البنتاغون: «الباليستي» الإيراني مصمم لأغراض هجومية

الخارجية الأميركية أكدت عزمها على «منع تقدم طهران الصاروخي»

جون كيربي خلال مؤتمر صحافي في فرجينيا أول من أمس (إ.ب.أ)
جون كيربي خلال مؤتمر صحافي في فرجينيا أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

البنتاغون: «الباليستي» الإيراني مصمم لأغراض هجومية

جون كيربي خلال مؤتمر صحافي في فرجينيا أول من أمس (إ.ب.أ)
جون كيربي خلال مؤتمر صحافي في فرجينيا أول من أمس (إ.ب.أ)

بعد ساعات من إزاحة إيران الستار عن صاروخ بعيد المدى، قال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إن برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية «مصمم لأغراض هجومية»، وإنها «تزعزع الاستقرار في المنطقة»، مشددا على أنها «الأنشطة الخبيثة أكثر من رسائل» للمفاوضات الجارية في فيينا.
وكشفت إيران أول من أمس النقاب عن صاروخ جديد أرض - أرض (خيبر شكن) يعمل بالوقود الصلب ويبلغ مداه 1450 كيلومترا، وذلك بعد يوم من استئناف طهران وواشنطن المحادثات غير المباشرة الرامية لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم في 2015. وبحسب بيان للوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» فإن الصاروخ الجديد بالغ الدقة ويعمل بالوقود الصلب ولديه القدرة على المناورة لاختراق الدروع الصاروخية، حسب رويترز.
وقال كيربي في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء «نتابع باستمرار ما تقوم به إيران لتحسين برنامج الصواريخ الباليستية، ونحن ندرك تماما التهديدات الإقليمية التي يشكلها برنامج الصواريخ الباليستية المصمم لأغراض هجومية لإلحاق الأذى والأضرار، التي قد تكون قاتلة، بالدول الأخرى، والشعوب الأخرى، وحلفائنا، وشركائنا».
وسئل كيربي إذا ما كان الإعلان الإيراني بعد يوم من استئناف المحادثات يهدف إلى توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة أو إسرائيل، وقال «نرى أنشطتهم الخبيثة أكثر من رسائل... إنهم يزعزعون الاستقرار في المنطقة ويدعمون الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة ويعرقلون الشحن البحري ونحن ننظر إلى ذلك باعتباره قضية تهديد شرعي للأمن القومي في المنطقة».
ونوه كيربي «هذا هو سبب عملنا الجاد مع الحلفاء والشركاء في المنطقة لنكون قادرين على مواجهة تلك الأنواع من التهديدات والتأكد أننا نساهم في تلبية احتياجاتهم في الدفاع عن النفس».
ومن جهتها، قال قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جالينا بورتر إن «تطوير صواريخ باليستية ونشرها من جانب إيران هو تهديد للأمن الدولي وكذلك تحد كبير لحظر انتشار» الأسلحة. وأضافت أن الولايات المتحدة تنوي مواصلة «استخدام وسائل عديدة» من أجل «منع أي تقدم جديد للبرنامج الصاروخي الإيراني»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وصلت المحادثات النووية التي استؤنفت في العاصمة النمساوية فيينا إلى نقطة حرجة، حيث قال مسؤولون أميركيون إنه يتوجب على إيران اتخاذ قرارات صعبة الآن أو مواجهة أزمة متصاعدة وسط تلويح بدراسة خيارات وبدائل أخرى.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي في مؤتمر صحافي الأربعاء إن المحادثات التي يجريها كبير المفاوضين الأميركيين روبرت مالي وصلت إلى «نقطة فارقة» بشأن العودة المتبادلة إلى الاتفاق النووي، الذي «يعالج المخاوف الأساسية لجميع الأطراف»، وحذرت أنه «إذا لم يتم التوصل إليه في الأسابيع المقبلة، فإن التقدم النووي الإيراني المستمر سيجعل من المستحيل علينا العودة إلى الاتفاق النووي».
وكررت ساكي ما أعلنته الإدارة في ديسمبر الماضي، أن الرئيس بايدن طلب من فريقه للأمن القومي إعداد مجموعة من الخيارات وقالت «الرئيس بايدن طلب من فريقه إعداد ردود للحالات الطارئة، لأننا في مرحلة محورية بسبب التقدم الذي أحرزوه (الإيرانيون) في السنوات الأخيرة».
يأتي ذلك، بعدما أجرى مستشار الأمن الإسرائيلي إيال هولاتا مشاورات مكثفة مع مسؤولي الإدارة الأميركية في واشنطن حيث التقى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الأربعاء في البيت الأبيض. وقال البيت الأبيض في بيان «إن كلا الرجلين أكدا عزمهما المشترك على مواجهة التحديات الأمنية التي تؤثر على الشرق الأوسط، بما في ذلك التهديدات التي تشكلها إيران ووكلاؤها». وكرر سوليفان دعم الرئيس بايدن الثابت لأمن إسرائيل ولضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي». والتقى هولاتا مع ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية التي كررت التزام إدارة بايدن الصارم بأمن إسرائيل.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن عودة واشنطن إلى اتفاق 2015 سيقلل المدة التي ستحتاجها طهران لإنتاج كمية اليورانيوم عالي التخصيب اللازم لصنع قنبلة نووية ما بين أربعة إلى ستة أشهر فقط وهو تقييم أقصر من تقييمات خبراء إدارة بايدن الذين يرون أن الفترة تتراوح ما بين ستة إلى تسعة أشهر.
