«كورونا» يعصف بمنظومة الرعاية الصحية الأفغانية

قسم خاص بعلاج مصابي «كورونا» بقندهار في 8 ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
قسم خاص بعلاج مصابي «كورونا» بقندهار في 8 ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» يعصف بمنظومة الرعاية الصحية الأفغانية

قسم خاص بعلاج مصابي «كورونا» بقندهار في 8 ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
قسم خاص بعلاج مصابي «كورونا» بقندهار في 8 ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

تبقى في أفغانستان خمسة مستشفيات فقط لا تزال تقدم العلاج لمرضى فيروس «كوفيد - 19»، مع إجبار 33 مستشفى آخر على إغلاق أبوابها خلال الشهور الأخيرة، بسبب نقص الأطباء والأدوية، بل وحتى التدفئة. يأتي ذلك في وقت تعاني فيه البلاد من اقتصاد متداعٍ ازداد تضرراً جراء الارتفاع الشديد في حالات الإصابة بفيروس «كوفيد - 19»، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
داخل المستشفى الوحيد المخصص لعلاج مرضى «كوفيد - 19» في كابل، لا يستطيع العاملون تدفئة المستشفى سوى في الليل، جراء نقص الوقود، رغم الانخفاض الشديد في درجات الحرارة خلال النهار. ويلجأ عاملو الصحة لوضع طبقات ثقيلة من الأغطية لتدفئة المرضى. وصرح مدير المستشفى د. محمد غول ليوال بأن المؤسسة الصحية التي يرأسها بحاجة لكل شيء، من الأكسجين حتى إمدادات الدواء.
يحمل المستشفى اسم «المستشفى الأفغاني - الياباني للأمراض المعدية»، ويضم 100 سرير. ويبدو الجناح المخصص لمرضى «كوفيد - 19» ممتلئاً طوال الوقت تقريباً، في وقت يعصف الفيروس بالبلاد. وقبل يناير (كانون الثاني) الماضي. كان المستشفى يستقبل مريضاً أو ثنين جدد بالفيروس. إلا أنه، خلال الأسبوعين الماضيين، ارتفع عدد مرضى الفيروس الذين يجري احتجازهم في المستشفى يومياً ما بين 10 و20 مريضاً.
جدير بالذكر أنه منذ استيلاء «طالبان» على السلطة، قبل ما يقارب ستة أشهر، تلقى موظفو المستشفيات راتب شهر واحد فقط، في ديسمبر (كانون الأول).
وكان نظام الرعاية الصحية في أفغانستان، الذي اعتمد لما يقرب من عقدين تقريباً على تمويل المانحين الدوليين، قد تعرض للدمار منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في أغسطس (آب) بعد النهاية الفوضوية للتدخل الذي قادته الولايات المتحدة لمدة 20 عاماً. وانهار الاقتصاد الأفغاني بعد تجميد ما يقرب من عشرة مليارات دولار من الأصول في الخارج، وتوقفت المساعدات المالية للحكومة إلى حد كبير.
وأدى انهيار النظام الصحي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد؛ إذ يعيش ما يقارب 90 في المائة من السكان دون مستوى الفقر، مع وجود أسر تكافح لتحمل تكاليف الغذاء، ومواجهة ما لا يقل عن مليون طفل خطر المجاعة.
من جهته، قال ليوال إن متحور «أوميكرون» يضرب أفغانستان بشدة، لكنه يعترف بأنه مجرد تخمين، لأن الدولة لا تزال تنتظر الحصول على أدوات اختبار خاصة لرصد المتحور الجديد. من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الصحة العامة، د. جاويد هازير، إن هذه المعدات كان من المفترض وصولها، قبل نهاية الشهر الماضي. وتقول «منظمة الصحة العالمية» إن أفغانستان ستحصل على هذه الأدوات بحلول نهاية فبراير (شباط).
وتقول المنظمة إنه بين 30 يناير و5 فبراير، أجرت المعامل العامة في أفغانستان اختبارات لـ8496 عينة، جاءت نتيجة نصفها تقريباً إيجابية. وأشارت المنظمة إلى أن هذه الأرقام يمكن ترجمتها إلى معدل إيجابية يبلغ 47.4 في المائة.
