الحكومة اللبنانية ترحّل «سلفة الكهرباء» إلى ما بعد إقرار الموازنة

وزراء يعارضون إقرارها ما لم تترافق مع خطة واضحة

الحكومة اللبنانية مجتمعة أمس برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
الحكومة اللبنانية مجتمعة أمس برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية ترحّل «سلفة الكهرباء» إلى ما بعد إقرار الموازنة

الحكومة اللبنانية مجتمعة أمس برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
الحكومة اللبنانية مجتمعة أمس برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)

رحلت الحكومة اللبنانية الملفات الإشكالية، وفي مقدمتها بند تمويل الكهرباء، إلى جلسات تلي جلسة إقرار مشروع قانون موازنة المالية العامة للعام 2022، المزمع عقدها غداً الخميس.
وأنهت الحكومة أمس درس بنود مشروع الموازنة تمهيداً لإقرارها غداً الخميس في جلسة تُعقد في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وإحالة المشروع إلى البرلمان لإقراره بعد دراسته في اللجان البرلمانية والهيئة العامة.
واللافت في المناقشات، أن الحكومة تجنبت السجالات المتصلة في ملفات إشكالية مثل البحث في تخصيص سلفة خزينة لشركة الكهرباء لشراء الفيول. وقال وزير الإعلام بالوكالة وزير التربية عباس الحلبي بعد جلسة مجلس الوزراء: «بعد إقرار الموازنة، سيطرح موضوع الكهرباء مع مواضيع أخرى»، ونقل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أن هناك جدولاً بمواضيع تحتاج ربما إلى تركيز أكثر في جلسات مستفيضة.
وقالت مصادر وزارية معارضة لمنح شركة الكهرباء سلفة خزينة إن هناك الكثير من الوزراء «لن يوافقوا على سلفة الخزينة إذا لم تكن هناك خطة واضحة تتضمن إصلاحات، مثل تعزيز الجباية وإنشاء معامل جديدة لإنتاج الكهرباء وتعيين هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء»، وهو البند المطلوب من المجتمع الدولي، ولم يُطرح على جدول أعمال الحكومة منذ تشكيلها.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «طالما أنه ليست هناك خطة واضحة، فلن يتبنى أحد منح شركة الكهرباء سلفات خزينة، وهو قرار اتخذ في السابق لوضع حد لاستمرار النزف في خزينة الدولة الذي كلفها مليارات الدولارات على مدى السنوات السابقة، جراء سلف الخزينة للشركة من دون إصلاحات، وفي النتيجة لا كهرباء الآن موفرة للبنانيين». وأكدت المصادر أن المطلوب الآن «عدم الاستمرار في السياسة التي كانت معتمدة في السابق».
وحُكي في وقت سابق عن اقتراح لترحيل البند إلى البرلمان، لكن قوى سياسية عارضت ذلك لأنه «من اختصاص الحكومة»، حسبما قالت المصادر، مؤكدة أنه «آن الأوان للبدء بخطة واضحة تجيب عن أسئلة اللبنانيين والشروع في إنشاء المعامل والهيئة الناظمة وتحسين الجباية والإيرادات ورفع سعر الكيلواط وغيرها من الإصلاحات المطلوبة محلياً ودولياً».
ويتابع وزير الطاقة والمياه وليد فياض ملف استجرار الطاقة من الأردن والغاز من مصر لتحسين التغذية الكهربائية إلى حدود العشر ساعات يومياً كمرحلة أولى. وقالت مصادر مطلعة على حركته أنه تواصل خلال الأيام الماضية مع ممثلي البنك الدولي لتأمين التمويل، لافتة إلى أنه يعمل لتذليل العقبات المتصلة بملف الكهرباء، ويعمل مع المعنيين في مؤسسة الكهرباء لتحسين الجباية ووضع حد للهدر التقني ورفع السعر الذي يتوقع أن يعادل نصف ما تفرضه مولدات الكهرباء (شبكة الكهرباء الرديفة) على المواطنين، والتي تكلف اللبنانيين بالحد الأدنى 1.4 مليون ليرة لبنانية (70 دولاراً شهرياً).
واستهلت جلسة الحكومة اللبنانية أمس بعرض مطالب بعض الوزراء في موضوع زيادة الاعتمادات المخصصة للوزارات وللجامعة اللبنانية. وقال وزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي إن الرئيس ميقاتي «أبلغ الوزراء بأن البحث تم مع وزير المالية يوسف خليل، وأن أي زيادة في الاعتمادات سترتب عجزاً إضافياً في الموازنة».
وأقرت الحكومة طلب وزارة المالية تشكيل لجنة وزارية لمراجعة مسودة الاستراتيجية الوطنية لإصلاح الشراء العام، وخطة العمل التنفيذية تمهيداً لإقرارها وتيسير تنفيذها ومتابعتها ووضع المراسيم والنماذج التطبيقية المتعلقة بقانون الشراء العام.
ووافقت على اقتراح قانون يرمي إلى تعديل مرسوم متصل بالتمثيل التجاري، فيما رفضت اقتراح قانون يرمي إلى تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية وإعادة العمل بقانون أصول المحاكمات الجزائية الصادر في عام 2001، ويتعلق بصلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز، وذلك «بما ينسجم مع رأي مجلس القضاء الأعلى»، حسب ما قال الحلبي.
وقررت الحكومة تشكيل لجنة وزارية لدرس موضوع مبنى إهراءات القمح المعرض للسقوط في مرفأ بيروت، ورفع تقريرها في مهلة أقصاها نهاية شهر فبراير (شباط) الجاري، وتفويض وزارة الاتصالات بالتفاوض مع شركة «ليبان بوست» للبريد، وإطلاق المزايدة وفق دفتر شروط يعرض على مجلس الوزراء قبل نهاية أبريل (نيسان) المقبل، على أن يتم التمديد مؤقتاً للشركة.
ولفت الحلبي إلى أن رئيس الحكومة وعد الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي بإعطائهم بدل نقل وفق معايير طلب إلى وزير التربية والتعليم العالي وضعها في مشروع قرار سيعرض عليه لاحقاً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.