مؤشرات إلى تورط إسرائيلي في قصف مواقع صواريخ سورية فجر أمس

ضربة جوية إسرائيلية تقتل 4 {كانوا يزرعون قنبلة عند الحدود مع سوريا}

جندي إسرائيلي يقف قرب الحدود مع سوريا في الجولان المحتل بعد استهداف طائرة إسرائيلية لأشخاص مجهولين أول من أمس كانوا يزرعون قنابل (أ.ب)
جندي إسرائيلي يقف قرب الحدود مع سوريا في الجولان المحتل بعد استهداف طائرة إسرائيلية لأشخاص مجهولين أول من أمس كانوا يزرعون قنابل (أ.ب)
TT

مؤشرات إلى تورط إسرائيلي في قصف مواقع صواريخ سورية فجر أمس

جندي إسرائيلي يقف قرب الحدود مع سوريا في الجولان المحتل بعد استهداف طائرة إسرائيلية لأشخاص مجهولين أول من أمس كانوا يزرعون قنابل (أ.ب)
جندي إسرائيلي يقف قرب الحدود مع سوريا في الجولان المحتل بعد استهداف طائرة إسرائيلية لأشخاص مجهولين أول من أمس كانوا يزرعون قنابل (أ.ب)

أكد مصدر بارز في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» أن مقرات «اللواء 155» التابعة للقوات الحكومية السورية في منطقة القلمون في ريف دمشق الشمالي، التي تتضمن قواعد صواريخ متوسطة المدى، «تعرضت في الساعة الثالثة من فجر الاثنين لضربة للمرة الثانية على التوالي خلال يومين»، من غير أن يحدد مصدر الضربة، وسط نفي السلطات الإسرائيلية، التي لمحت إلى أن المعارضة السورية هي التي نفذت هذا الهجوم، بينما نفت المعارضة السورية امتلاكها إمكانات عسكرية تؤهلها لتنفيذ ضربة دقيقة كهذه الضربة.
لكن القيادات الإسرائيلية اعترفت بشكل غير مباشر بقصف مواقع الجيش السوري قرب القلمون ليلة الجمعة - السبت الماضية، وبعد يومين من الصمت، فضلا عن التباهي بالقصف الذي أدى إلى سقوط أربعة قتلى في هضبة الجولان، ليلة أول من أمس.
وكان أوضح الاعترافات الإسرائيلية بالقصف ليلة الجمعة - السبت في القلمون، هو ما قاله وزير الدفاع موشيه يعلون، خلال احتفال في تل أبيب بمناسبة يوم إقامة إسرائيل، فقال إن «إيران تواصل مساعيها لتسليح حزب الله، حتى اليوم، وهي تطمح إلى تعزيز قوة التنظيم الإرهابي اللبناني بسلاح متطور ودقيق. وفي هذه السنة، وعلى ضوء قرار رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو)، حصل جهاز الأمن على ميزانية مناسبة تسمح لنا بالرد على ما يجري مباشرة. وتجري كل الكتائب والألوية تدريبات واسعة وستستمر التدريبات خلال هذا العام». وأوضح يعلون: «(حزب الله) يعرف أن هناك خطوطا حمراء وضعتها إسرائيل، وأنها لن تتهاون في هذه المسألة»، موضحا: «لن نسمح بنقل أسلحة متطورة لتنظيمات إرهابية، وسنعرف كيف نرد عليها وعلى مراسليها في كل وقت وفي كل مكان». وأضاف: «لن نسمح لإيران وحزب الله بإقامة بنية تحتية إرهابية على حدودنا مع سوريا، ونعرف كيف نصل إلى كل من يهدد مواطني إسرائيل، على امتداد الحدود؛ بل وأبعد من ذلك أيضًا».
أما عن ضربة فجر الاثنين، فقد أكد مصدر بارز في الجيش السوري الحر وقوع الضربة، في الساعة الثالثة، من غير تحديد الجهة التي نفذتها، لكنه أكد لـ«الشرق الأوسط» أن قوات المعارضة الموجودة في منطقة القلمون «تبعد نحو 20 كيلومترًا عن منطقة القطيفة التي يوجد فيها (اللواء 155) المخصص للصواريخ الاستراتيجية، وبينها صواريخ (سكود)»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «لا تمتلك إمكانات عسكرية تؤهلها لتنفيذ ضربة دقيقة كمثل هذه الضربة».
