المعارضة السودانية تدفع بإعلان دستوري يقصي الجيش من السلطة

اتهمت قادة العسكر بالعمل ضد {المبادرة الأممية} رغم ترحيبهم بها

قادة تحالف المعارضة خلال لقائهم مع رئيس بعثة «يونتاميس» أمس (موقع فولكر بيرتس على تويتر)
قادة تحالف المعارضة خلال لقائهم مع رئيس بعثة «يونتاميس» أمس (موقع فولكر بيرتس على تويتر)
TT

المعارضة السودانية تدفع بإعلان دستوري يقصي الجيش من السلطة

قادة تحالف المعارضة خلال لقائهم مع رئيس بعثة «يونتاميس» أمس (موقع فولكر بيرتس على تويتر)
قادة تحالف المعارضة خلال لقائهم مع رئيس بعثة «يونتاميس» أمس (موقع فولكر بيرتس على تويتر)

قال تحالف المعارضة الرئيسي في السودان، قوى «الحرية والتغيير» إن قادة الجيش في السودان «وراء تنظيم الحشود المصنوعة من فلول النظام المعزول للتقليل من مبادرة الأمم المتحدة لحل الأزمة في البلاد»، متمسكاً بإبعاد الجيش عن أي ترتيبات سياسية مقبلة.
وسلمت قوى الحرية التغيير أمس رئيس بعثة «يونتاميس» فولكر بيرتس، رؤيتها لحل الأزمة في البلاد، تستند إلى إنهاء الانقلاب العسكري واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي، وتحديد دور وأضح للأجهزة النظامية خلال الفترة الانتقالية.
وقال القيادي بقوى الحرية التغيير، خالد عمر يوسف، التقينا بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة بالسودان، بناءً على الدعوة التي تلقيناها منه للتشاور حول العملية السياسية في البلاد. وأضاف أن قوى الحرية والتغيير منذ أن طرحت المبادرة الأممية، أعلنت موقفها أنها ستتعاطى إيجاباً مع المبادرة «شريطة أن تؤدي لإنهاء الوضع الانقلابي واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي في البلاد». وأشار إلى أن «الانقلابيين رحبوا بالمبادرة، لكنهم زادوا من وتيرة القتل والعنف ضد المتظاهرين السلميين، وتحالفوا مع فلول نظام الرئيس المعزول، وصناعة الحشود للاحتجاج أمام مقر بعثة الأمم المتحدة للتقليل من المبادرة الأممية». وأوضح يوسف: «طرحنا على البعثة الأممية بعض القضايا المتعلقة بتأسيس دستوري يقوم على دولة مدنية بالكامل تقود الانتقال في المرحلة الانتقالية».
وأشار إلى أن «رؤية التحالف تقوم على إلغاء الوثيقة الدستورية وعدم العودة إلى صيغة الشراكة السابقة قبل الانقلاب العسكري في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عبر إعلان دستوري جديد ينص على مؤسسات سلطة انتقالية مدنية بالكامل».
وقال إن الإعلان الدستوري الجديد يجب أن ينص صراحة على إعادة تعريف العلاقة بين المكون المدني والمؤسسة العسكرية، وأنها لا تعيد تجربة الشراكة السابقة التي قبرت بعد انقلاب الجيش على الوثيقة. وأكد أنه من الضروري إقامة علاقات صحية بين المدنيين والعسكريين تقوم على نأي المؤسسة العسكرية عن السياسة، وأن تقوم بالمهام المحددة لها في مجتمع ديمقراطي».
واقترح تحالف قوى التغيير ألا تتجاوز مدة المرحلة الانتقالية العامين بأولويات محددة، تتولى إجراء انتخابات حرة نزيهة بنهايتها. وشددت قوى التغيير على ضرورة أن يتضمن الإعلان الدستوري خريطة طريق لإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية عبر آليات محددة وواضحة، تنتهي بتكوين جيش قومي موحد في البلاد. ونص الإعلان على أن يكون مجلس السيادة الانتقالي من عضوية بسيطة يستحوذ عليه المدنيون بالكامل، وأن تتفق قوى الثورة على رئيس وزراء ومجلس وزراء لقيادة المرحلة الانتقالية، «على أن يبدأ التشاور حول تشكيل مؤسسات الدولة الانتقالية فوراً بعد إسقاط الانقلاب العسكري».
وتمسك تحالف «قوى التغيير» بإعادة تشكيل مجلس الأمن والدفاع برئاسة مدنية ويضم قادة القوات النظامية والكفاح المسلح والوزراء من ذوي الصلة في الحكومة المدنية.
وشدد الإعلان الدستوري على «عدم إسقاط قضية العدالة في كل الجرائم التي ارتكبت في البلاد، على رأسها فض اعتصام القيادة العامة، وقتلى الاحتجاجات بعد الانقلاب العسكري، ومحاسبة كل المسؤولين والمتورطين في تلك الانتهاكات».
ومن جانبه قال المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، جعفر حسن: «بدأنا خطوات عملية لتوحيد مركز المقاومة تحت مسمى - الجبهة العريضة - التي تشمل جميع القوى الثورية المعارضة لهزيمة الانقلاب العسكري». وأكد أن «قوى الحرية والتغيير اتفقت على رؤية واضحة لإنهاء الوضع الانقلابي الحالي والتأسيس للمرحلة الانتقالية المقبلة».
وحدد تحالف المعارضة أطراف العملية السياسية لتضم قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة، وقوى الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا وغير الموقعة.
وكانت قوى الحرية والتغيير اقترحت عقب موافقتها على المشاركة في المبادرة، إنشاء آلية رفيعة المستوى، تمثل فيها الأطراف الدولية والإقليمية بشخصيات نافذة من دول الترويكا والاتحاد الأوروبي وتمثيل من الدول الأفريقية والعربية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.