ما الذي قد يدفعنا لتغيير سلوكنا والتخلص من عاداتنا السيئة؟

رياضيون يمارسون التمارين داخل أحد النوادي وسط تفشي فيروس «كورونا» بأميركا (أ.ب)
رياضيون يمارسون التمارين داخل أحد النوادي وسط تفشي فيروس «كورونا» بأميركا (أ.ب)
TT

ما الذي قد يدفعنا لتغيير سلوكنا والتخلص من عاداتنا السيئة؟

رياضيون يمارسون التمارين داخل أحد النوادي وسط تفشي فيروس «كورونا» بأميركا (أ.ب)
رياضيون يمارسون التمارين داخل أحد النوادي وسط تفشي فيروس «كورونا» بأميركا (أ.ب)

يتجول علماء الاجتماع والسلوكيات البشرية حول مستخدمي النوادي الرياضية، أو على الأقل ضمن بياناتهم، لمعرفة سبب التزام هذه المجموعة من الناس بعادات التمارين الصحية.
تعد كاتي ميلكمان، وهي إحدى رواد صالة الألعاب الرياضية، وأستاذة في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، طالبة شغوفة بعادات الآخرين -خصوصاً عندما يرتبط الأمر بالذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية- وتقترح العثور على مفتاح تكرار السلوك الجيد، ويمكنك استخدامه لإطلاق العنان للتحفيز في العمل أو في دراستك، أو بناء مهنة أفضل وأكثر إنتاجية، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز».
https://twitter.com/andrewtghill/status/1491740446003023877?s=20&t=FVhXTZLjXef-IAh7tU6lpA
وفي هذه المرحلة من عام 2022 ربما تكون قد بدأت في القلق بشأن قرار العام الجديد لزيارة الصالة الرياضية كثيراً، لكن لا داعي للذعر. أظهرت ميلكمان في بحث سابق أنه لا يوجد سبب محدد لانتظار الأول من يناير (كانون الثاني) للالتفاف مرة أخرى للتعهد بتغيير سلوكك. عند تحديد ما سمته «تأثير البداية الجديدة»، وجدت أن ربط تغييرات الحياة -سواء كان ذلك بزيادة المدخرات، أو تغيير الوظيفة أو برنامج اللياقة البدنية الجديد- بأي تاريخ مهم، مثل عيد ميلاد، زاد من فاعلية التعهد.
في عمل منفصل، نظرت أيضاً في الفرق بين مجموعة «روتين راشيلز»، التي حددت أوقاتاً صارمة لزيارات الصالة الرياضية، و«فرناندوس المرن»، التي سمحت بتعديل الجدول الزمني. بعد إجراء دراسة مع موظفي «غوغل»، وجدت أن السماح بالمرونة يشجع على استمرار الذهاب إلى النادي الرياضي. وكتبت ميلكمان في كتابها الأخير «كيف نتغير؟»: «تتشكل العادات الأكثر تنوعاً وقوة عندما ندرب أنفسنا على اتخاذ القرار الأفضل، بغضّ النظر عن الظروف».
ويأتي أحدث عمل لميلكمان على نطاق أكبر بكثير. قامت هي وأنجيلا دكوورث، المشهورة بعملها على «غريت» والكتاب الذي يحمل نفس الاسم، بتنظيم «دراسة ضخمة» بالشراكة مع سلسلة للياقة البدنية، عبر اختبار الأعضاء البالغ عددهم 60 ألفاً، مع 54 تدخلاً دقيقاً لمدة أربعة أسابيع -اقترحه عشرات العلماء.
من بين الأفكار التي اختبروها، زادت 45% من الزيارات الأسبوعية للصالة الرياضية بنسبة تتراوح بين 9 و27%، وفقاً للدراسة، التي نُشرت مؤخراً في مجلة «نيتشر». تفوقت جميع الأفكار على برنامج التحكم بالدواء الوهمي.
كان التنبيه الأكثر فاعلية هو عرض مكافأة مالية، على شكل قسائم من «أمازون»، للمستخدمين الذين عادوا إلى صالة الألعاب الرياضية بعد أن فاتتهم إحدى الجلسات.
اختبرت الدراسة أيضاً «تجميع الإغراءات»، بناءً على الأفكار التي اكتشفتها ميلكمان في دراسة سابقة بحثت في كيفية تشجيع الناس على الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية إذا قاموا بدمج الزيارات مع فرصة الاستماع إلى الكتب الصوتية المفضلة.
اقترح خبير الإقناع روبرت سيالديني، مؤلف كتاب شهير حول التأثير، تجربة أظهرت بنجاح قوة إعلام المستخدمين بأن معظم الأميركيين يمارسون الرياضة وأن الأعداد تتزايد. عززت هذه التقنية زيارات الصالات الرياضية بنسبة 24%.
والصحة البدنية ليست مسألة هامشية، لذلك فإن تقديم مكافآت صغيرة يمكن أن يحقق زيادة واسعة النطاق في الذهاب إلى النوادي الرياضية، حسب التقرير.
ومن خلال مبادرة «تغيير السلوك من أجل الخير»، تعتقد ميلكمان وداكويرث أن العلماء يمكنهم تسريع دراساتهم السلوكية وجعلها أكثر فاعلية. يقدم العلماء أفكاراً للمشاركة فيما هو في جوهره تعاون هائل متعدد التخصصات. يقوم المركز بغربلة وتنقيح المقترحات من أجل الجدوى، ثم يُجري التجارب في وقت واحد، وينشر النتائج الناجحة وغير الناجحة.
ويتم التخطيط للدراسات الكبرى أو قيد التنفيذ للنظر في كيفية قيام المعلمين بتحسين أداء تلاميذهم، وكيفية احتفاظ الجامعات بالطلاب، والطرق التي تسمح للناس بإنشاء صناديق ادخار للحالات الطارئة، وكيف يمكن للمجتمعات تقليل المعلومات الخاطئة -وبشكل حاسم، خلال وباء «كورونا»، كيف يمكن تشجيع المرضى على تلقي اللقاحات.
تقدم إحدى الدراسات الضخمة لعام 2021 المؤلفة من 19 طريقة يمكن من خلالها استخدام الرسائل النصية لحث المرضى على تبني لقاح الإنفلونزا بعض التلميحات حول ما قد ينتج عن مثل هذا البحث. واقترحت أن الرسائل النصية المرسلة مسبقاً يمكن أن تعزز معدلات التطعيم بمعدل 5%. تم العثور على أفضل النتائج بعد أن تم إرسال رسائل نصية للمرضى مرتين وإخبارهم أن لقاح الإنفلونزا مخصص لهم على وجه التحديد.
وفي الدراسة، تطرح ميلكمان هذا السؤال: «إذا لم تتمكن من إقناع الناس بتغيير سلوكهم بإخبارهم أن التغيير بسيط ورخيص وجيد لهم، فما المكون السحري الذي سيفي بالغرض؟ يمكن أن تفتح الدراسات الضخمة مساراً سريعاً للعثور على التعويذة السحرية».



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».