احتجاجات السويداء تكافح للحفاظ على سلميتها

تعزيزات عسكرية حكومية إلى جنوب سوريا

متظاهر في السويداء يقدّم وردة لعنصر من قوات الحكومة جنوب سوريا (السويداء 24)
متظاهر في السويداء يقدّم وردة لعنصر من قوات الحكومة جنوب سوريا (السويداء 24)
TT

احتجاجات السويداء تكافح للحفاظ على سلميتها

متظاهر في السويداء يقدّم وردة لعنصر من قوات الحكومة جنوب سوريا (السويداء 24)
متظاهر في السويداء يقدّم وردة لعنصر من قوات الحكومة جنوب سوريا (السويداء 24)

واصل المحتجون في محافظة السويداء جنوب سوريا تظاهرهم لليوم الرابع؛ احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية والأمنية، وسط تنوع الشعارات المطلبية والسياسية، وتأكيدات بأن «الفقر هو السبب وراء هذه المظاهرات»، التي فجّرها قرار الحكومة السورية الأخير برفع الدعم عن فئات عدة من السوريين.
وقال مدير تحرير شبكة «الراصد» المحلية في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن تعزيزات عسكرية دفعت بها دمشق باتجاه السويداء الأربعاء، حيث دخل رتلان عسكريان أمس، إلى مدينة السويداء قادمَين من دمشق، يتألفان من حافلات المبيت وسيارات تحمل سلاحاً حربياً (الدوشكا)، عبر قرى الريف الشمالي باتجاه مدينة السويداء. وفسر «عدم تعاطي قوات النظام مع المحتجين بالسلاح، بأنه دائماً النظام السوري وحتى في المحافل الدولية يقدم نفسة أنه الحامي للأقليات والمحارب للفكر التكفيري في سوريا؛ ما يبعده عن دائرة استخدام النار ضد الأقليات، والعمل لعدم أي تدخل عسكري وأمني بالاحتجاجات المعيشية، لكي لا تنزلق الأمور والاحتجاجات إلى منحنى آخر وسط حالة الغليان الموجودة في الشارع، لإبقائها في إطار المطالب القابلة للمعالجة بالحوار».
وتحدث ناشطون من السويداء عن استمرار الاحتجاجات في مدن وبلدات عدة، وقطعوا طرقات رئيسية وفرعية في المدينة والأرياف. وتجمعت أعداد كبيرة صباح الأربعاء أمام مقام «عين الزمان» في مدينة السويداء، ثم توجهوا إلى ساحة السير وسط المدينة وقرب المراكز الحكومية الخدمية والأمنية، منادين بشعارات وهتافات صبّت في سياق المطالبة بتغيير سياسي، وبتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية. وأخرى مناهضة للنظام السوري، وتحقيق العيش الكريم، وعدم المساس بحقوق المواطنين. ودعا منظمو الاحتجاج إلى تجديد واستمرار حراكهم السلمي إلى حين تحقيق مطالبهم، مع دعوات لاحتجاج أوسع الجمعة المقبل.
وقالت مصادر محلية من السويداء، إنه «شارك في الاحتجاجات معظم فئات المجتمع رجال ونساء وشباب بشكل سلمي، وغابت المظاهر المسلحة المحلية من الجماعات المسلحة بالسويداء غير التابعة للنظام السوري عن شكل الاحتجاج، رغم اتساع عدد هذه المجموعات وعناصرها في المحافظة وتأييدها لقرارات أبناء الطائفة، وخاصة المتعلقة بالحالة المعيشية والضعف الاقتصادي والظلم، وحيدت هذه التشكيلات ظهورها العسكري واكتفت بمشاركة عناصرها بشكل أعزل ودون أي صفة أو تبعية أو محسوبية». وأصدرت أكبر هذه المجموعات الممثلة بحركة «رجال الكرامة» بيان الأحد الماضي مشجعاً ومؤيداً للأهالي، واستنكر القرارات الحكومية الأخيرة برفع الدعم وانتشار الفساد الحكومي، ورجّح ناشطون عدم حضور مثل هذه التشكيلات إلى ساحات التظاهر والاحتجاج بصفة وهيئة عسكرية؛ حافظاً على رغبة الشارع ولبقائها ضمن الاحتجاجات السلمية، وألا يستغل وجودهم لتشويه صورة الاحتجاج، والصيد بالماء العكر.
