مؤيدو الدبيبة يتظاهرون اليوم لإسقاط «النواب» و«الدولة»

رئيس «حكومة الوحدة» الليبية يلوّح بعلاقته مع تركيا رداً على مساعي إطاحته

عبد الحميد الدبيبة خلال حفل تخرج قوات عسكرية بطرابلس أمس (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة خلال حفل تخرج قوات عسكرية بطرابلس أمس (أ.ب)
TT

مؤيدو الدبيبة يتظاهرون اليوم لإسقاط «النواب» و«الدولة»

عبد الحميد الدبيبة خلال حفل تخرج قوات عسكرية بطرابلس أمس (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة خلال حفل تخرج قوات عسكرية بطرابلس أمس (أ.ب)

بدا أمس أن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، بصدد التوجه إلى حشد مؤيديه في الشارع كمحاولة جديدة للضغط على مجلس النواب الساعي لإقالته، وتنصيب حكومة جديدة، وسط معلومات متداولة عن أن وزراء في حكومة الدبيبة بدأوا بالفعل في التحشيد لمظاهرة داعمة لحكومته.
ودعت «اللجنة العليا للملتقيات والاعتصامات والتظاهرات» إلى تنظيم وقفة احتجاجية، اليوم، أمام مقر مجلس النواب بالعاصمة طرابلس، للمطالبة بإسقاط مجلسي النواب و«الدولة»، وإعلان تأييد بقاء حكومة الوحدة في السلطة. لكن ورغم تسريب مكتب الدبيبة نص كلمة، كان مقرراً أن يوجهها مساء أول من أمس إلى الشعب الليبي، يدعو فيها للتظاهر دعماً لبقاء حكومته في السلطة، إلا أن الدبيبة لم يدل بأي بيان، بينما قالت مصادر في مكتبه إنه بصدد توجيه كلمة متلفزة لاحقاً.
في المقابل، وفي خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة رسالة من الدبيبة بالتلويح بعلاقته مع تركيا، رداً على مساعي الإطاحة به من منصبه، شارك الدبيبة باعتباره وزير الدفاع، في حفل تخريج دفعة من منتسبي «الكتيبة 166» للحراسة والحماية بالعاصمة طرابلس، وذلك بحضور ضباط من الجيش التركي، الذي يشرف على تدريب القوات الموالية لحكومة «الوحدة». وكان لافتاً عزف النشيد التركي خلال الاحتفال، الذي حضره أيضاً كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين بالحكومة.
في غضون ذلك، أبلغ محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، أمس خوسيه ساباديل، سفير الاتحاد الأوروبي، أن مجلسه يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف والمؤسسات، ويضع في أولوياته إنجاز مشروع المصالحة الوطنية.
واعتبر المنفي في بيان وزعه مكتبه «أن المشكلة القائمة الآن قانونية ودستورية، ويجب معالجتها في أقرب الآجال»، لافتاً إلى أن «المجلس الرئاسي يسعى لأن تكون الانتخابات هي المخرج والحل، وأن تكون في أقرب وقت»، مشدداً على أهمية المحافظة على الزخم الشعبي للذهاب للانتخابات، بحسب مسار برلين واتفاق جنيف، ومؤكداً استمرار مجلسه في وضع إطار عام وعملي من أجل إخراج «المرتزقة» من عموم ليبيا، وأنه يرفض أي تدخل أجنبي أياً كان نوعه. كما عد ملف الهجرة مشتركاً، وليس محلياً فقط، باعتبار أن ليبيا هي بوابة للأوروبيين والأفارقة.
من جهة ثانية، قرر مجلس النواب، الذي استأنف أمس جلسته الرسمية بمقره في مدينة طبرق (شرق)، إعادة مشروع قانون جهاز الأمن الداخلي للجنة التشريعية ولجنة الداخلية لدراسته، وتعديله بعد مناقشته، وأعلن تعليق الجلسة إلى اليوم، وفقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، الناطق باسم المجلس.
وقال عقيلة صالح، رئيس المجلس، إن تبعية الجهاز الأمن الداخلي يجب أن تكون للحكومة، وليس للمجلس الرئاسي، على أن يتم تعيين رئيس الجهاز ونائبيه عن طريق مجلس الوزراء، وليس عن طريق رئيس الوزراء.
بدوره، أكد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، ووزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو، حرصهما على إجراء الانتخابات الليبية في أقرب وقت ممكن، وفق أسس قانونية ودستورية سليمة.
وقال المشري، الذي زار تركيا بشكل مفاجئ مساء أول من أمس، إن الاجتماع ناقش العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها على جميع الأصعدة، بما يخدم مصالح الشعبين الليبي والتركي.
من جانبها، أطلعت ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية، نيكوس ديندياس، وزير الخارجية اليوناني في العاصمة الإيطالية، أمس، على التطورات الأخيرة في ليبيا، وشكرته على عرضه دعم عمل الأمم المتحدة في ليبيا. بينما شدد نيكوس على ضرورة بطلان ما وصفه بـ«المذكرة الباطلة وغير القانونية» بين تركيا وليبيا، علماً بأن سفير اليونان لدى ليبيا كشف، عقب اجتماعه مساء أول من أمس مع عقيلة صالح، عما وصفه برأي مشترك بعدم شرعية مذكرة التفاهم التركية - الليبية المبرمة عام 2019 بشأن المناطق البحرية.
إلى ذلك، ناقشت أمس اللجنة العسكرية المشتركة «5 +5»، التي تضم طرفي الصراع في البلاد، خلال اجتماعها التاسع بمقرها الدائم في مدينة سرت، الاتفاق الدائم لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى ملفات خروج المقاتلين الأجانب و«المرتزقة» من الأراضي الليبية، ونزع الألغام وتبادل المحتجزين.
في سياق آخر، أعلنت «قوة مكافحة الإرهاب»، التابعة للمجلس الرئاسي، أنها بدأت تفعيل دورياتها الأمنية والعسكرية في المناطق الصحراوية، التي تشهد نشاطاً وتحركاً لفلول تنظيم «داعش» الإرهابي، والتي كان آخر أعمالها الإرهابية التفجير الإرهابي بمنطقة القطرون جنوب البلاد.
وقالت «القوة» في بيان، مساء أول من أمس، إن هذا التحرك يأتي بناءً على تعليمات آمرها اللواء محمد الزين، وتوجيهات القائد الأعلى للجيش الليبي، في إشارة إلى المجلس الرئاسي.
وأوضحت أن دوريات أمنية وعسكرية معززة بالآليات المتوسطة والثقيلة، والجنود والضباط بدأت منذ أيام في التحرك نحو المناطق الصحراوية، التي تشهد نشاطاً للتنظيم. كما تعهدت بملاحقة جميع أوكار التنظيمات الإرهابية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.