«الانتقالات الشتوية» بين رؤى واضحة واستراتيجيات غائبة

أندية مانشستر سيتي وليفربول ونيوكاسل عقدت صفقات بذكاء

صفقة انتقال غيماريش (وسط) إلى نيوكاسل من ليون انهارت ثلاث مرات قبل أن تكلل بالنجاح (أ.ب)
صفقة انتقال غيماريش (وسط) إلى نيوكاسل من ليون انهارت ثلاث مرات قبل أن تكلل بالنجاح (أ.ب)
TT

«الانتقالات الشتوية» بين رؤى واضحة واستراتيجيات غائبة

صفقة انتقال غيماريش (وسط) إلى نيوكاسل من ليون انهارت ثلاث مرات قبل أن تكلل بالنجاح (أ.ب)
صفقة انتقال غيماريش (وسط) إلى نيوكاسل من ليون انهارت ثلاث مرات قبل أن تكلل بالنجاح (أ.ب)

ليس هناك شك في أن أكثر بند غريب في عقود اللاعبين الذين انتقلوا في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة هو ذلك البند المنصوص عليه في عقد انتقال روبن غوسينز من أتالانتا إلى إنتر ميلان على سبيل الإعارة، حيث ينص هذا البند على إلزام إنتر ميلان بشراء اللاعب بشكل نهائي مقابل 25 مليون يورو (20.8 مليون جنيه إسترليني) عندما يسجل للفريق أول هدف له في عام 2023! لكن ربما كان الموضوع الأكثر إثارة للاهتمام خلال شهر يناير (كانون الثاني) هو أن فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة قد أظهرت الأندية التي لديها رؤية واضحة والأندية التي ليست لديها استراتيجية محددة.
لقد كانت فترة الانتقالات الشتوية نموذجية، حيث بدأت بشكل بطيء، قبل أن تتسم الأيام الأخيرة بالجنون. لكن رغم أن بعض الأندية تحركت متأخرة وعانت في بعض اللحظات من الذعر والقلق، فقد كان لدى بعض الأندية الأخرى خطة واضحة منذ البداية. لقد قام أستون فيلا بعمل جيد في وقت مبكر نسبياً من خلال التعاقد مع فيليب كوتينيو ولوكاس ديني، كما تعد أندية تشيلسي ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي من بين الأندية التي كانت لديها سياسة واضحة ومحددة في سوق الانتقالات.
لقد قرر تشيلسي عدم التحرك بشكل غير مدروس للتعاقد مع ظهير أيسر، رغم غياب بن تشيلويل حتى نهاية الموسم الجاري. كان النادي يريد عودة إيمرسون بالميري، لكن لا يوجد بند في عقد إعارة اللاعب إلى ليون يسمح بقطع الإعارة، لذلك قرر تشيلسي الاستمرار بنفس القائمة الحالية من اللاعبين، بدلاً من التعاقد مع لاعب يريدونه لمدة ستة أشهر فقط، وربما يتسبب في مشكلة بعد ذلك.
وكان تعاقد مانشستر سيتي مع جوليان ألفاريز من ريفر بليت الأرجنتيني مقابل 14 مليون جنيه إسترليني خطوة ذكية للغاية، وتعكس تركيز النادي على المستقبل. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على مانشستر يونايتد، الذي يتطلع إلى الأمام، حيث لم يضع النادي بنوداً بإمكانية الشراء النهائي عندما تخلى عن خدمات كل من أنتوني مارسيال ودوني فان دي بيك وأماد ديالو على سبيل الإعارة، لأنه يريد أن يكون المدير الفني القادم في الصيف المقابل – أياً كان – هو صاحب القرار النهائي في بقاء هؤلاء اللاعبين أو بيعهم.
وبالمثل، لم يتعاقد مانشستر يونايتد مع لاعب خط وسط، رغم أنه كان يمكنه التعاقد مع بعض اللاعبين مثل دينيس زكريا، الذي انتقل إلى يوفنتوس من بوروسيا مونشنغلادباخ، وبوبكر كامارا لاعب مرسيليا. لقد قرر النادي الاستمرار بقائمته الحالية والاحتفاظ بالأموال لتكون تحت تصرف المدير الفني الجديد في الصيف. لقد رفض مانشستر يونايتد الكثير من الأموال من نيوكاسل للتخلي عن خدمات لاعبه جيسي لينغارد في اليوم الأخير من فترة الانتقالات الشتوية. وكان نيوكاسل مستعداً لدفع مبلغ مالي كبير بعد أن فشل في التعاقد مع هوغو إيكيتيكي. وأخبر لينغارد المدير الفني المؤقت لمانشستر يونايتد، رالف رانغنيك، مرة أخرى يوم الاثنين الماضي، بأنه يريد الرحيل، لكن ما حدث مع ميسون غرينوود مؤخراً جعل مانشستر يونايتد يقرر الاحتفاظ بلينغارد، رغم أن اللاعب البالغ من العمر 29 عاماً يمكنه الرحيل مجاناً خلال الصيف.