وأوضحت المصادر، أن «صوت الفقراء من المحتجين في السويداء يعلو فوق الأصوات الأخرى، ويؤكدون في كل يوم على سلمية الاحتجاج والابتعاد عن العنف والتخريب، وأنهم ليسوا دعاة قتل وحرب، وأنهم طلاب حقوق مشروعة لمواطنين فقراء، ورسائل سلام قدمها المحتجين لقوة عسكرية وشرطية تابعة للنظام السوري في السويداء»، حيث أظهرت صورة بثتها «شبكة السويداء24» أحد المشاركين بالاحتجاجات يتقدم إلى أمام مبنى حكومي عليه حراسة أمنية، وبيده وردة بيضاء، قدمها للعناصر التي تحرس المبنى، في حين نادى آخرون خلال الاحتجاجات عبر مكبرات الصوت بالأخوة ووحدة المصير والمعاناة بينهم وبين العناصر المنتشرة، إضافة إلى هتافات حملت شعارات وطنية سورية، منها «إسلام ومسيحية، دروز وسنّة وعلوية، بدنا عيشة هنية». كما رفع المشاركون أرغفة خبز كتبوا عليها «ما ظل شي للفقير»، وهتفوا تحيات شعبية للمناطق السورية لطرطوس وحماة وحمص ودرعا واللاذقية ودمشق.
ولاقت هذه الاحتجاجات تفاعلاً عاماً في السويداء حتى من موظفي القطاع العام، حيث قدم بعض المواطنين للمحتجين فطائر وطعاماً، وحلويات وزّعوها على المارة، كما عمل شباب وفتيات من المشاركين في الاحتجاجات لتنظيف الأماكن التي تجمّع فيها المحتجون قبيل انصرافهم منها، بعدما اتفقوا على تجديد الاحتجاج.
وبالتوازي مع عدم حدوث أي حالات شغب أو احتكاك مع الأجهزة الأمنية من قِبل المحتجين، لم تتدخل قوات النظام الأمنية والشرطية بالاحتجاجات حتى الأن، رغم تعزيز عناصرها عند المراكز الحكومية والأمنية الموجودة في مركز المدينة وبعض العناصر انتشروا على أسطح المباني الحكومية أيضاً، وسط اتصالات مكثفة للمرجعية الدينية تطالب بتهدئة الشارع، ووعود وتعهدات بالإصلاح ومعالجة المشكلات الخدمية في المحافظة. لكن المحتجين من الأهالي، لا يزالون مُصرين على موقفهم لعدم تحقيق مطالبهم.
وكانت المظاهرات في مدينة السويداء خرجت الخميس الماضي، بسبب تفاقم الأزمات المعيشية والقرار الحكومي الأخير الذي قضى برفع الدعم عن فئات من المجتمع السوري، وتوالت الاحتجاجات في السويداء وامتدّت إلى مدن وبلدات عدة واستمرت حتى أمس.
وفي درعا المجاورة للسويداء، طالت عملية اغتيال أحد قادة مجموعات فصائل التسويات الذين انضموا بعد اتفاق التسوية عام 2018 إلى تشكيلات تابعة للنظام السوري في محافظة درعا، حيث انفجرت عبوة ناسفة صباح الأربعاء على طريق خربة - غزالة عند مرور سيارة يستقلها المدعو شادي بجبوج. وحسب مصادر محلية، أدى الانفجار إلى إصابته إصابة بليغة تم نقله على إثرها إلى مشافي دمشق. وينحدر القيادي شادي بجبوج من مدينة درعا البلد، ويسكن في مدينة درعا المحطة، ويعمل قيادياً ضمن مجموعة تابعة لجهاز الأمن العسكري منذ اتفاقية التسوية والمصالحة في منتصف العام 2018، بعد أن عمل قبلها ضمن فصائل معارضة محلية في المنطقة.



الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
TT

الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)

باشر الأردن، اليوم (الثلاثاء)، عملية إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج، كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تعهد بها خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن الشهر الماضي.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، حطّت مروحيتان عسكريتان أردنيتان تحملان طفلين من غزة مبتوري الأطراف ومرافقين من عائلتيهما قبيل ظهر الثلاثاء، في مطار ماركا العسكري في عمان، تبعتهما مروحيتان أخريان بعد الظهر تحملان طفلين مصابين، وفق مشاهد بثّها تلفزيون «المملكة» الرسمي.

ونقل الأطفال مباشرة من المروحيات إلى سيارات إسعاف لنقلهم إلى مستشفيات لتلقي العلاج.

وعقب هبوط تلك المروحيات، قال وزير الإعلام والاتصال، محمد المومني، خلال مؤتمر صحافي: «قبل قليل، بدأ دخول الدفعة الأولى من الأطفال الغزيين الذين يعانون من أمراض مختلفة تنفيذاً للمبادرة التي تحدث عنها الملك في واشنطن».

وأضاف أن «هذه الدفعة الأولى من مجموعة من الأطفال الغزيين وصلت بالطائرات المروحية إلى مطار ماركا العسكري، وهناك مجموعة أخرى ستصل براً خلال فترة قصيرة إن شاء الله».

ومساء الثلاثاء، دخلت سيارات إسعاف تحمل أطفالاً من غزة، وحافلات تقلّ مرافقيهم إلى المملكة، عبر معبر جسر الملك حسين (اللنبي).

وقال مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري، خلال مؤتمر صحافي عند المعبر: «تم نقل 29 من الأطفال المصابين من قطاع غزة، و44 من مرافقيهم، وجرى تنفيذ هذه العملية من قبل القوات المسلحة بالشراكة مع وزارة الصحة».

وأوضح أن الإجلاء نفّذ «على مسارين، الأول مسار جوي انطلق من مهبط قريب من معبر كرم أبو سالم على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وصولاً إلى مطار ماركا العسكري».

وأضاف أن المسار الثاني «هو مسار بري انطلق مباشرة من كرم أبو سالم من خلال مجموعة من سيارات الإسعاف والحافلات التي تتبع القوات المسلحة، والتي وصلت جسر الملك حسين».

ويتم توزيع الأطفال على مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة بإشراف وزارة الصحة.

وقال أحمد شحادة (13 عاماً) من جباليا لوكالة الصحافة الفرنسية لدى وصوله في سيارة إسعاف إلى الأردن: «كنت ذاهباً لتعبئة الماء، ألقت مروحية جسماً مشبوهاً وانفجر فينا، بترت يدي وجرحت ساقي، وكان العظم ظاهراً».

وأضاف الطفل، الذي قتل والده وأعمامه وأخواله في الحرب وبقيت له أمه وشقيقتاه، أن «يدي بُترت ورجلي كانت ستحتاج للبتر، لكن الحمد لله (...) سافرنا إلى الأردن لأجل تركيب طرف (صناعي) وأعود لحياتي».

أما محمد العمواسي (43 سنة) الذي جاء مع ابنه بلال لعلاج عينه، فقال إن ابنه وابن اخته أصيبا بشظايا في عينيهما أثناء اللعب إثر «انفجار جسم مشبوه».

وأضاف بحرقة أن «المشهد لا يطاق، قطاع غزة كله مدمر (...) أنفسنا مكسورة، حياتنا مدمرة، بيوتنا تدمرت، مستقبلنا كله دمر».

وكان العاهل الأردني قال للرئيس الأميركي في 11 فبراير (شباط) إن بلاده مستعدة لاستقبال 2000 طفل مريض من غزة، وخصوصاً المصابين بالسرطان، ومن يعانون حالات طبية صعبة، للعلاج في المملكة.

وأدّت الحرب على قطاع غزة إلى مقتل 48388 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 111 ألفاً، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقة.