الأكراد في «داعش».. غالبيتهم من خارج كردستان العراق

تتراوح أعدادهم بين 300 و500 شخص

الأكراد في «داعش».. غالبيتهم من خارج كردستان العراق
TT

الأكراد في «داعش».. غالبيتهم من خارج كردستان العراق

الأكراد في «داعش».. غالبيتهم من خارج كردستان العراق

لعب الأكراد دورًا أساسيًا في الحرب ضد تنظيم داعش المتطرف في العراق وسوريا، بحيث انخرطت قوات البيشمركة، وهي قوات النخبة الكردية، في حرب شرسة ضد المنظمة الإرهابية. في المقابل، قليل فقط قيل عن دور المتطرفين الأكراد الذين انضموا إلى صفوف المنظمة الإرهابية.
وفي إطار الحرب بين «داعش» والأكراد، اندلعت الأسبوع الماضي معركة جديدة بين قوات البيشمركة وتنظيم داعش في بلدة سهل المليح التي يقطنها العرب والأكراد التي تبعد 30 كيلومترا جنوب مدينة كركوك، وأسفر عنها مقتل 50 مقاتلا من «داعش»، وفق ما نقلت وكالة الأنباء المحلية «روداو». وقد وقعت هذه المعركة بعد أسبوع من التفجيرات التي استهدفت مدينة عنكاوا المسيحية، التي هي عمليًا الضاحية التي توجد فيها القنصلية الأميركية في عاصمة المقاطعة الكردية العراقية، أربيل.

