«ماكو»... انحراف مسار الشغف والحياة

فيلم مصري يتخذ من غرق عبّارة «سالم إكسبرس» ذريعة

«ماكو»... انحراف مسار الشغف والحياة
TT

«ماكو»... انحراف مسار الشغف والحياة

«ماكو»... انحراف مسار الشغف والحياة

يبدأ الفيلم المصري «ماكو» أحداثه بالإشارة إلى أنها مستوحاة من الحقيقة. من ثم يقدم مغامرة في أعماق البحر الأحمر، تنتهي بمجزرة. يتخذ من مأساة عبارة «سالم إكسبرس» نقطة انطلاق لإثارة الحماسة، وبعدها يغير وجهته. فالعبارة الشهيرة غرقت في البحر الأحمر بعد اصطدامها بشعاب مرجانية عام 1991، مزهقة أرواح العشرات من بين نحو 600 شخص كانوا على متنها. في الفيلم، تصبح العبّارة ذريعة لولادة قصة تفقد السيطرة على نفسها وتُصاب بالارتطام. تؤدي الكاميرا في البحر وظيفتها، فتحمل بعض اللحظات تشويقاً يحرك الأعصاب. الأزمة في المحتوى المُركب على عجل.
تعرض «شاهد» الفيلم بعد نزوله في صالات السينما، وهو قصة لأحمد حليم، وسيناريو وحوار له مع محمد الحفناوي، والإخراج لهشام الرشيدي الذي استطاع إمساك شيء مما يتهاوى. الحكاية على هذا الشكل: «رنا بهجت» (بسمة) مخرجة أفلام وثائقية تحلم منذ صغرها بجائزة «المهرجان العالمي للأفلام الوثائقية». وفي ليلة الحفل، يقع خطأ بعد استدعائها إلى المسرح لتتسلمها، فيتبين أنها من نصيب زوجها «شريف ناهي» (النجم اللبناني نيكولا معوض)، ليطفو التصدع على السطح وتنكشف الأنانية الإنسانية. خيبة المخرجة فسقوطها أمام مئات الحاضرين وهي تعود إلى مقعدها، وسخرية «السوشيال ميديا» وبرنامج «أبلة فاهيتا» منها، يدفعانها إلى الاستشراس للتعويض والوصول. هنا تبدأ القصة بالانحراف عن مسارها، ربما كانحراف العبّارة قبل الغرق.
الاستغراب الأول، أن المخرجة وزوجها يملكان شركة إنتاج واحدة، إلا أنهما يقدمان فيلمين يرشحان إلى الجائزة نفسها، فيحصل عليها الزوج! وبعدها، حين تقرر صاحبة الحلم المُجهَض التحضير لفيلم يرد الاعتبار إلى نفسها، يتم الاجتماع مع الفريق، وبينه الزوج، للعمل على فكرة «جديدة وجريئة» تؤهلها لتحقيق فوز العمر. تلعب «المصادفة» دوراً في تغيير المعادلة، فتلتحق شابة تدعى «غرام نوح» (ناهد السباعي) بالشركة وتُقبل بطريقة سوريالية. بعد أفكار مستهلكة يطرحها الفريق، ترمي «غرام» الفكرة المُنتظرة: عبارة «سالم إكسبرس» واللغز حولها.
تلمع عينا «رنا بهجت» للاقتراح وتأمر ببدء التنفيذ، فتجر معها فريقاً بأكمله في رحلة إلى أعماق البحر، حيث ترقد العبارة، من دون أن يُظهر الفيلم أي حسبان للمخاطر والأثمان، فيفرغ الشخصيات من غريزة الحياة ويقدمها كمجسمات من دون روح تخاف عليها وتجنبها احتمال الموت. بعدها يترك للصراعات البشرية التجلي في أعماق البحر، حين يستعد الأخ لقتل أخيه والصديق للطعن بصديقه للنجاة بالنفوس.
الاستغراب الثاني، سرعة تشرذم الفريق الذي يُفترض أنه يد واحدة وقلب واحد، طالما وافق أفراده على مغامرة تحتمل الخسائر. تتوه وجهة القصة وسط سيطرة الشرذمة على الأجواء. ولا يعود معروفاً ماذا يفعل كل فرد تحت الماء. إلى أن يحل الاستغراب الثالث، حين يطرح فيلم المخرجة عنواناً عريضاً للبحث، هو الطاقة السلبية خلف غرق العبارة، وقيام ثلاثة أصدقاء غواصين بنشل الجثث ونهب الضحايا. زاوية مثيرة لو وُضع الإصبع عليها لأتت النتيجة مغايرة، إنما الاهتمام سرعان ما يجنح إلى مكان آخر، وفجأة يتنازل الفيلم عن القضية ويركز على محاصرة أسماك القرش للفريق وصراعهم مع الكائنات ذات الأسنان الحادة، فمقتلهم واحداً تلو الآخر.
منعطفات عدة تُضيع البوصلة. فالفيلم بداية يتحدث عن العبّارة، ثم عن لصوص الجثث، لاحقاً عن الطاقة السلبية، إلى أن يحط عند ذاكرة ناجية، هي نفسها «غرام نوح» صاحبة فكرة الوثائقي. من خلالها، يقدم المخرج ربطاً للصور بين غرق العبارة يوم كانت طفلة شهدت على موت والديها، وبين وقوفها في شبابها على مسرح المأساة. الفيلم من أجل هذه اللحظة، وإن غلفها بشعارات براقة كـ«الشغف مقابل الحياة»، وهي جملة رددها النجم التركي مراد يلدريم الحاضر في الفيلم بدور القبطان المساعد على الغوص، من دون إضافات أخرى.
ثمة عِبر، تتسلل بخجل. فالإصرار على النجاح إحداها، وأيضاً الحب المطل برأسه من عمق الفراق. فنيكولا معوض يقدم شخصية «شريف» بوفاء، كما تقدم بسمة شخصية «رنا». زوجان تهتز علاقتهما، وأمام الموت تستعيد زخمها. إلا أن الأوان يفوت، فتخلص «رنا» إلى استنتاج متأخر: «لا طعم للنجاح من دون الأحبة».
ومن العِبر، أثمانُ الوصول ودروبه المحفوفة بالخسائر. تبدو النهاية أضعف من إرادة القوة المتلطية بين سطورها، حين تقف «رنا» وقد بُترت ذراعها بأسنان القرش لتتسلم جائزة أحلامها. لم يبقَ أحد من الفريق، بعدما ماتوا جميعاً ورُفعت صورهم في الحفل، فتجد المخرجة أن تهديها إلى أرواحهم. يفوت الفيلم إخبار المُشاهد مَن تولى إكمال المهمة برغم المجزرة، وأي إبهار في فيلم يموت جميع أبطاله، فيقف الحضور مذهولاً ليصفق بحرارة لمخرجته وهي تنال الجائزة؟
أفلام القرش لها جمهورها، ومَن يحب وينتظر. يعوض الممثلون بأدائهم هشاشة القصة، منهم عمرو وهبة بدور «تيمور» وسارة الشامي بدور «آسيا». أمكن اسم النجم التركي أن يتجاوز غايته التسويقية، فيُمنح مشهداً يعزز حضوره. منذر الرياحنة بارع في اللقطات القليلة التي أطل بها. ساعة ونصف ساعة لتمرير الوقت، فقط.



الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.