إدانات غربية لاعتقال سياسيين في السودان

«الخارجية» تعد الإجراء «تدخلاً سافراً»

يشهد السودان احتجاجات متواصلة للمطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
يشهد السودان احتجاجات متواصلة للمطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
TT

إدانات غربية لاعتقال سياسيين في السودان

يشهد السودان احتجاجات متواصلة للمطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
يشهد السودان احتجاجات متواصلة للمطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)

رفضت السلطات السودانية الانتقادات الغربية لاعتقال اثنين من كبار المسؤولين السابقين المعارضين للحكم العسكري والمتهمين بالفساد، قائلة إن ذلك يتعارض مع «الأعراف والممارسات الدبلوماسية». وكانت السلطات قد اعتقلت يوم الأربعاء الماضي كلاً من وزير شؤون الرئاسة السابق خالد عمر يوسف، وعضوي «لجنة التفكيك» وجدي صالح والطيب عثمان يوسف بالإضافة إلى عدد آخر من النشطاء في المجتمع المدني والسياسي، وألقت القبض على صحافيين ونشطاء في لجان المقاومة الشعبية، فيما أدانت كل من النرويج والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وكندا وسويسرا ووصفتها بأنها «مضإيقات وترهيب» من قِبل السلطات العسكرية في السودان. لكن وزارة الخارجية السودانية اعتبرت في بيان أن الإدانة الغربية تعد «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للسودان ومنافياً للأعراف والممارسات الدبلوماسية».
وكان بعض المعتقلين جزءاً من الحكومة التي أطيح بها في انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الذي أنهى شراكة بين الجيش والأحزاب السياسية المدنية ما أثار إدانات دولية وأغرق السودان في حالة من الاضطراب مع خروج مظاهرات متكررة على مستوى البلاد تندد بالانقلاب وموجة الاعتقالات السياسية. وقال محامون لوكالة رويترز للأنباء هذا الأسبوع إن أكثر من 100 شخص ما زالوا في السجون. وشارك مئات الآلاف في الاحتجاجات التي نظمتها لجان المقاومة الشعبية والتي قُتل فيها ما لا يقل عن 79 شخصاً وأصيب أكثر من ألفين في حملات أمنية.
وقالت دول الترويكا (النرويج، المملكة المتحدة، الولاية المتحدة)، إضافة إلى كندا وسويسرا والاتحاد الأوروبي في بيان، إنها تشعر بالقلق من عمليات الاحتجاز والاعتقال التي طالت العديد من الشخصيات السياسية البارزة.
ووصف البيان الغربي عمليات الاعتقال بأنها نمط حديث من احتجاز واعتقال نشطاء المجتمع المدني والصحافيين والعاملين في المجال الإنساني، في جميع أنحاء السودان، واعتبرتها حملة مضايقات وتخويف من جانب السلطات العسكرية السودانية، «تتعارض كلياً مع التزامهم المعلن بالمشاركة البناءة لحل الأزمة السياسية في السودان، للعودة إلى الانتقال الديمقراطي».
ودعت للوقف الفوري «لهذه الممارسات، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين ظلماً»، قائلة: «نذكر السلطات العسكرية السودانية بالتزاماتها باحترام حقوق الإنسان، وضمان سلامة المحتجزين أو المعتقلين، والحاجة إلى ضمان اتباع الإجراءات القانونية الواجبة باستمرار في جميع الحالات».
واعتبرت رفع السلطات العسكرية لحالة الطوارئ التي أعلنت وقت الاستيلاء العسكري على السلطة في البلاد 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «سيرسل إشارة إيجابية».
من جهتهم، دفعت مجموعة محامين بمذكرة قانونية للنيابة العامة، فندت فيها عدم قانونية القبض على القادة السياسيين، وطالبت بشطب البلاغات ضدهم، وفقاً للقوانين السودانية. كما أدان الخبير المعين من قبل الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان، أداما دينق، في بيان صحافي أمس، اعتقال وزير شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر يوسف، والشخصية البارزة في تحالف «الحرية والتغيير» وعضو بارز آخر في التحالف، وجدي صالح المتحدث باسم لجنة التفكيك، وعثمان الطيب ضابط الشرطة المتقاعد والأمين العام للجنة التفكيك.
وقال دينق في تغريدة على «تويتر»: «تابعت بقلق بالغ، أنباء اعتقال واحتجاز وزير شؤون مجلس الوزراء السابق، وعضوين آخرين في قوى إعلان الحرية والتغيير»، وطالب باحترام حقوقهم في المحاكمة العادلة ومراعاة الإجراءات القانونية الواجبة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».