وتابع بقوله: «المنطقة التي تعرضت للقصف محصنة جيدًا، وباتت بعيدة نسبيًا عن مواقع سيطرة المعارضة في جرود فليطا (الحدودية مع لبنان)، وتضاعفت تحصيناتها بعد استعادة قوات النظام وحزب الله اللبناني السيطرة على منطقة يبرود في القلمون» في ريف دمشق الشمالي. وأضاف: «صواريخنا محلية الصنع، أو صواريخ (غراد)، لا يمكن أن تصيب هدفًا دقيقًا يحتاج إلى صواريخ موجهة، فضلاً عن أن الصواريخ التي بحوزتنا من الصعب أن تصل إلى مقر (اللواء 155) الواقع في القطيفة (المحاذية لدير عطية)»، مشيرًا إلى أن مواقع المعارضة «تبعد عن مدينة يبرود نحو 12 كيلومترا، كذلك تبعد 15 كيلومترًا عن النبك، مما يعني أن المسافة تتخطى الـ20 كيلومترًا باتجاه القطيفة».
ويلفت المصدر في الوقت نفسه، إلى أن قوات المعارضة «لا تمتلك أجهزة رصد يمكن الاعتماد على معلوماتها للتأكد مما إذا كانت طائرات إسرائيلية نفذت الضربة أم لا».
ويشير دخول الطائرات الإسرائيلية على خط استهداف مقرات عسكرية استراتيجية بالنسبة للقوات الحكومية في سوريا، إلى أهداف خاصة مرتبطة «بحسابات أمنية إسرائيلية»، كما يقول مدير مؤسسة «الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري» الدكتور رياض قهوجي لـ«الشرق الأوسط»، موضحًا أن الجانب الإسرائيلي «اتخذ هذا القرار في عام 2006 بعد الحرب، معلنًا أنه سيمنع بالوسائل العسكرية أي محاولة لتزويد حزب الله بأسلحة تؤثر على التوازن العسكري مع إسرائيل، مثل الصواريخ البالستية، والصواريخ المضادة للسفن والطائرات». ويرى أن الغارات الثلاث «تأتي ضمن هذه السياسة القائمة، خصوصًا مع اهتزاز وضع الجيش السوري وتضعضعه نتيجة الحرب في سوريا، واحتمال وقوع أسلحته الاستراتيجية بيد حزب الله».
وكان حزب الله أعلن في عام 2013 أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد رد على الغارات التي استهدفت أراضيه «بمنح حزب الله أسلحة كاسرة للتوازن»، فيما رد الحزب على غارات استهدفت قياديين له في الجولان، بضربة ضد أهداف إسرائيلية في جنوب لبنان، متوعدًا بالرد على أي ضربة لاحقة.
وقال قهوجي إن تحذيرات حزب الله «لا تردع إسرائيل عن تنفيذ ضربات تهدف إلى حماية أمنها، كونها لا تزال القوة العسكرية الأولى في الشرق الأوسط، وتعد من أول 10 دول مصدرة للسلاح في العالم، فضلاً عن أنها دولة نووية. لذلك، لا أعتقد أن تهديدات من مسؤول عربي، مهما كان، يمكن أن تردع إسرائيل، خصوصًا أنها تراقب باهتمام ازدياد تورط حزب الله في سوريا، وخضوعه لعملية استنزاف نتيجة المعارك التي يخوضها»، معربًا عن اعتقاده أن إسرائيل «قد تنتهز فرصة انخراط الحزب في الحرب السورية للانقضاض عليه عندما يحين الوقت سياسيا وعسكريًا».
وكانت الطائرات الإسرائيلية استهدفت «اللواء 155» ليل الجمعة – السبت الماضي. ونقل موقع «الحدث نيوز» عن مصدر مقرب من حزب الله أن «الغارة الإسرائيلية استهدفت مربض مدفعية وصواريخ، من أهم المرابض النشطة في المنطقة»، مشيرًا إلى أن الطيران الإسرائيلي استهدف اللواءين 155 و65 اللذين يختصان بالأسلحة الاستراتيجية والصواريخ بعيدة المدى. ووصف المصدر العملية الإسرائيلية بالـ«مريبة» خصوصا أنها استهدفت مربضا يستخدم لاستهداف المسلحين في الجرود، وربط المصدر بين الغارة الإسرائيلية والتحضير للمعركة المقبلة في الجرود ضد مقاتلي «جبهة النصرة».
يذكر أن هذه الغارات ليست الأولى من نوعها منذ 6 أشهر، ففي 7 ديسمبر (كانون الأول) الماضي استهدفت إسرائيل منطقتين في الديماس ومطار دمشق الدولي، فيما قتل 6 قياديين من الحزب في 18 يناير (كانون الثاني) الماضي إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت آلياتهم في منطقة القنيطرة الحدودية مع إسرائيل جنوب سوريا.
