الناتو والصين وعوامل أخرى... لماذا أصبح بوتين أكثر عدوانية؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

الناتو والصين وعوامل أخرى... لماذا أصبح بوتين أكثر عدوانية؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

أدى حشد القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا إلى خلق مواجهة دبلوماسية وتوتر بين روسيا والولايات المتحدة، أكبر قوتين نوويتين في العالم.
ويرى مايكل كيماج، الأستاذ في الجامعة الكاثوليكية الأميركية، والمتخصص في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، أن التوتر الحادث الآن أقل من ذلك الذي حدث خلال الحرب الباردة (من منتصف أربعينات حتى أوائل تسعينات القرن الماضي)، وأن التوتر في جوهره منافسة على النفوذ في أوروبا الشرقية والوسطى، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وحسب كيماج، عُرفت الحرب الباردة بالستار الحديدي، وكان الصراع الآيديولوجي (حول الرأسمالية والديمقراطية) شديداً للغاية، و«كانت ساحة المنافسة حقيقية». أما الآن، فلا يوجد ستار حديدي في أوروبا، ولا يوجد خط واضح يفصل بين روسيا وأوروبا، أو بين أوروبا وروسيا.
وتعد الولايات المتحدة أن دول أوروبا ذات سيادة كاملة ولها الحق في اتخاذ قراراتها الخاصة بشأن الأمن والتجارة والتحالفات، وغيرها. بدورها، ترى روسيا نفسها على أنها تتمتع بامتياز على طول حدودها الغربية، «لأسباب تتعلق بالأمن والهيبة»، وتطالب روسيا في هذه المنطقة بمزيد من النفوذ والاحترام، ولو بتوظيف القوة العسكرية، وفق كيماج.
وتقع أوكرانيا في منتصف هذه المنطقة، ومنذ عام 2014 أصبحت كل من موسكو وواشنطن تنظران إلى أوكرانيا على أنها المقياس لمستقبل أوروبا.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1492477724320878592
ويرى كيماج أن حلف الناتو أصبح موحداً تماماً منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021، عندما بدأت الأزمة الحالية حول أوكرانيا، وأن الحلف قام بـ3 أشياء: قدم قدراً من المساعدة العسكرية لأوكرانيا، وأشار إلى أن الحرب بين أوكرانيا وروسيا لا تهم الناتو بشكل مباشر، لأن أوكرانيا ليست عضواً في الحلف، وبالتالي فإن الناتو نفسه لن يقاتل في أوكرانيا؛ وأخيراً أبلغ الناتو روسيا أنه لن يقدم أي تنازلات، ولن يغلق سياسة الباب المفتوح بشأن العضوية، وبالتالي لا يستبعد احتمال قبول أوكرانيا في التحالف، وهو الأمر الذي تعارضه روسيا بشدة.
وفيما يخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يرى كيماج أن أسلوب بوتين الدبلوماسي أصبح عدوانياً وصدامياً واندفاعياً مؤخراً. وأنه (بوتين) يطلق الكثير من التحذيرات والإنذارات و«يتصرف بوقاحة»، وهو أمر غير معتاد بالنسبة للدبلوماسية بشكل عام والدبلوماسية الروسية بشكل خاص.
ولذلك أسبابه عند كيماج. فبوتين يشعر بالإحباط، لأن حلف الناتو يتوسع بشكل منفرد، ليس فقط في أوروبا الغربية (بعيداً عن روسيا) ولكن أيضاً على عتبة روسيا، في أوكرانيا وأماكن أخرى، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لبوتين، الذي يحمل «مظالم واستياء» تجاه الغرب ويستخدم الأزمة الأوكرانية للتعبير عنها.
جزء آخر من القضية هو «الثقة بالنفس أو الغطرسة»، فبوتين «يتمتع بقوة عسكرية هائلة وقد أظهر أنه على استعداد لاستخدامها (في أوكرانيا، في جورجيا، في سوريا، إلخ)... ويعتقد أن هذه الدرجة من القوة العسكرية تمنحه نفوذاً... وهو يعتقد أن هناك تبايناً بين هذا النفوذ ودرجة الاحترام التي يُظهرها له الغرب».
أيضاً لعب التقارب الصيني الروسي وعلاقة بكين الوثيقة بموسكو دوراً في دعم ثقة بوتين في نفسه، كما أن هذا التقارب قد يشجعه على الاعتقاد بأنه قادر على الصمود والتغلب على الضغوط الغربية عليه.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1489585782386040841
ووفقاً لكيماج، يعتقد بوتين أن الغرب في «حالة انحطاط، وأنه ليس كما كان عليه من قبل، وأن السياسة الخارجية الأميركية - على وجه الخصوص - عبارة عن سجل من مواقف الفشل (في العراق وأفغانستان وغيرها)، وأن الولايات المتحدة منقسمة داخلياً وأقل التزاماً بالأمن الأوروبي مما تصرح به». لذلك فإن بوتين يعتقد أن العالم قد تغير في السنوات العشر الماضية لصالح روسيا على حساب الغرب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».