الحوثي يواصل استهداف «صنعاء القديمة» بمشروعين في «باب اليمن» و«السور الشرقي»

TT

الحوثي يواصل استهداف «صنعاء القديمة» بمشروعين في «باب اليمن» و«السور الشرقي»

كشفت مصادر ثقافية وأخرى محلية في العاصمة اليمنية صنعاء عن تصاعد كبير للانتهاكات وأعمال التدمير الحوثي المنظم بحق ما تبقى من رمزية ومعالم مدينة صنعاء القديمة. بالتزامن مع تحذيرات محلية واسعة من انهيار وشيك لنحو 400 منزل تاريخي بالمدينة ذاتها جراء ما طالها من إهمال وعبث وتدمير حوثي ممنهج طيلة سبعة أعوام ماضية.
وتحدثت المصادر عن أن الجماعة، ذراع إيران في اليمن، واصلت منذ ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، استهداف مدينة صنعاء القديمة المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي عبر يافطة تنفيذ مشاريع تحمل معظمها الصبغة الحوثية الطائفية.
وطبقاً لما أكدته المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط»، فقد كثّف الانقلابيون الحوثيون طيلة الشهرين المنصرمين من إجراء استحداثات واسعة بحق ما تبقى من معالم صنعاء القديمة، شمل بعضها طباعة وكتابة عديد من الشعارات تحوي عبارات مؤسس الجماعة وزعيمها الحالي، ووضعها على بوابات المدينة وممراتها وأغلب جدران منازلها وباحات أسواقها القديمة.
وبيّنت المصادر، أنه لم يتبقَ من مخطط الميليشيات الرامي لاستهداف أكبر مدينة يمنية تاريخية سوى العبث بمعالم وجماليات «باب اليمن»، و«باب شعوب» الشهيرين لتجريدهما من مضمونهما الحضاري القديم تحت مبرر «إعادة تأهيلهما».
وفي سياق متصل، تحدث عاملون في الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الواقعة تحت سيطرة الميليشيات بصنعاء عن اعتزام الحوثيين بختام برنامجهم الاستهدافي لصنعاء القديمة تنفيذ مشروعين استهدافيين آخرين، الأول يتمثل بإجراء استحداثات واسعة على «باب اليمن» والساحة الخاصة به، والآخر يتعلق باستهداف «باب شعوب» و«السور الشرقي» للمدينة.
وأشار العاملون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إلى أن الجماعة ماضية بتنفيذ مشاريعها التدميرية تلك بحق المدينة في وقت لا يزال فيه أكثر من 400 منزل قديم بمدينة صنعاء القديمة معرّضاً للسقوط بسبب إهمال الميليشيات وعدم قيامها بمشاريع وأعمال ترميم دورية. وكانت مصادر عاملة في وزارة الثقافة الخاضعة لسيطرة الجماعة بصنعاء كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن مواصلة الميليشيات إجراء تغيرات واسعة بحق ما تبقى من معالم ورمزية مدينة صنعاء القديمة.
وأشارت إلى أن آلية الاستهداف الحوثي تلك جاءت بناءً على مخرجات اجتماع كانت عقدته قيادات في الجماعة موكل إليها إدارة شؤون القطاع الثقافي بمناطق سيطرتها مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتضمن مناقشة ما أسمته الميليشيات تنفيذ مشاريع جمالية للمدينة.
وقالت إن الاجتماع الحوثي خرج حينها بآلية مزمنة تنص على إجراء تغيرات واسعة لمداخل باب اليمن ومخارجه وإقامة مجسمات بالقرب من باب شعوب التاريخي وأخرى بعدد من ساحات ومنازل المدينة لها ارتباط بالفكر والمشروع الحوثي الدخيل على المجتمع اليمني.
وكان ناشطون ومثقفون وعاملون بمجال التراث حذروا في وقت سابق عبر «الشرق الأوسط»، من مساعٍ حوثية لتجريف ما تبقى من معالم ورمزية مدينة صنعاء القديمة واستبدالها بأخرى مستوردة من الحوزات الإيرانية.
وذكر عدد منهم، أن الجماعة مستمرة منذ انقلابها على الشرعية واجتياحها صنعاء وبعض المدن شن حربها الخفية والعلنية ضد معالم اليمن التاريخية والحضارية، بينها مدينة صنعاء القديمة التي لم تكتف الجماعة بتحويلها إلى منطقة أمنية مغلقة، بل عمدت إلى مصادرة عديد من منازلها ومنحها لقياداتها والبعض من مشرفيها القادمين من صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.
وأشاروا إلى أن الميليشيات عادة ما تبتكر حججاً وذرائع واهية لشرعنة الاستهداف الممنهج بحق صنعاء القديمة، كان آخرها تحت ذريعة تنفيذ مشاريع تحت اسم «جمالية».
وحمّلوا الجماعة كامل المسؤولية حيال ما تتعرض له المدينة التاريخية حالياً من عبث واستهداف منظم. وناشدوا في الوقت ذاته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو)، بالتحرك لوقف مخطط الاستهداف بحق ما تبقى من معالم تلك المدينة تحت مزاعم تنفيذ مشاريع حوثية.
وتحدث الناشطون والعاملون بمجال التراث عن أن صنعاء القديمة تضم أكثر من 6500 منزل تاريخي تعود إلى ما قبل القرن الـ11، فضلاً عن 106 مساجد و21 حماماً تاريخياً، وتتميز مساكنها بطابع معماري فريد جعلها ضمن قائمة المدن التاريخية العالمية.
وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب الحوثي على السلطة، عمدت الميليشيات وفي سياق عبثها وتدميرها المنظم بحق المدينة إلى إجراء تغيير شبه كامل لديموغرافيتها والعبث بجماليتها ومعالمها الحضارية، إضافة إلى مصادرة العشرات إن لم تكن المئات من منازلها التاريخية وشراء أخرى.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.