الدبيبة وباشاغا: صراع «العلاقات النافذة» يهدد استقرار ليبيا

وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
TT

الدبيبة وباشاغا: صراع «العلاقات النافذة» يهدد استقرار ليبيا

وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا (أ.ف.ب)

تبرز تساؤلات حول الوجهة التي تسير إليها ليبيا، بعد أن وجدت نفسها، أمس (الخميس)، مع رئيسين للوزراء عقب تصويت مثير للجدل في مجلس النواب أدى إلى خلط أوراق السلطة، ويبدو أنه فتح الباب مجدداً لإطالة أمد الانتقال السياسي.
وفيما يبدو أنه انقلاب مؤسسي من تيار «شرق ليبيا» على تيار «غرب البلاد»، عيّن مجلس النواب في طبرق وزير الداخلية السابق الشخصية النافذة فتحي باشاغا، ليحل مكان عبد الحميد الدبيبة رئيساً للحكومة، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وعبَّر الدبيبة في عدة مناسبات عن عدم التنازل عن السلطة إلا لحكومة خرجت من صندوق الانتخابات. في هذا المأزق المؤسسي، يرى الخصمان السياسيان أنهما يمتلكان شرعية منصب رئيس الوزراء.
ويتكرر مشهد سلطتين تنفيذيتين في الدولة الغنية بالنفط، بعدما قادها بين عامي 2014 و2016 رئيسا وزراء متنافسان، في الغرب والشرق، في خضم حرب أهلية آنذاك.
وقال السفير البريطاني السابق لدى ليبيا، بيتر ميليت، إن «دافع العديد من النواب هو الحفاظ على مناصبهم وامتيازاتهم، بدلاً من السماح بعملية تؤدي بسلاسة إلى الانتخابات».
ومع ذلك، كان الأمل في التهدئة حقيقياً.
وعُيّن الدبيبة، قبل عام، على رأس حكومة انتقالية جديدة، مهمتها توحيد المؤسسات وقيادة البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، كان مقرراً إجراؤها في 24 ديسمبر (كانون الأول).
وبرزت عقبات عدة، بداية من قانون الانتخابات المتنازع عليه، والمرشحين المثيرين للجدل، والتوترات على الأرض.
وأدى ذلك إلى خروج العملية الانتقالية التي كان من المفترض أن تضع حداً للأزمة التي استمرت منذ سقوط معمر القذافي في عام 2011، عن مسارها بسرعة.
ثم أُرجئت الانتخابات إلى أجل غير مسمى، لكن مع ترك فراغ كبير. فالعملية التي ترعاها الأمم المتحدة لم تتوقع سيناريو التأجيل. وبالنسبة لمجلس النواب الذي يتخذ من الشرق مقراً له، فقد انتهت ولاية عبد الحميد الدبيبة مع تأجيل الانتخابات، فيما يؤكد الدبيبة أن مهمة حكومته تنتهي فقط بتشكيل حكومة منتخبة جديدة.
«هناك حديث عن انقسام بين الشرق والغرب، لكن الانقسام الكبير الآن هو بين الشعب الليبي الذي يريد الانتخابات والنخبة السياسية التي لا تريد ذلك (...)، صوت الناس لا يُسمَع»، يؤكد بيتر ميليت.
وتزداد خيبة الأمل في أن الاقتراع، الذي تم تأجيله إلى أجل غير مسمى، قد أثار حماسة معينة بين العديد من الليبيين، مع نحو 2.5 مليون ناخب مسجل من أصل نحو سبعة ملايين نسمة، بعد سحب بطاقاتهم الانتخابية قبيل اقتراع 24 ديسمبر (كانون الأول).
«يبدو أن قرار حرمان الليبيين من حق التصويت، وإرجاء الانتخابات إلى أبعد من ذلك، يؤدي إلى تفاقم خطر عدم الاستقرار في طرابلس»، يواصل السفير البريطاني السابق في ليبيا.
ويصر مليت على أن البلاد تواجه الآن «حالة غموض كبيرة لا تخدم الشعب الليبي»، مشدداً على وجوب مطالبة الأمم المتحدة «بإجراءات شفافة ومقبولة قانوناً».
وقد أشارت الأمم المتحدة، أمس (الخميس)، من خلال المتحدث باسمها، ستيفان دوجاريك، إلى استمرارها في دعم رئيس الحكومة المعين من ملتقى جنيف قبل عام.
ويتمتع فتحي باشاغا، وهو صاحب وزن ثقيل في السياسة المحلية، بدعم البرلمان، وكذلك المشير خليفة حفتر، وهو الرجل القوي في الشرق.
وقالت أماندا كادليك، العضو السابق في فريق الخبراء الليبي: «ما قد يكون خطيراً هو العنف في طرابلس، لأن باشاغا والدبيبة تربطهما علاقات عميقة في غرب ليبيا».
وتضيف: «الميليشيات ستقف إلى جانب من ترى أن لديه السلطة. وإذا لم يكن قادراً على تخصيص مناصب لهم ودفع رواتبهم وتزويدهم بالسلاح، فلن يكون هناك سبب لدعمهم له».
قبل ساعات من تصويت مجلس النواب، تعرض موكب الدبية إلى إطلاق رصاص في طرابلس دون وقوع خسائر بشرية. ويتساءل مراقبون عما إذا كانت تلك طلقة تحذيرية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.