يقول فلاديمير فان ويلينبورغ الباحث في مؤسسة جايمس تاون في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «إن جماعة (ولاية كركوك) هي التي تبنت التفجيرات وهي الجماعة نفسها التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات العام الماضي». ففي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم أدت تفجيرات انتحارية في أربيل إلى مقتل ستة أشخاص حين حاول أحد الانتحاريين تفجير سيارة في مبنى حكومي قبل أن ترديه قوات الشرطة. وقبل ذلك، في 29 سبتمبر (أيلول) 2013 نُفذ هجوم آخر ضد مديرية الأمن في أربيل.
وتسلط هذه الحوادث التي ارتبطت بتنظيم داعش الضوء على دور المقاتلين الأكراد الذين التحقوا بالتنظيم الإرهابي المتطرف في السنوات الماضية، بحيث ذكر في هذا السياق أحد السياسيين العراقيين الأكراد في حديث إلى «الشرق الأوسط» مشترطًا تحاشي الكشف عن اسمه، أن عدد الأكراد الذين يقاتلون اليوم مع «داعش» يتراوح بين 300 و500 شخص، شارحا أن «غالبيتهم أتوا من تركيا أو الغرب وليسوا من منطقة كردستان».
يعلق فان ويلينبورغ على هذا الموضوع معتبرًا أن بعضا من المجندين لدى «داعش» هم من المتطرفين السابقين في الحركة الإسلامية في كردستان التي نشأت في الثمانينات، في حين أن بعضهم الآخر ارتبط بجماعات مسلحة حديثة. وتابع: «فعلى سبيل المثال موفق إسكندر وشقيقاه يونس وموسى كانوا من العناصر الناشطين في (القاعدة) في الموصل، وانضموا إلى (داعش) عندما استولى التنظيم على المدينة في شهر يونيو (حزيران)، هذا بالإضافة إلى بعض الأكراد الذين تشربوا الفكر الراديكالي في الغرب، مثل محمد هادي العراقي الكردي الأصل البالغ من العمر 18 سنة الذي سافر من بريطانيا لكي ينضم إلى (داعش) في أوائل 2014»، وفق الباحث.
وكجزء من حربه ضد الأكراد، بدأ تنظيم داعش يظهر بشكل متزايد الأكراد العراقيين في دعايته الإعلامية. فقد أوردت وكالة الأنباء الكردية «روداو» أن التنظيم نشر في أوائل هذا الشهر مجموعة من الصور تبين الملا شوان الذي كان يعيش سابقا في أربيل يشارك في قطع رأس أربعة رهائن ينتمون على ما يبدو إلى قوات «الحشد الشعبي» المؤلفة عامة من قوات شيعية عراقية. وأيضا حسب وكالة الأنباء الكردية، انضم الملا شوان إلى «داعش» مع زوجته وأولاده، وظهر شوان في وقت سابق من هذا العام في شريط فيديو يهدد الزعماء الأكراد، متوعدًا بأن «داعش» سينجح في السيطرة على إقليم كردستان.
هذا، ووفق الباحث أيضًا، ضاعف «داعش» حملاته الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الكردية من أجل زرع الخوف في نفوس السكان الأكراد ومن أجل التصدي لانتقادات وسائل الإعلام الكردية الموجهة ضده. وهو يسعى من خلال هذه الرسائل إلى إظهار أن التنظيم المتطرف ليس ضد المسلمين الأكراد، بل ضد الأحزاب الكردية العلمانية فقط، مهددًا الزعماء الأكراد المسلمين بالقتل لوصفهم عناصر البيشمركة الذين سقطوا في ساحة القتال «بالشهداء».
وفي الوقت الذي يبدي فان ويلينبورغ استغرابه من واقع أن تنظيم داعش لم ينفذ مزيدًا من الهجمات في كردستان عن طريق استخدام المتشددين الأكراد، الذين بإمكانهم التحرك بسهولة نسبيا عبر الحدود بين كردستان والمناطق العربية التي تزيد مساحتها على 1000 كيلومتر، فإنه يعتقد بأن احتمال لجوء «داعش» لهؤلاء الأكراد وارد جدًا. ويضيف أن هؤلاء «يعرفون جيدا التضاريس المحلية والثقافة الاجتماعية للقيام بعمليات انتحارية داخل كردستان.. ولقد سبق لـ(داعش) اللجوء من قبل إلى الأكراد في عمليات عسكرية تقليدية على حدود المناطق الكردية في سوريا والعراق، بما في ذلك في بلدة عين العرب (كوباني) السورية، حيث تولى القائد الكردي المعروف باسم أبو الخطاب الكردي قيادة المقاتلين الأكراد في التنظيم، وكذلك في منطقة الموصل وكركوك». ويعود الباحث ليذكر أن المسلحين الأكراد في (داعش) ينشطون عادة خارج إقليم كردستان، مع إمكانية أن يلعبوا دورا في تنظيم الهجمات ضمن خلايا نائمة».
في مقابل ذلك، شنت الاستخبارات الكردية حملة مشددة ومكثفة على الجماعات المتطرفة داخل المناطق الكردية.. «وعمدت إلى ترحيل بعض العائلات التي اشتبه بتورطها مع (داعش) وفق مصدر محلي، ما قد يفسر تقلص عدد الهجمات على إقليم كردستان على الرغم من الفوضى المتفشية في مناطق أخرى في العراق». وحسب فان ويلينبورغ فإنه «على الرغم من تدفق أعداد هائلة من النازحين وعلى الرغم من أن عناصر الاستخبارات كانوا يقاتلون بأنفسهم على الجبهات الأمامية، لم يحدث أي خرق أمني تمكن (داعش) من استغلاله». وتابع الباحث أنه نظرًا إلى الضغوط التي تمارسها الاستخبارات، فضل الكثير من المقاتلين المتشددين التوجه إلى مناطق الموصل وكركوك التي يسيطر عليها «داعش».
هذا وقد يكون التفجير الأخير في أربيل دليلاً إضافيا على أن الاستخبارات الكردية تعمل بشكل فعال. إذ فضل التنظيم المتطرف اختيار أهداف غير عسكرية أو حكومية كإحدى الوسائل التي يعتمدها لزعزعة المنطقة الكردية مستقبلا، ذلك أن التفجير الأخير استهدف مقهى يرتاده في الغالب أجانب يقع بالقرب من القنصلية الأميركية ومركزًا للشرطة. وفي هذا الصدد يعتبر فان ويلينبورغ، أن «القنصلية الأميركية تتمتع بحراسة أمنية شديدة ومن الصعب جدا استهدافها من دون موارد وعناصر متقدمة جدا، بينما تم اللجوء في الانفجار الأخير إلى شخص واحد فقط أضف إلى أن وقع أي ضربة تستهدف مدنيين يكون دائما أكبر». أخيرًا، من المؤكد أن نجاح قوات البيشمركة والاستخبارات الكردية في لجم «داعش»، إضافة إلى الحس الوطني القوي لدى الأكراد، قد يكون السبب الرئيسي وراء إخفاق التنظيم الإرهابي في شن مزيد من الهجمات في كردستان وفي استعمال الأكراد للسيطرة على المناطق الكردية بشمال العراق.