حتى يوم الثلاثاء، سجلت «منظمة الصحة العالمية» 7.442 حالة وفاة، وما يقرب من 167.000 إصابة منذ بداية الوباء قبل قرابة عامين في البلاد. وفي ظل عدم وجود اختبارات على نطاق واسع، يسود اعتقاد بأن هذه الأرقام المنخفضة نسبياً نتيجة نقص شديد في الإبلاغ عن حالات الإصابة.
في غضون ذلك، صرحت إدارة «طالبان» الجديدة بأنها تحاول دفع اللقاحات في أوساط السكان المتشككين الذين ينظرون إلى اللقاحات باعتبارها خطيرة. وفي ظل وجود 3.2 مليون جرعة لقاح في المخازن، قال هازير إن الإدارة أطلقت حملة من خلال المساجد ورجال الدين وعيادات اللقاحات المتنقلة لتوزيع اللقاحات على أعداد أكبر من السكان. وتكشف الأرقام أنه في الوقت الحالي، جرى بالكاد تطعيم 27 في المائة من سكان أفغانستان البالغ عددهم 38 مليون نسمة، معظمهم بجرعة واحدة من لقاح «جونسون أند جونسون».
واشتكى ليوال من أن حمل الأفغان على اتباع حتى الحد الأدنى من بروتوكولات السلامة، مثل ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي، كانت شبه مستحيلة. وأضاف أنه بالنسبة لكثيرين الذين يكافحون من أجل إطعام أبنائهم، فإن فيروس «كوفيد - 19» يحتل مرتبة متأخرة في قائمة مخاوفهم.
من جهتها، أطلقت وزارة الصحة العامة حملات توعية حول أهمية الالتزام بارتداء أقنعة حماية الوجه والتباعد الاجتماعي، لكن معظم الناس لا يستمعون لهذه النصائح. حتى داخل «المستشفى الأفغاني - الياباني للأمراض المعدية»، تحضّ لافتات على ضرورة الالتزام بارتداء الأقنعة، في وقت كان معظم الناس في القاعات ذات الإضاءة الخافتة من دون كمامات. وداخل وحدة العناية المركزة، حيث كان نصف المرضى العشرة في الجناح يستخدمون أجهزة التنفس الصناعي، اكتفى الأطباء والمرافقون بارتداء أقنعة وأردية جراحية للحماية أثناء انتقالهم من سرير إلى آخر.
وقال رئيس الجناح د. نعيم الله، إن المستشفى بحاجة إلى مزيد من أجهزة التنفس الصناعي، ويحتاج كذلك بشكل عاجل إلى أطباء مدربين على استخدام أجهزة التنفس الصناعي. وقال إنه مُرهق ونادراً ما يحصل على أجر، لكنه يشعر بواجبه في خدمة المرضى. وأشار ليوال إلى أن العديد من الأطباء غادروا أفغانستان.
اللافت أن معظم موظفي المستشفى البالغ عددهم 200 موظف يأتون للعمل بانتظام، رغم عدم تقاضيهم أجورهم منذ شهور.
في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، قدمت مؤسسة خيرية مقرها الولايات المتحدة تتبع جامعة «جونز هوبكنز» تمويلاً يكفي المستشفى لمدة شهرين، الأمر الذي سمح بحصول موظفي المستشفى على رواتبهم لذلك الشهر، مع وعد براتب آخر في يناير. وقال ليوال إن وزارة الصحة العامة تجري الآن مفاوضات مع «منظمة الصحة العالمية» لتحمل تكلفة تشغيل المستشفى حتى يونيو (حزيران).
وأوضح أن مستشفيات أخرى في كابل كانت قادرة على استقبال بعض المرضى، لكنها لم تعد تملك الموارد اللازمة. وقال ليوال إنه مع نقص الأموال ومغادرة الموظفين، تم إغلاق 33 منشأة تقدم علاج لمرضى «كوفيد - 19»، في مختلف أرجاء البلاد.
أما عالم الأحياء الدقيقة الوحيد في «المستشفى الأفغاني - الياباني للأمراض المعدية»، د. فريد الله قازيزاده، فكان يتقاضى أقل عن 1000 دولار شهرياً، قبل استيلاء «طالبان» على السلطة. ومنذ أغسطس (آب)، لم يتقاضَ سوى راتب شهر واحد فقط. وقال: «لقد تدمرت منظومة الرعاية الصحية بأكملها».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.