص النظر إلى إنفاقه الخاص لإعادة ضبط ميزانيته.
ومن الأكيد أن تتأثر كل الميزانيات بالتكاليف المتزايدة في الفئات الأساسية، مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية سواء في المنزل أو في المطاعم وارتفاع أسعار الطاقة. لذلك، ألقِ نظرة على ما كنت تنفقه في تلك الفئات وأعد تخصيص مبالغ جديدة لها «بشكل منطقي».
ويضيف أوينز أن التخطيط «مهم بشكل خاص للأشخاص الذين يخططون للسفر في المستقبل، حيث أصبحت ميزانية الرحلات أكثر تعقيداً، ومن المهم التفكير: كم مرة ستستطيع الخروج لتناول العشاء في الخارج؟».
ومع استمرار تأثير التضخم على رفع أسعار السلع، يوصي أوينز المستهلكين بمراقبة الإنفاق «من كثب» في الفئات التي تزداد فيها التكاليف. ويضيف «سيكون من الجيد حقاً أن تراقب إنفاقك، ربما كل ثلاثة أشهر، تماماً مثل إجراء الصيانة العامة للمنزل».
وقالت تانيا براون، مؤسسة أحد المواقع الاقتصادية الإلكترونية، إنه إذا كان الشخص «يفرط في الإنفاق بسبب التضخم، فقد يضطر إلى إجراء بعض التخفيضات». وأضافت «يمكن أن يكون ذلك بسيطاً مثل شراء كميات أقل من اللحوم، أو استبعاد الأشياء غير المهمة بالنسبة لك، مثل بعض الخدمات التي تُقدم باشتراكات».
بدوره، قال المستشار المالي تِس زيغو إنه «يجب على الناس أن يجلسوا ويفكروا في أهم قيمهم المالية وأين يريدون أن تذهب أموالهم؟ بعد ذلك، يجب عليهم النظر إلى إنفاقهم ومعرفة ما إذا كان يتوافق مع هذه القيم».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.