وكانت هضبة الجولان السورية قد شهدت، مساء أول من أمس، صداما قيل إنه يقع على خلفية القصف في القلمون، فقد قتل الجيش الإسرائيلي، ثلاثة أشخاص على الأقل، قرب السياج الحدودي مع سوريا بمحاذاة بلدة مجدل شمس المحتلة. وادعى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن «المخربين اقتربوا من السياج وقاموا بزرع عبوة في المكان. وقامت طائرة حربية إسرائيلية بقصفهم». وحسب التقارير الأولية فقد قتل ثلاثة أو أربعة أشخاص. وجاء هذا الحادث بعد مرور أقل من 48 ساعة على الهجوم الجوي الذي نسب إلى إسرائيل، على الأراضي السورية، والذي استهدف معدات حربية كانت في طريقها لحزب الله. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، متباهيا إن «كل محاولة للمس بجنودنا أو بمواطنينا ستواجه برد صارم كما في عملية الجيش هذه الليلة التي أحبطت محاولة لتنفيذ عملية. أنا أثني على يقظة جنود الجيش التي أدت إلى عملية عاجلة ودقيقة».
وقد لوحظ أن الجيش الإسرائيلي كان حذرًا أمس من التصريح رسميًا بأن حزب الله يتحمل المسؤولية عن محاولة الهجوم في الجولان، حتى لا يتيح للحزب أن يرد عليه. وقالت مصادر مقربة منه: «ولم يتضح بعد ما إذا كان إحباط العملية ينهي سلسلة العمليات الحالية في منطقة الشمال». وقد يرى حزب الله في العملية ردا على هجوم سلاح الجو، الذي منع نقل الصواريخ إلى لبنان، حسب ما نشر في الصحافة العربية. ويمكن للتنظيم أن يختار إبقاء الوضع الراهن مفتوحا، ويقوم بالبحث عن هدف إضافي للهجوم. وهناك تقديرات تقول إنه رغم نيته في الانتقام، فإن التنظيم سيحافظ على عدم تصعيد الجبهة. ويمكن لحزب الله أن يبحث لاحقا عن هدف عسكري في الجولان أو في جبل روس، يضمن عدم الخروج عن السيطرة. كذلك يمكن، وكما في السابق (وأيضا مثل أمس) أن يعمل التنظيم عبر جهة أخرى، كي لا يترك بصمات تقود إليه مباشرة.
وقد حذر عدد من الخبراء الإسرائيليين من أن تؤدي مثل هذه العمليات إلى تدهور حربي، لا يريده أي طرف ولكنه ينجر إليه بسبب المغامرات.
وحسب صحيفة «معاريف»، أمس، فإنها «ديناميكية متوقعة، لكنها خطيرة أيضًا، وقد تخرج عن نطاق السيطرة، رغم أن كلا الطرفين لا يرغبان بهذا الأمر. إنه (بينغ بونغ) خطير؛ لكل حادث محفزات انفجار أكبر مما سبقه، وكل حادث يزيد من إمكانية رد الطرف الثاني، ويرفع سقف رد الفعل. في ظل الافتراض بأن إسرائيل ستقوم مستقبلاً بضرب شحنات الأسلحة المعدة للبنان، كما حذر وزير الأمن بوضوح، أمس، فإن حزب الله سيواصل الرد. صحيح أنه تم أمس إحباط الهجوم في عملية دمجت بين الاستخبارات والسلاح البري والجوي (التي رافقتها قيادة الجيش بشكل مباشر، بعد استدعائها إلى مقر القيادة من حفل الاستقلال)، ولكن لا شيء يدوم إلى الأبد. على خلفية ما يجري يتطلب من إسرائيل الآن بالذات إجراء اختبار جديد للأسئلة الأساسية المتعلقة بسياسة تفعيل القوة العسكرية في الشمال. ويعتبر تشكيل الحكومة الجديدة فترة ملائمة لذلك؛ وسيكون من المفيد أن يقوم المجلس الوزاري السياسي - الأمني الجديد بإجراء فحص معمق لاستراتيجية إسرائيل تجاه سوريا ولبنان، كي يضمن الحفاظ على عملية الردع وبالأساس عدم دخول أي من الطرفين في تصعيد غير محبذ».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.