«داعش» و«بوكو حرام».. وجهان لعملة واحدة

في دراسة أميركية للحركتين المتطرفتين

«داعش» و«بوكو حرام».. وجهان لعملة واحدة
TT

«داعش» و«بوكو حرام».. وجهان لعملة واحدة

«داعش» و«بوكو حرام».. وجهان لعملة واحدة

في 25 فبراير (شباط)، أعلنت جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا وبعض الدول المجاورة، البيعة والولاء لتنظيم داعش. وكانت هذه الجماعة المتطرفة، مثلها مثل «داعش»، قد تمكّنت عبر استخدام أساليب بشعة من القتل مثل ذبح الأسرى، وكذلك استرقاق النساء والأطفال، والاستغلال الفاعل لشبكات التواصل الاجتماعي، من بناء وترويج صورة ترويعية لنمط جديد ووحشي من الحروب غير النظامية. ومن ثم نجحت أيضا في السيطرة على أراض تتحصن فيها، وتستعصى على القوات النظامية.
الصلات المادية بين تنظيمي «بوكو حرام» و«داعش» لا تزال محطّ تكهّنات كثيرة، غير أن التغطية الإعلامية الواسعة التي حظي ويحظى بها التنظيمان منحت كلاً منهما الفرصة للتعلم من تكتيكات التنظيم الآخر. واليوم يمثل «داعش» مصدر إلهام واضح لـ«بوكو حرام» أسهم في تطوّر عملياتها، وحوّلها إلى حركة تسعى جديًا للسيطرة على الأراضي وتتمتع بمعرفة لا بأس بها بأصول التعامل مع الإعلام. وفي المقابل، من الواضح كذلك أن ممارسات «بوكو حرام» الوحشية من قطع رؤوس الأسرى وعمليات اختطاف واسترقاق النساء والفتيات سبقت، وربما ألهمت، ما يرتكبه «داعش». وعلى الرغم من أن الاستفادة الكبرى كانت من نصيب «بوكو حرام»، فإن خبراء شؤون الإرهاب والتنظيمات المتطرفة يرون أن التأثير المتبادل أمرٌ لا يمكن نفيه، بل يشكل فصلاً جديدًا في تطوّر حركات التمرد المتطرفة والرافعة شعارات الدين. منذ تأسيس «داعش» تحت قيادة أبو بكر البغدادي في أبريل (نيسان) 2013، عمل التنظيم كمثال ومصدر إلهام لـ«بوكو حرام». وبعد إعادة توحيده لحركتي التمرد المتطرفتين في العراق وسوريا، شرع «داعش» على الفور في شن حملة هجومية وحقق مكاسب سريعة على الأرض. ومن ثم نجح في توسيع معاقله في شمال سوريا، وبعدها تمكن من السيطرة على عدد من العراق أبرزها الفلوجة ثم الموصل، ثاني كبرى مدن البلاد، في يناير (كانون الثاني) 2014. وفي 29 يونيو (حزيران) 2014، أعلن «داعش» نفسه خلافة عالمية.
وقت ظهور «داعش»، كانت «بوكو حرام» عمليًا حركة تمرد حضرية تتعرّض لضغوط شديدة، وكان من نتائج إعلان الحكومة النيجيرية حالة الطوارئ وشنها حملة عسكرية ضد الجماعة، تقييد قدراتها وحصر هجماتها في محيط مدينتي داماتورو ومايدوغوري بشمال شرقي البلاد. ولقد استجابت «بوكو حرام» بتحويل تركيزها من المراكز الحضرية إلى السعي بجد للسيطرة على الأراضي ولو في الأرياف. وهكذا، بحلول منتصف 2014، فرضت «بوكو حرام» سيطرتها على مناطق بأقصى شمال شرقي نيجيريا على امتداد الحدود مع الكاميرون وتشاد وشنت هجمات متكررة على مدن متوسطة الحجم.
وإذا كانت رغبة «بوكو حرام» المفاجئة في التوسع عبر الاستيلاء على الأراضي عام 2013 قد بدت لبعض المحللين تحولاً عفويًا وملائمًا تكتيكيًا، فإن إعلان الجماعة تأسيس «خلافة» في غرب أفريقيا بعد شهرين فقط من إعلان «داعش» للخلافة لا يترك شكًا في أن الأخيرة باتت مصدر إلهام للجماعة النيجيرية. وحقًا، بحلول عام 2015، كانت «بوكو حرام»، مثل «داعش»، تتجاوز الحدود الدولية وتسيطر على أراض عبر حدود نيجيريا، في كل من تشاد والكاميرون والنيجر.
ولكن قد يتمثل التحول الأبرز عند «بوكو حرام» على امتداد العام الماضي في إطلاقها حملة دعائية عبر شبكات التواصل الاجتماعي تشبه بدرجة كبيرة حملة «داعش». كما تعتمد الفيديوهات الصادرة حديثًا عن «بوكو حرام» على منصات إعلامية مشابهة، وكذلك ذات الزوايا في التصوير، بجانب ذات الموسيقى والأناشيد الخاصة بـ«داعش»، بل وعمدت «بوكو حرام» لمحاكاة تفاصيل دموية مثل السكاكين المستخدمة في قطع رؤوس الأسرى.
وفي إشارة للتحول على الصعيد الإعلامي، شرعت «بوكو حرام» في اتباع نفس الخطاب والرموز المستخدمة من قبل «داعش». وقبل ذلك، كان خطاب الجماعة في معظمه محليًا ويتركز حول المظالم المزعومة للجماعة على صلة بالحكومة النيجيرية، بيد أنها أعلنت خلال الفيديوهات الأخيرة شن جهاد عالمي في تشاد والكاميرون والنيجر والأمم المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة. كما اعتمدت الجماعة الراية السوداء التي يحملها «داعش» وحركات إسلامية متطرفة أخرى. في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) 2014، فرض «داعش» حضوره إعلاميا على مستوى العالم بعد نشره فيديوهات مروّعة عن قطع رؤوس أسرى أجانب وجنود سوريين. وبعد ذلك بفترة قصيرة، نشرت «بوكو حرام» بدورها فيديوهات مشابهة لقطع رؤوس أسرى. ودفع توقيت ومستوى إنتاج الفيديوهات الخاصة بالجماعة غالبية المحللين لرؤيتها كدليل جديد على اتباعها تكتيكات «داعش».
لكن هل هذا صحيح؟
لقد نشرت «بوكو حرام» فيديوهين على الأقل لقطع رؤوس أسرى للاستهلاك الإعلامي المحلي عام 2010 ومجددًا في فبراير 2014، أي قبل 6 أشهر من إصدار «داعش» أول فيديو له. ورغم أنه من الصعب تحديد ما إذا كان «داعش» قرر بصورة مستقلة إعدام أسراه علانية، فإن ثمة أدلة أخرى ذات طبيعة مباشرة أقوى على تأثير «بوكو حرام» على «داعش». مثلاً، من بين أسوأ أفعال «بوكو حرام» اختطافها واسترقاقها أكثر من مائتي فتاة من مدرسة في ولاية بورنو النيجيرية في أبريل 2014. بداية من أغسطس من العام ذاته، بدأ «داعش» استرقاق النساء بأعداد بلغت 7 آلاف امرأة من الإيزيديين، مستشهدًا صراحة بأفعال «بوكو حرام» كمبرّر. واليوم، من غير المحتمل أن يتمكن أي شخص من تحديد إلى أي مدى يشكل التأثير المتبادل بين «بوكو حرام» و«داعش» نتاجًا لتواصل مباشر وتبادل لموارد مادية، لكن ذلك ربما لا يمثل أهمية، ذلك أن العلاقات الرسمية ليست ضرورية ولا شرطًا كافيًا لحدوث تطور في الاستراتيجيات والدعايات والتكتيكات. فقبل اندماجهما رسميًا، شكل «داعش» و«بوكو حرام» أكبر حركتين متطرفتين عالميًا واستحوذت كل منهما على اهتمام إعلامي دولي. لذا من غير المثير للدهشة أن تحاكي كل منهما أفضل تكتيكات الأخرى من وجهة نظرها.
علماء الاجتماع يستخدمون مصطلح «تأثير الإظهار» لشرح كيف ينشأ تغيير سريع في الغالب من اتباع حركات اجتماعية لابتكارات بعضها البعض. وقد جرى استخدام هذا المصطلح مع الحركات الشيوعية لوصف تأثير «الدومينو» خلال حقبة «الحرب الباردة»، وأخيرًا مع موجات التحول للديمقراطية التي وقعت منذ ذلك الحين.
والواضح أن «بوكو حرام» و«داعش» يدينهما في نجاحهما لقدرتهما على الابتكار، وقد أثرت ابتكارات كل منهما على الآخر. ومع أن إعلان «بوكو حرام» الولاء لـ«داعش»، قد لا يكون له تأثير يذكر على العمليات اليومية لأي من الجماعتين، فإن انضمام الحركتين لبعضهما البعض يمثل فصلاً جديدًا على صعيد تشكيل مجال عام متطرف دولي حقيقي.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».