ثم حاول نيوكاسل التعاقد مع ديلي آلي في الساعات الأخيرة، بعد التوصل إلى اتفاق بين إيفرتون وتوتنهام وخضوع اللاعب للكشف الطبي. وكان الرد من جانب ديلي آلي واضحاً، وهو أنه لن يغير قراره بالانضمام إلى إيفرتون. وكان السبب الرئيسي هو أن آلي كان ينتظر الانتقال طوال الشهر ولم يكن هناك أي اهتمام حقيقي من نيوكاسل، في حين أظهر فرانك لامبارد رغبته في التعاقد معه فور توليه مسؤولية إيفرتون.
وكان لامبارد أيضاً سبباً رئيسياً في انتقال فان دي بيك إلى إيفرتون. ولو كان إيفرتون عين فيتور بيريرا مديراً فنياً، لكان لاعب خط الوسط الهولندي انتقل إلى كريستال بالاس بدلاً من إيفرتون. وكان هناك اتفاق على انتقال فان دي بيك إلى كريستال بالاس، كما كانت هناك محادثات إيجابية مع المدير الفني لكريستال بالاس، باتريك فييرا، لكن لامبارد كان يضع أولوية قصوى للتعاقد مع فان دي بيك، وكان يتصل به طوال الوقت أثناء المفاوضات. وعلاوة على ذلك، لعب المقابل المادي دوراً كبيراً أيضاً، حيث دفع إيفرتون قيمة الإعارة وسيتحمل راتب اللاعب بنسبة 100 في المائة، في حين كان كريستال بالاس يعرض دفع 85 في المائة من راتب اللاعب وعدم دفع أي مقابل مادي لمانشستر يونايتد مقابل الإعارة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الصفقات المتعثرة تعد جزءاً أيضاً من سوق الانتقالات، لكن كان من غير المعتاد رؤية صفقة انتقال برونو غيماريش إلى نيوكاسل تنهار ثلاث مرات. أولاً، رفع ليون سعر اللاعب من 40 مليون يورو إلى 50 مليون يورو وكان نيوكاسل غاضباً. ثم كان هناك خلاف بشأن العمولات التي سيحصل عليها وكيل اللاعب. وأخيراً كانت هناك تعقيدات كبيرة بشأن خضوع اللاعب للكشف الطبي، لأن اللاعب اضطر للسفر من الإكوادور إلى مدينة بيلو هوريزونتي البرازيلية. وتعد هذه الصفقة بمثابة إنجاز حقيقي لنيوكاسل، لأن آرسنال ويوفنتوس كانا قد دخلا بالفعل في محادثات لشراء اللاعب خلال الصيف المقبل.
لكن ربما تكون الصفقة الأفضل هي تلك التي أبرمها ليفربول بالتعاقد مع لويس دياز. كان توتنهام قريباً جداً من شراء اللاعب الكولومبي – تقدم توتنهام بعرض مالي قيمته 35 مليون يورو وسافر ممثل عن توتنهام إلى البرتغال للتفاوض مع نادي بورتو. لكن عندما سمع ليفربول بالأمر، تحرك سريعاً وحسم الصفقة. وكان المدير الفني لليفربول، يورغن كلوب، يضع دياز على قائمة أولوياته خلال الصيف المقبل ولم يكن يرغب في تفويت فرصة التعاقد معه. تقدم ليفربول بعرض قيمته 40 مليون يورو، بالإضافة إلى حوافز مالية أخرى بقيمة 20 مليون يورو، وأنهى المفاوضات بسرعة لا تصدق.
وفي غضون 24 ساعة، تم إنجاز كل شيء، بما في ذلك إرسال أشخاص إلى أميركا الجنوبية من أجل خضوع اللاعب للكشف الطبي، وكان توتنهام غاضباً للغاية. لكن ليفربول لم يتمكن من إتمام صفقة فابيو كارفالو لاعب فولهام في اليوم الأخير من فترة الانتقالات الشتوية، لكنه سيعود قريباً لإيجاد حل، لأن كلوب يريد بشدة التعاقد مع هذا اللاعب. وبالتالي، من الواضح أن ليفربول لديه خطة مدروسة، وعادة ما ينجح في تنفيذها ببراعة.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».