تركيا تدرس إجراءات لمنح السوريين إقامة دائمة

TT

تركيا تدرس إجراءات لمنح السوريين إقامة دائمة

كشفت الحكومة التركية عن نيتها إعطاء السوريين المقيمين على أراضيها إقامة طويلة الأمد بالتزامن مع إلغاء طلب جواز سفر ساري المفعول لتجديد الإقامات.
جاء ذلك عقب اجتماع عقب في إسطنبول، ليل الثلاثاء - الأربعاء، ضم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، ووالي إسطنبول علي يرلي كايا، ومدير المديرية العامة للهجرة ساواش أونلو مع عدد من الشخصيات السورية والتركية الفاعلة.
وبحث الاجتماع إعادة النظر في طلبات الجنسية التي تم إبطالها من قبل، وأنه سيتم العمل على تشكيل لجنة للتقريب بين المجتمعين التركي والسوري لتحقيق الاندماج.
وتقرر تنسيق اجتماع مع الجمعيات السورية والناشطين في شمال سوريا، إضافة إلى تخصيص منصة لقبول الشكاوى تشبه منصة «جيمر» التركية لحل المشاكل؛ وهي منصة اتصال بين رئاسة الجمهورية والمواطنين الأتراك والمقيمين على الأراضي التركية.
وتصاعد خطاب الكراهية ضد العرب والسوريين المقيمين في تركيا، في الفترة الأخيرة من قِبل وسائل إعلام وساسة محسوبين على المعارضة، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) 2023.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه «الوقف الديمقراطي الاجتماعي» في تركيا، حول اللاجئين السوريين، أن 66.1 في المائة من أهالي تركيا يدعون إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم. وأوضح الاستطلاع، أن 45.5 في المائة من سكان تركيا يرون أن اللاجئين السوريين يشكّلون خطراً وسيتحولون مستقبلاً إلى سبب لخلق أزمات. في حين رأى 41.7 في المائة من الذين استطلعت آراؤهم، أن اللاجئين السوريين يثقلون كاهل تركيا.
أما المستطلعة آراؤهم من ناخبي الأحزاب السياسية، فقد رأى 42.6 في المائة من ناخبي حزب العدالة والتنمية وجوب إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، ويعتقد 50 في المائة من ناخبي الأحزاب الأخرى مجتمعة أن اللاجئين السوريين يجب أن يعودوا إلى بلدهم.
ورأى 48.3 في المائة من المشاركين في الاستطلاع، أن سياسة الحكومة التركية الخاصة بمسألة اللاجئين السوريين خاطئة جداً، في حين رأى 18.5 في المائة منهم أنها سياسة خاطئة.
وأوضح الاستطلاع، أن 46.3 في المائة من ناخبي حزب العدالة والتنمية الحاكم و88 في المائة من ناخبي حزب الشعب الجمهوري، و66.6 في المائة من ناخبي حزب الحركة القومية (الحليف للحزب الحاكم)، و88.1 في المائة من ناخبي حزب الجيد و91.6 في المائة من ناخبي حزب الشعوب الديمقراطية، المؤيد للأكراد، أن سياسة الحكومة التركية الخاصة باللاجئين السوريين خاطئة.
وأكد 84.2 في المائة من المشاركين في الاستطلاع، أن اللاجئين السوريين يجب أن يعودوا إلى بلدهم حال تحسن الوضع هناك.
ولدى الإجابة عن سؤال «هل لحقت بك أضرار بصورة مباشرة من سوريين في السنوات الخمس الأخيرة؟»، أجاب 77.3 في المائة بـ«لا، لم تلحق بي أي أضرار»، وعند الإجابة عن سؤال «هل لحقت أضرار بأي فرد من عائلتك؟»، أجاب 78.1 في المائة بـ«لا»، وعن السؤال «هل لحقت أضرار بالمحيطين بك؟»، أجاب 46.7 منهم بـ«نعم»، في حين قال 41.1 في المائة «لا».
على صعيد آخر، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن قصفاً صاروخياً نفذته القوات التركية على مناطق انتشار تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والنظام في كل من سروج والوردية والسد وتل مضيق والمشرفة شمال حلب.
وأشار «المرصد» إلى سقوط قذائف صاروخية على معبر أبو الزندين الخاضع لسيطرة ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا بريف مدينة الباب شرق حلب؛ ما أدى إلى إصابة 4 عناصر، بينهم اثنان بحالة خطيرة، بالإضافة إلى اشتعال النيران ضمن نقطة حراسة المعبر.
ويربط معبر أبو الزندين بين مدينة الباب بريف حلب الشرقي ومناطق نفوذ النظام، ويقع في الجهة الغربية لمدينة الباب، بالقرب من قرية الشماوية الخاضعة لسيطرة النظام.
في الوقت ذاته، نفذت القوات التركية قصفاً صاروخياً مكثفاً على قرى بريف أبو راسين بريف الحسكة الشمالي الغربي، حيث القواعد التركية المتمركزة في المنطقة المعروفة بـ«نبع السلام» الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.