«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
TT

«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)

بين الحين والآخر، تتجدد فكرة «مراجعات الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على الساحة السياسية في مصر؛ لكن دون أي أثر يُذكر على الأرض. وقال خبراء في الحركات الأصولية، عن إثارة فكرة «المراجعة»، خصوصاً من شباب الجماعة خلال الفترة الماضية، إنها «تعكس حالة الحيرة لدى شباب (الإخوان) وشعورهم بالإحباط، وهي (فكرة غائبة) عن قيادات الجماعة، ومُجرد محاولات فردية لم تسفر عن نتائج».
ففكرة «مراجعات إخوان مصر» تُثار حولها تساؤلات عديدة، تتعلق بتوقيتات خروجها للمشهد السياسي، وملامحها حال البدء فيها... وهل الجماعة تفكر بجدية في هذا الأمر؟ وما هو رد الشارع المصري حال طرحها؟
خبراء الحركات الأصولية أكدوا أن «الجماعة ليست لديها نية للمراجعات». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعرف (الإخوان) عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى الأهداف»، لافتين إلى أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (محنة) للبقاء، وجميع قيادات الخارج مُستفيدين من الوضع الحالي للجماعة». في المقابل لا يزال شباب «الإخوان» يتوعدون بـ«مواصلة إطلاق الرسائل والمبادرات في محاولة لإنهاء مُعاناتهم».

مبادرات شبابية
مبادرات أو رسائل شباب «الإخوان»، مجرد محاولات فردية لـ«المراجعة أو المصالحة»، عبارة عن تسريبات، تتنوع بين مطالب الإفراج عنهم من السجون، ونقد تصرفات قيادات الخارج... المبادرات تعددت خلال الأشهر الماضية، وكان من بينها، مبادرة أو رسالة اعترف فيها الشباب «بشعورهم بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم، وتركهم فريسة للمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم - على حد قولهم -، بسبب دفاعهم عن أفكار الجماعة، التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع»... وقبلها رسالة أخرى من عناصر الجماعة، تردد أنها «خرجت من أحد السجون المصرية - بحسب من أطلقها -»، أُعلن فيها عن «رغبة هذه العناصر في مراجعة أفكارهم، التي اعتنقوها خلال انضمامهم للجماعة». وأعربوا عن «استعدادهم التام للتخلي عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها».
وعقب «تسريبات المراجعات»، كان رد الجماعة قاسياً ونهائياً على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل».
يشار إلى أنه كانت هناك محاولات لـ«المراجعات» عام 2017 بواسطة 5 من شباب الجماعة المنشقين، وما زال بعضهم داخل السجون، بسبب اتهامات تتعلق بـ«تورطهم في عمليات عنف».
من جهته، أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(المراجعات) أو (فضيلة المراجعات) فكرة غائبة في تاريخ (الإخوان)، وربما لم تعرف الجماعة عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو على مستوى السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى أهداف الجماعة ومشروعها»، مضيفاً: «وحتى الآن ما خرج من (مراجعات) لم تتجاوز ربما محاكمة السلوك السياسي للجماعة، أو السلوك الإداري أو التنظيمي؛ لكن لم تطل (المراجعات) حتى الآن جملة الأفكار الرئيسية للجماعة، ومقولتها الرئيسية، وأهدافها، وأدبياتها الأساسية، وإن كانت هناك محاولات من بعض شباب الجماعة للحديث عن هذه المقولات الرئيسية».

محاولات فردية
وقال أحمد بان إن «الحديث عن (مراجعة) كما يبدو، لم تنخرط فيها القيادات الكبيرة، فالجماعة ليس بها مُفكرون، أو عناصر قادرة على أن تمارس هذا الشكل من أشكال (المراجعة)، كما أن الجماعة لم تتفاعل مع أي محاولات بحثية بهذا الصدد، وعلى كثرة ما أنفقته من أموال، لم تخصص أموالاً للبحث في جملة أفكارها أو مشروعها، أو الانخراط في حالة من حالات (المراجعة)... وبالتالي لا يمكننا الحديث عن تقييم لـ(مراجعة) على غرار ما جرى في تجربة (الجماعة الإسلامية)»، مضيفاً أن «(مراجعة) بها الحجم، وبهذا الشكل، مرهونة بأكثر من عامل؛ منها تبني الدولة المصرية لها، وتبني قيادات الجماعة لها أيضاً»، لافتاً إلى أنه «ما لم تتبنَ قيادات مُهمة في الجماعة هذه (المراجعات)، لن تنجح في تسويقها لدى القواعد في الجماعة، خصوصاً أن دور السلطة أو القيادة في جماعة (الإخوان) مهم جداً... وبالتالي الدولة المصرية لو كانت جادة في التعاطي مع فكرة (المراجعة) باعتبارها إحدى وسائل مناهضة مشروع الجماعة السياسي، أو مشروع جماعات الإسلام السياسي، عليها أن تشجع مثل هذه المحاولات، وأن تهيئ لها ربما عوامل النجاح، سواء عبر التبني، أو على مستوى تجهيز قيادات من الأزهر، للتعاطي مع هذه المحاولات وتعميقها».
وأكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «الجماعة لم تصل لأي شيء في موضوع (المراجعات)، ولا توجد أي نية من جانبها لعمل أي (مراجعات)»، مضيفاً: «هناك محاولات فردية لـ(المراجعات) من بعض شباب الجماعة الناقم على القيادات، تتسرب من وقت لآخر، آخرها تلك التي تردد أنها خرجت من داخل أحد السجون جنوب القاهرة - على حد قوله -، ومن أطلقها صادر بحقهم أحكام بالسجن من 10 إلى 15 سنة، ولهم مواقف مضادة من الجماعة، ويريدون إجراء (مراجعات)، ولهم تحفظات على أداء الجماعة، خصوصاً في السنوات التي أعقبت عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013... وتطرقوا في انتقاداتهم للجوانب الفكرية للجماعة، لكن هذه المحاولات لم تكن في ثقل (مراجعات الجماعة الإسلامية)... وعملياً، كانت عبارة عن قناعات فردية، وليس فيها أي توجه بمشروع جدي».
وأكد زغلول، أن «هؤلاء الشباب فكروا في (المراجعات أو المصالحات)، وذلك لطول فترة سجنهم، وتخلي الجماعة عنهم، وانخداعهم في أفكار الجماعة»، مضيفاً: «بشكل عام ليست هناك نية من الجماعة لـ(المراجعات)، بسبب (من وجهة نظر القيادات) (عدم وجود بوادر من الدولة المصرية نحو ذلك، خصوصاً أن السلطات في مصر لا ترحب بفكرة المراجعات)، بالإضافة إلى أن الشعب المصري لن يوافق على أي (مراجعات)، خصوصاً بعد (مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي) المحدودة؛ حيث شعرت قيادات الجماعة في الخارج، بثقل مواصلة المشوار، وعدم المصالحة».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وأوضح زغلول في هذا الصدد، أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (أزمة أو محنة) لبقائها، وجميع القيادات مستفيدة من الوضع الحالي للجماعة، وتعيش في (رغد) بالخارج، وتتمتع بالدعم المالي على حساب أسر السجناء في مصر، وهو ما كشفت عنه تسريبات أخيرة، طالت قيادات هاربة بالخارج، متهمة بالتورط في فساد مالي».

