نائب وزير البترول: السعودية ستهتم بحصتها في السوق وتحافظ على زبائنها

جدد نائب وزير البترول السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان موقف بلاده الرسمي من التطورات الأخيرة في السوق البترولية، إذ أوضح البارحة أن المملكة لا تزال متمسكة بسياسة الدفاع عن حصتها السوقية من أجل تلبية الطلب القادم من الزبائن.
وقال الأمير في تصريحات للصحافيين بالأمس خلال مؤتمر عن المبادرة الدولية لغاز الميثان في مدينة الخبر شرق السعودية: «المملكة تستجيب للطلب على البترول في السوق. أينما يكون الطلب يكون الإنتاج ومن يطلب سنوفر له».
وسلط الأمير الضوء على التصريحات الأخيرة التي صرح بها وزير البترول علي النعيمي عن السياسة البترولية السعودية المتبعة حاليًا قائلاً: «كلام الوزير ما زال واضحًا بأننا سنهتم بحصتنا في السوق ونهتم بالحفاظ على زبائننا. وإذ ورد طلب على البترول السعودي سنوفره لأن اهتمامنا بالسوق موجود واهتمامنا باستقرار السوق موجود».
وانهارت أسعار النفط منذ يونيو (حزيران) من العام الماضي وفقدت نحو نصف قيمتها بسبب تباطؤ الطلب وتزايد الإنتاج من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وهو ما أدى إلى ارتفاع مخزونات النفط في الدول المستهلكة الرئيسية إلى معدلات فوق حاجتها من الاستهلاك بنسبة كبيرة.
إلا أن السوق عادت للاستقرار مؤخرًا مع التوقعات بتحسن نسبي للطلب وتباطؤ نمو الإنتاج من خارج أوبك بفضل تباطؤ أعداد الحفارات في الولايات المتحدة والتي هبط مستواها إلى أقل من النصف هذا الشهر مقارنة بمستواها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) في العام الماضي عندما وصلت إلى أكثر من 1600 منصة حفر عن النفط.
ويبدو أن هذا الاستقرار في السوق والذي أدى إلى تماسك أسعار برنت في الأسابيع الماضية بين 55 و60 دولارا هو السبب وراء وصف الأمير لحالة لسوق حاليًا بأنها «ممتازة».
وأوضح الأمير عبد العزيز للصحافيين أن مفهوم استقرار السوق بالنسبة للمملكة واسع ولا ينحصر فقط في استقرار الأسعار؛ إذ قال: «نحن لا نأخذ في اعتبارنا المفهوم الضيق للاستقرار وهو السعر بل الاستقرار يشمل السعر والعرض والطلب».
وتنتج السعودية حاليًا كميات كبيرة من النفط تقارب عشرة ملايين برميل يوميًا ولكن الأمير أوضح أن الإنتاج الحالي للمملكة مبني على أساس الطلب القادم من الزبائن.
وكان وزير البترول السعودي علي النعيمي قال الأسبوع الماضي إن المملكة تنتج الخام قرب أعلى مستوى على الإطلاق في أبريل (نيسان) عند نحو 10 ملايين برميل يوميا.
وأبلغ النعيمي «رويترز» في العاصمة الكورية الجنوبية: «قلت مرارا إنه يسرنا على الدوام أن نزود عملاءنا بما يريدون. الآن يريدون 10 ملايين».
وقالت أوبك إن إنتاجها الإجمالي زاد إلى 30.79 مليون برميل يوميا في مارس (آذار) بزيادة 810 آلاف برميل يوميا عن الشهر السابق في ظل ارتفاع الطلب عن المتوقع بسبب انخفاض الأسعار.
لكن ثمة بواعث قلق من أن تنامي إنتاج السعودية وأعضاء آخرين بمنظمة البلدان المصدرة للبترول قد يجهض انتعاش أسعار النفط في الفترة الأخيرة.
وأحجم الأمير عبد العزيز عن التعليق على الاجتماع الذي عقد في الآونة الأخيرة في الرياض مع وزير النفط الفنزويلي. وتعاني فنزويلا من تباطؤ الاقتصاد وارتفاع التضخم وهي من أعضاء أوبك الأكثر تضررا جراء تراجع أسعار النفط.
وتجتمع أوبك في الخامس من يونيو. وحثت إيران ومسؤول ليبي في أوبك المنظمة على دراسة خفض الإنتاج، في حين قالت الكويت إن السياسة ستظل دون تغيير وهي وجهة النظر المتوقع أن يشاركها فيها الأعضاء الخليجيون الآخرون.
وبالعودة لموضوع المؤتمر وهو خفض انبعاثات غاز الميثان، فقد أوضح الأمير عبد العزيز أن المملكة لديها سجل ناصع البياض ومشرف فيما يتعلق بالمبادرات التي اتخذتها في هذا الاتجاه.
وأضاف الأمير الذي يرأس لجنة آلية التنمية النظيفة في المملكة: «ليس لأننا منتج كبير للنفط والطاقة فهذا يعني أننا لا نهتم بالجوانب البيئية».
وقال الأمير في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الذي حضرته كريستيانا فيغوريز وهي أكبر المسؤولين في الأمم المتحدة عن مفاوضات المناخ: «اسمحوا لي بأن أختتم حديثي بالقول إن المملكة مهيأة وبصورة جيدة، بفضل إطارها المؤسسي القوي وبرامجها المتعددة، للتكيف مع ظاهرة التغير المناخي، بالإضافة إلى أن إجراءات الاستجابة التي ستتخذها ستسهم بدرجة كبيرة في جهود تخفيف الآثار من خلال الفوائد المصاحبة التي ستتحقق في مجال التكيف، ونجاح هذه البرامج يعتبر أمرًا حيويًا لرخاء المملكة في المستقبل».
وأضاف الأمير: «إن المملكة تفعل أكثر من غيرها، وبإمكانها بطبيعة الحال أن تضع لها تحديات أكبر حتى من ذلك، ونحن هنا اليوم لهذا السبب. فالمملكة يسرها أن تكون جزءًا من مبادرة الميثان العالمية، ونحن ندرك أهمية رسالة هذه المبادرة ومهماتها المتمثلة في تعزيز أساليب وتقنيات استخلاص الميثان على المدى القريب وبصورة تتسم بانخفاض التكاليف. وعلاوة على ذلك، ندرك أن هناك دورًا ينبغي أن ينهض به كل قطاع من القطاعات التي ينبعث منها غاز الميثان في مختلف أنحاء العالم، ومنها الزراعة والنفايات الصلبة للبلديات وشبكات البترول والغاز».
وانضمت المملكة إلى عضوية مبادرة الميثان الدولية في العام الماضي ولكن الأمير يعتقد أن «سجلها الناصع في مجال التعاون في المبادرات المماثلة، مثل المنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، إنما هو دليل على جديتنا والتزامنا بإحداث الفارق وتحسين الأوضاع إلى الأفضل».
واتخذت السعودية عدة مبادرات لتخفيض الانبعاثات من الميثان من بينها إقفال حقل الخفجي والبالغ طاقته الإنتاجية نحو 300 ألف برميل يوميًا. إذ إن إقفال الخفجي قلل من حرق غاز الميثان والذي يعتبر من الغازات الضارة للبيئة. وأوضح الأمير أن إقفال حقل الخفجي الواقع في الجزء البحري من المنطقة المحايدة المقسومة مع الكويت، جاء لأسباب بيئية.
وكان الحقل قد أقفل في أكتوبر الماضي بسبب تزايد حرق غاز الميثان المصاحب للنفط منه بمعدل أعلى من المعدل الذي تفرضه هيئة الأرصاد وحماية البيئة على كل شركات النفط العاملة في المملكة.
وأضاف الأمير أن المملكة بصدد بدء إنتاج نحو 20 إلى 50 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الصخري في العام المقبل وسيرتفع هذا الرقم إلى عشرة أضعافه في 2018 ثم إلى 4 مليارات قدم مكعب يوميًا في عام 2025 في إطار سعيها للتقليل من حرق النفط والمنتجات البترولية لإنتاج الكهرباء وهو ما يعني التقليل من الآثار البيئية الضارة لحرقها.
ومن بين المبادرات الأخرى استخدام ثاني أكسيد الكربون المستخلص من عوادم معمل سوائل الغاز الطبيعي في محطة الحوية في تحسين معدلات استخلاص البترول في حقل العثمانية البترولي التابع لأرامكو السعودية.
وعلى صعيد الإمدادات، تعمل المملكة على تعزيز مزيج الطاقة المستخدم حاليًا فيها والمعتمد على المواد الهيدروكربونية، ولهذا الغرض، أنشئت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في عام 2010، ورُسمت لها مهمة تحفيز التنمية السريعة لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.