تونس تستعد لـ«محادثات افتراضية» مع صندوق النقد

أعدت برنامج إصلاحات يقوم على 3 محاور أساسية

تستعد السلطات التونسية لبدء سلسلة جديدة من المحادثات مع بعثة صندوق النقد الدولي (رويترز)
تستعد السلطات التونسية لبدء سلسلة جديدة من المحادثات مع بعثة صندوق النقد الدولي (رويترز)
TT

تونس تستعد لـ«محادثات افتراضية» مع صندوق النقد

تستعد السلطات التونسية لبدء سلسلة جديدة من المحادثات مع بعثة صندوق النقد الدولي (رويترز)
تستعد السلطات التونسية لبدء سلسلة جديدة من المحادثات مع بعثة صندوق النقد الدولي (رويترز)

تستعد السلطات التونسية لبدء سلسلة جديدة من المحادثات مع بعثة صندوق النقد الدولي التي ستنظم زيارة افتراضية إلى تونس خلال الفترة المتراوحة بين 14 و22 فبراير (شباط) الحالي على أمل إقناع هذه البعثة ببرنامج إصلاحات اقتصادية والحصول على تمويلات بالعملة الصعبة تحتاجها الميزانية، ويراهن الاقتصاد التونسي عليها لضمان انتعاشة اقتصادية خلال الفترة المقبلة.
وفي هذا الشأن، قال جيري رايس المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، إن الصندوق يتوقع بدء مهمة لمناقشة برنامج تمويل جديد محتمل مع تونس الأسبوع المقبل، وإن المشاورات مع تونس ستجرى عبر الإنترنت.
وتستمر هذه المحادثات لمدة أسبوع ومن المنتظر أن تشهد مشاركة نجلاء بودن رئيسة الحكومة التونسية، وسهام نمسية وزير المالية، وسمير سعيد وزير الاقتصاد والتخطيط، ومروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي.
ووفق ما أكدته وزيرة المالية، فإن هذه المحادثات تهدف إلى مواصلة الإصلاحات والسياسات الاقتصادية التي تنفذها تونس كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد. وكانت نمسية قد التقت الاثنين الماضي مارك جيرار، المدير الجديد لمكتب صندوق النقد الدولي بتونس، وتباحث الطرفان بشأن ملامح التعاون القائم بين تونس والصندوق وبرنامج العمل بالنسبة للفترة المقبلة.
وكانت تونس قد حصلت سنة 2016 على قرض مالي من صندوق النقد قيمته 2.9 مليار دولار، وامتد إلى سنة 2020. غير أن تعطل الاصطلاحات الاقتصادية في تونس حال دون مواصلة التعاون المالي بين الطرفين، وتحدثت حكومة هشام المشيشي السابقة عن سعي البلاد للحصول على قرض جديد بقيمة أربعة مليارات دولار، ولم تعلن السلطات التونسية الحالية عن قيمة القرض المالي الذي تنوي الحصول عليه خلال مفاوضاتها الجديدة مع صندوق النقد الدولي.
وفي نطاق استعدادات الحكومة التونسية لجلسات التفاوض مع صندوق النقد الدولي، فقد أعلنت تونس عن مخطط لتنفيذ إصلاحات في مجال السياسات المالية والجبائية على المدى القصير والمتوسط للفترة الممتدة بين 2022 - 2024 وتتمحور أساسا حول التحكم في كتلة الأجور الموجهة لموظفي القطاع العام وإعادة هيكلة الوظيفة العمومية، وإصلاح منظومة الدعم، علاوة على حوكمة التصرف داخل المؤسسات العمومية، وهي من أهم الشروط التي ينادي بها الصندوق لضمان تمويل الاقتصاد التونسي.
وأكدت المصادر ذاتها أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يهدف إلى التحكم وبشكل مستعجل في التوازنات الكبرى ودفع النمو وإعداد الأرضية لانتعاشة اقتصادية، وبلغت كتلة الأجور خلال السنة الماضية مستوى 20.345 مليار دينار تونسي، أي ما يعادل 59 في المائة من إجمالي موارد الميزانية.
ويشترط صندوق النقد تخفيض كتلة الأجور إلى حدود 14 في المائة من الناتج المحلي الخام، وذلك من خلال ترشيد الزيادات في الأجور والحد من الانتدابات الحكومية وحصرها في القطاعات ذات الأولوية.
أما على مستوى التحكم في منظومة الدعم، فإن إصلاح هذه المنظومة لا يكون إلا عبر إعادة صياغة سياسات الدعم وآليات التعويض أساسا، عبر المرور من دعم الأسعار إلى الدعم المباشر مما يمكن من توفير اعتمادات إضافية موجهة للاستثمار العمومي. وتسعى تونس إلى تفعيل نظام جديد لدعم المواد الأساسية بصفة تدريجية خلال الفترة الممتدة من 2023 إلى 2026 مع تركيز آلية استهداف قادرة على تحقيق العدالة اللازمة من خلال توجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين.
ويهدف برنامج الإصلاح على مستوى دعم المحروقات إلى بلوغ الأسعار الحقيقية في أفق سنة 2026 مع اتخاذ إجراءات موازية لحماية الفئات الهشة.
وتتوقع تونس التقليص في نفقات الدعم لتتحول نسبتها من 3.8 في المائة من الناتج سنة 2020، إلى 2.1 في المائة في 2024، كما سيقع تخفيض نفقات التسيير إلى مستوى ملياري دينار تونسي في 2024، مقابل 2.3 مليار دينار في 2020.
وبشأن الإصلاحات التي تستهدف حوكمة المؤسسات العمومية، فإن الدولة تسعى إلى مراجعة سياسة مشاركة الدولة في رأسمال تلك المؤسسات العمومية من خلال إصلاح استراتيجية مساهمة الدولة في المؤسسات العامة وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتفويت في المساهمات في المؤسسات العمومية غير الاستراتيجية. وأكدت السلطات التونسية على سعيها لتخفيض تدريجي لعجز الميزانية تدريجيا لتمر النسبة من 8.9 في المائة من الناتج سنة 2020، إلى 6.2 في المائة في 2022 و2023 ليصل العجز إلى مستوى 5.3 في المائة في أفق سنة 2024.