وأفاد موقع «اكسيوس» عن مسؤولين من كلا الجانبين الأميركي والإسرائيلي أن وقت الاختراق الحالي لإيران – بدون اتفاق - هو خمسة أسابيع فقط. وأشار الموقع أنه خلال المشاورات بين تل أبيب وواشنطن، علم المسؤولون الإسرائيليون أن التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق لن يتضمن النص بتدمير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وإنما يقتصر فقط على عدم السماح باستخدام تلك الأجهزة المتقدمة. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن إحياء الاتفاق سينص فقط على تخزين أجهزة الطرد المتقدمة داخل إيران بإشراف وختم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويخشى المسؤولون الإسرائيليون أن هذا سيسمح لإيران باستئناف استخدام تلك الأجهزة في وقت قصير للغاية.
وأشار الموقع أن مكالمة الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت يوم الأحد الماضي والتي استمرت لثلاثين دقيقة حث خلالها بنيت على عدم العودة للاتفاق النووي وقال بنيت للرئيس الأميركي «لن يحدث شيء إذا لم توقع عليه»، فيما أكد الرئيس بايدن أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيكون هناك اتفاق أم لا. وتعهد بايدن بعدم تنازل الولايات المتحدة عن مطالبها الأساسية فيما يتعلق بالقيود المفروضة على برنامج إيران النووي والتأكد من عدم امتلاك إيران لسلاح نووي.
ووجه أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ انتقادات لاذعة في إحاطة مغلقة حول مدى اقتراب إيران من امتلاك القدرة على صنع سلاح نووي. وبعد الجلسة السرية التي شارك فيها المبعوث الأميركي روبرت مالي، وبريت ماكجورك، منسق الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي، ومسؤول استخباراتي، يوم الأربعاء، قال الأعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إنهم أصيبوا بصدمة إزاء التقدم الذي تحرزه إيران في برنامجها النووي، وكانت القضية الرئيسية هي «وقت الانطلاق» الذي تحتاج إليه إيران لتكثيف تخصيب اليورانيوم وإنتاج سلاح نووي.
وخلال الجلسة سأل السيناتور أنجوس كينج، ما إذا كان لدى الولايات المتحدة «خيارات واقعية» للقضاء على القدرة النووية الإيرانية. وأجاب الجنرال مايكل كوريلا، قائد الفيلق الثامن عشر قائلا «لست على علم بالخيارات العسكرية الحالية، وقلقي الوحيد هو أنه لا يمكنك أبداً التخلص من المعرفة الفكرية التي لدى الإيرانيين حول كيفية زيادة قدراتهم النووية، ورد الفعل الذي قد يكون للإيرانيين من أي هجوم عليهم».



ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
TT

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».

إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.

الأكراد «الحلفاء الأوفياء»

قوات من «قسد» في تدريب مشترك مع القوات الأميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.

وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.

وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».

ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».

وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».

وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.

الدور الإيراني

قاآني يستقبل الرئيس مسعود بزشكيان خلال مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران الخميس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».

وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.

وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.

حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.

غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.

يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.

وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.

لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.

لبنان

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.

ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.

وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».

الاعتراف بدولة فلسطين

الدمار والخراب في قطاع غزة بعد أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المتواصل (أ.ف.ب)

كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».

وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».

ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».

وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».

ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».