جس نبض
وعن ظهور فكرة «المراجعات» على السطح من وقت لآخر من شباب الجماعة. أكد الخبير الأصولي أحمد بان، أن «إثارة فكرة (المراجعة) من آن لآخر، تعكس حالة الحيرة لدى الشباب، وشعورهم بالإحباط من هذا (المسار المغلق وفشل الجماعة)، وإحساسهم بالألم، نتيجة أعمارهم التي قدموها للجماعة، التي لم تصل بهم؛ إلا إلى مزيد من المعاناة»، موضحاً أن «(المراجعة أو المصالحة) فكرة طبيعية وإنسانية، وفكرة يقبلها العقل والنقل؛ لكن تخشاها قيادات (الإخوان)، لأنها سوف تفضح ضحالة عقولهم وقدراتهم ومستواهم، وستكشف الفكرة أمام قطاعات أوسع».
برلمانياً، قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «الحديث عن تصالح مع (الإخوان) يُطلق من حين لآخر؛ لكن دون أثر على الأرض، لأنه لا تصالح مع كل من خرج عن القانون، وتورط في أعمال إرهابية - على حد قوله -».
وحال وجود «مراجعات» فما هي بنودها؟ أكد زغلول: «ستكون عبارة عن (مراجعات) سياسية، و(مراجعة) للأفكار، ففي (المراجعات) السياسية أول خطوة هي الاعتراف بالنظام المصري الحالي، والاعتراف بالخلط بين الدعوة والسياسة، والاعتراف بعمل أزمات خلال فترة حكم محمد مرسي... أما الجانب الفكري، فيكون بالاعتراف بأن الجماعة لديها أفكار عنف وتكفير، وأنه من خلال هذه الأفكار، تم اختراق التنظيم... وعلى الجماعة أن تعلن أنها سوف تبتعد عن هذه الأفكار».
وعن فكرة قبول «المراجعات» من قبل المصريين، قال أحمد بان: «أعتقد أنه يجب أن نفصل بين من تورط في ارتكاب جريمة من الجماعة، ومن لم يتورط في جريمة، وكان ربما جزءاً فقط من الجماعة أو مؤمناً فكرياً بها، فيجب الفصل بين مستويات العضوية، ومستويات الانخراط في العنف».
بينما أوضح زغلول: «قد يقبل الشعب المصري حال تهيئة الرأي العام لذلك، وأمامنا تجربة (الجماعة الإسلامية)، التي استمرت في عنفها ما يقرب من 20 عاماً، وتسببت في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وتم عمل (مراجعات) لها، وبالمقارنة مع (الإخوان)، فعنفها لم يتعدَ 6 سنوات منذ عام 2013. لكن (المراجعات) مشروطة بتهيئة الرأي العام المصري لذلك، وحينها سيكون قبولها أيسر».
يُشار إلى أنه في نهاية السبعينات، وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، اُتهمت «الجماعة الإسلامية» بالتورط في عمليات إرهابية، واستهدفت بشكل أساسي قوات الشرطة والأقباط والأجانب. وقال مراقبون إن «(مجلس شورى الجماعة) أعلن منتصف يوليو (تموز) عام 1997 إطلاق ما سمى بمبادرة (وقف العنف أو مراجعات تصحيح المفاهيم)، التي أسفرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وقتها، على إعلان الجماعة (نبذ العنف)... في المقابل تم الإفراج عن معظم المسجونين من كوادر وأعضاء (الجماعة الإسلامية)».
وذكر زغلول، أنه «من خلال التسريبات خلال الفترة الماضية، ألمحت بعض قيادات بـ(الإخوان) أنه ليس هناك مانع من قبل النظام المصري - على حد قولهم، في عمل (مراجعات)، بشرط اعتراف (الإخوان) بالنظام المصري الحالي، وحل الجماعة نهائياً».
لكن النائب سعد قال: «لا مجال لأي مصالحة مع (مرتكبي جرائم عنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها) - على حد قوله -، ولن يرضى الشعب بمصالحة مع الجماعة».