تراجع آمال تعافي سوق السندات الأميركية مع توقع سياسات توسعية لترمب

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

تراجع آمال تعافي سوق السندات الأميركية مع توقع سياسات توسعية لترمب

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

تتراجع الآمال في تعافٍ قريب لسوق السندات الأميركية التي تبلغ قيمتها 28 تريليون دولار، حيث من المتوقع أن يؤدي فوز دونالد ترمب في الانتخابات إلى سياسات مالية توسعية قد تحدّ من حجم تخفيضات الفائدة المستقبلية من قِبل الاحتياطي الفيدرالي.

وخفض «الفيدرالي» أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه للسياسة النقدية، الخميس، بعد تخفيض كبير بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول)، والذي أطلق دورة التيسير الحالية، وفق «رويترز».

لكن آفاق المزيد من خفض الفائدة أصبحت غامضة بسبب التوقعات بأن بعض العناصر الرئيسية لبرنامج ترمب الاقتصادي مثل تخفيضات الضرائب والرسوم الجمركية ستؤدي إلى نمو أسرع وارتفاع في أسعار المستهلكين. وقد يجعل هذا بنك الاحتياطي الفيدرالي حذراً من خطر المزيد من التضخم إذا خفض أسعار الفائدة بشكل حاد في العام المقبل؛ مما يخفف التوقعات بأن انخفاض تكاليف الاقتراض قد يحفز تعافي السندات بعد فترة طويلة من عمليات البيع.

وقال رئيس استراتيجية الدخل الثابت في شركة «نوفين»، توني رودريغيز: «أحد التأثيرات الرئيسية (للانتخابات) هو أنها ستدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي أكثر مما كان ليفعل لولا ذلك». وأضاف: «نحن نعتقد الآن أن التخفيضات المتوقعة في عام 2025 ستكون أقل وأبعد عن بعضها بعضاً».

وشهدت عائدات سندات الخزانة - التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات الحكومية وتتابع عادةً توقعات أسعار الفائدة - ارتفاعاً بأكثر من 70 نقطة أساس منذ منتصف سبتمبر (أيلول)، وسجلت مؤخراً أكبر زيادة شهرية لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وفقاً لشركة «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية. وتزامن هذا التحرك مع تحسن وضع ترمب في استطلاعات الرأي وأسواق الرهانات خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول).

وتُظهر العقود المستقبلية للفائدة الفيدرالية أن المستثمرين يتوقعون الآن أن تنخفض الفائدة إلى نحو 3.7 في المائة بحلول نهاية العام المقبل، من النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.5 في المائة و4.75 في المائة. وهذا أعلى بنحو 100 نقطة أساس مما كان متوقعاً في سبتمبر (أيلول).

وقام استراتيجيون في «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش» مؤخراً بتعديل هدفهم قصير الأجل لعائدات سندات الخزانة إلى نطاق 4.25 - 4.75 في المائة، بدلاً من النطاق السابق 3.5 - 4.25 في المائة.

ورفض رئيس «الفيدرالي» جيروم باول، الخميس، التكهن بتأثير الإدارة الأميركية الجديدة على السياسة النقدية، وقال إن الارتفاع في العائدات من المرجح أن يعكس تحسناً في آفاق الاقتصاد أكثر من كونه زيادة في توقعات التضخم. وسجلت أسعار المستهلكين أصغر زيادة لها في أكثر من 3 سنوات ونصف السنة في سبتمبر.

ومع ذلك، ارتفعت توقعات التضخم كما تقيسها أوراق الخزانة المحمية من التضخم (TIPS)، مع ارتفاع معدل التضخم المتوقع لمدة عشر سنوات إلى 2.4 في المائة، الأربعاء، وهو أعلى مستوى له في أكثر من 6 أشهر.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بِمكو»، دان إيفاسيين، إنه يشعر بالقلق من أن ارتفاع التضخم قد يجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي على إبطاء أو إيقاف تخفيضات أسعار الفائدة. وأضاف: «أعتقد أن السيناريو الأسوأ للسوق على المدى القصير سيكون إذا بدأ التضخم في التسارع مرة أخرى».

وفي حال حدوث سيناريو «المد الأحمر»، حيث يسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس، فقد يسهل ذلك على ترمب تنفيذ التخفيضات الضريبية ومنح الجمهوريين مزيداً من الحرية في أجندتهم الاقتصادية.

وبينما كان من المتوقع أن يحتفظ الجمهوريون بأغلبية لا تقل عن 52 - 48 في مجلس الشيوخ الأميركي، كان من غير الواضح من سيرأس مجلس النواب، حيث كانت عمليات فرز الأصوات لا تزال جارية حتى مساء الخميس.

وقال رئيس قسم الدخل الثابت في «بلو باي» لدى «آر بي سي غلوبال أسيت مانجمنت»، أندريه سكيبا: «أنا أستعد لمزيد من تراجع السندات طويلة الأجل». وأضاف: «إذا تم تنفيذ الرسوم الجمركية بالقدر الذي نعتقد أنه سيحدث، فإن ذلك قد يمنع (الفيدرالي) من خفض الفائدة».

وكتب كبير مسؤولي الاستثمار في السندات العالمية في «بلاك روك»، ريك ريدر، الخميس، إنه سيكون «من المبكر للغاية» افتراض تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة في عام 2025، وقال إن السندات أكثر جاذبية بصفتها أصلاً مدراً للدخل من كونها رهاناً على أسعار فائدة أقل.

وشهدت عائدات سندات الخزانة ارتفاعاً ملحوظاً، إلا أن هذا لم يؤثر كثيراً على سوق الأسهم التي ارتفعت مع وضوح حالة الانتخابات، حيث حضَّر المستثمرون لإمكانية نمو اقتصادي أقوى؛ مما دفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى تسجيل أعلى مستوى قياسي له.

لكن العائدات قد تصبح مصدر قلق للأسواق إذا ارتفعت بسرعة كبيرة أو بشكل مفرط. وتوفر العائدات المرتفعة قدراً أكبر من المنافسة على استثمارات الأسهم في حين ترفع تكلفة رأس المال بالنسبة للشركات والمستهلكين.

وقال كبير استراتيجيي الاستثمار في «إدوارد جونز»، أنجيلو كوركافاس: «عندما اقتربت عائدات السندات لأجل 10 سنوات من 4.5 في المائة أو تجاوزتها العام الماضي، أدى ذلك إلى تراجعات في أسواق الأسهم». وأضاف: «قد يكون هذا هو المستوى الذي يراقبه الناس».

وبلغ العائد على السندات لأجل 10 سنوات 4.34 في المائة في أواخر يوم الخميس.

ويخشى البعض من عودة ما يُسمى «حراس السندات»، وهم المستثمرون الذين يعاقبون الحكومات التي تنفق بشكل مفرط عن طريق بيع سنداتها؛ مما قد يؤدي إلى تشديد الظروف المالية بشكل مفرط، حيث تعمل عائدات السندات الحكومية على زيادة تكلفة الاقتراض لكل شيء بدءاً من الرهن العقاري إلى بطاقات الائتمان.

وقد تؤدي خطط ترمب الضريبية والإنفاقية إلى زيادة الدين بمقدار 7.75 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وفقاً لتقدير حديث من «لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة».

وقال بيل كامبل، مدير المحفظة في «دبلن»، إنه يشعر بالقلق إزاء التوقعات المالية الأميركية بعد انتخاب ترمب، ويراهن على المزيد من الارتفاعات في العائدات طويلة الأجل. وقال إن «الطوفان الأحمر يزيد الأمور تعقيداً».