إغلاق قناة كردية واعتقال إعلاميين في مناطق الإدارة الذاتية

شبكة «رووداو» اعتبرته قراراً سياسياً صرفاً

برزان فرمان مراسل «قناة رووداو» الذي أوقف عن العمل (الشرق الأوسط)
برزان فرمان مراسل «قناة رووداو» الذي أوقف عن العمل (الشرق الأوسط)
TT

إغلاق قناة كردية واعتقال إعلاميين في مناطق الإدارة الذاتية

برزان فرمان مراسل «قناة رووداو» الذي أوقف عن العمل (الشرق الأوسط)
برزان فرمان مراسل «قناة رووداو» الذي أوقف عن العمل (الشرق الأوسط)

شهدت مناطق «الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا، ثلاثة خروقات وانتهاكات صحافية، خلال 24 ساعة من السبت الماضي.
فقد أغلقت دائرة الإعلام التابعة للإدارة، مكتب شبكة وقناة «رووداو» التلفزيونية الكردية في مدينة القامشلي الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، السبت الماضي، وسحبت تراخيص العمل من عامليها، فيما اعتقلت قوى الأمن الداخلي (الأسايش) في اليوم نفسه، مراسل موقع «يكيتي ميديا» باور ملا معروف، ومراسل قناة«ARK » الكردية، صبري فخري، بعد نحو شهر من إيقاف مراسل وكالة الصحافة الفرنسية الدولية دليل سليمان، واختطاف مراسل «يكيتي ميديا» جيندار بركات والاعتداء عليه بالضرب.
واستنكرت «شبكة الصحافيين الكرد» وأحزاب وقوى سياسية، حدوث هذه الانتهاكات في مناطق نفوذ الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن.
بيان دائرة الإعلام في الإدارة حول قرارها إغلاق مكتب قناة «رووداو»، اتهمها بأنها «تعمل من خلال نشراتها، على إثارة النعرات وتشويه صورة المؤسسات العاملة في شمال وشرقي سوريا، ما يضر بالنسيج الاجتماعي في المنطقة»، وأشارت الدائرة إلى توجيه إنذارين للقناة في وقت سابق.
بدورها، اعتبرت إدارة شبكة «رووداو» (كردية عراقية مقرها أربيل)، إغلاق مكتبها في القامشلي، قراراً سياسياً صرفاً، وقالت في بيان نُشر على موقعها الرسمي، «ننظر إليه على أنه جريمة بحق حرية العمل الإعلامي في (غرب كردستان)، حيث تعمل الشبكة بمنتهى المهنية ووفق القوانين، وقرارها (الإدارة الذاتية)، لا يستند إلى أي سندٍ قانوني». ووصفت القرار بأنه «نابعٌ من ضيق الأفق السياسي والحزبي المحض». وأشارت الشبكة الكردية التي تعرض مكتبها بالقامشلي 6 مرات، لهجمات بقنابل المولوتوف والحجارة والعصي، حملت فيها منظمة «الشبيبة الثورية» مسؤولية ارتكابها. كما أبعد اثنان من مراسلي القناة، واعتدى بالضرب على ثلاثة مراسلين ومصورين للشبكة.
وبعد تغطية مظاهرات ووقفات احتجاجية مناهضة للإدارة الذاتية، تكررت حالات الاقتحام والهجوم واعتقال العاملين في الإعلام، ثم الإفراج عنهم، بدون مبررات قانونية.
وأدانت «شبكة الصحافيين الكرد» قرار إغلاق مكتب «رووداو»، واعتقال والاعتداء على مراسلي موقع «يكيتي ميديا»، وتوقيف مراسل وكالة الصحافة الفرنسية عن العمل، واعتقال مراسل قناة ARK. وقالت في بيان نشر على موقعها الرسمي الأحد الماضي، «أي عمل يحد من حرية العمل الصحافي في مناطق الإدارة، أو انتهاكات ترتكب بحق المؤسسات والصحافيين، مدانة من قبلنا، ولا تخدم حرية الرأي والتعبير في المنطقة»، وطالبت الشبكة، دائرة الإعلام ونقابة «اتحاد الإعلام الحر» المقربة من الإدارة الذاتية، «أن يكونا سنداً للإعلاميين، لا سيفاً مسلطاً على رقابهم عند أي انتهاك».
يقول الصحافي علي نمر مدير مكتب «رصد وتوثيق الانتهاكات» في الشبكة، إن قرار دائرة الإعلام لدى الإدارة الذاتية غير كافية، ولا تحمل الصيغة القانونية الصحيحة في اتخاذ العقوبة بهذا الحجم، لافتاً إلى أنه «لا يجوز اتهام أي مؤسسة أو إعلامي، بتعابير من قبيل إثارة النعرات، وتشويه صورة المؤسسات، والتحريض على خطاب الكراهية، دون أدلة ووقائع ملموسة، وإلا فالاتهام يكون باطلاً»، لا سيما وأن القرار لم يصدر بحكمٍ قضائي؛ أو محكمة مختصة بجرائم الإعلام والنشر على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي.
وتساءل نمر عن الجهات التي تحدد القيم المعنوية للشعب: «هل هو روح القانون أم السياسة التحريرية للوسيلة الإعلامية، أم الانتقادات العشوائية من الشارع الموالي؟ وهل معاداة هذه القيم كافية لاتخاذ قرار السحب النهائي للرخصة من قبل دائرة الإعلام»، كجهة ناظمة لممارسة العمل الإعلامي في مناطق نفوذها، حسب مدير رصد الانتهاكات بالشبكة الكردية.
ووثقت الشبكة وقوع 36 انتهاكاً خلال العام الماضي 2021 في مناطق نفوذ الإدارة، أبرزها إغلاق مكتب قناة «كردستان 24»، في سابقة كانت الأولى من نوعها، إضافة لقرار إغلاق مكتب شبكة «رووداو» هذا العام. كما تعرض 11 حالة للاعتقال وخمس حالات احتجاز وتوقيف مؤقت، أما حالات الاعتداء وحجز المعدات والمنع من أداء المهمة الصحافية، فقد بلغت حسب إحصاءاتها 7 انتهاكات، وثلاث حالات خطف و5 حالات إلغاء رخصة عمل والتعدي على المكاتب. وتعرض 3 إعلاميين للتهديد واستهداف بالقتل، وحالة وحيدة لاستهداف الطواقم الصحافية.
من جانبه، دعا «الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي»، إلى توفير الحرية الكافية لوسائل الإعلام والإعلاميين لممارسة مهامها بعيداً عن أساليب التهديد والتضييق. وأشار في بيان رسمي إلى تصاعد وتيرة التضييق والانتهاكات خلال الآونة الأخيرة على الوسائل الإعلامية والإعلاميين: «في منطقة الإدارة، لا سيما ما حصل مع قناة (k.24) ومن بعدها قناة (رووداو) وملاحقة بعض الإعلاميين، بعيداً عن مبادئ حرية التعبير والرأي والصحافة التي اعتمدتها المنظمات الدولية».
أما «المجلس الوطني الكردي» المعارض، فأكد في بيان، تضامنه مع العاملين في مكتب قناة «رووداو» والإعلاميين الذين اعتقلوا مؤخراً، وطالب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بالتدخل لوضع حد لهذه الانتهاكات وإطلاق سراح جميع الإعلاميين وإفساح المجال أمام المؤسسات الإعلامية للعمل بحرية.
وقال المجلس في بيانه، «على مدى السنوات السابقة تعرض العديد من الصحافيين بشكل ممنهج ومتكرر، لانتهاكات جسيمة شملت الاعتداء والخطف والاعتقال والترهيب ومصادرة كاميراتهم ومعداتهم».
واتهم البيان «منظمة الشبيبة الثورية» والأجهزة الأمنية التابعة لحزب «الاتحاد الديمقراطي السوري»، أحد أبرز الجهات السياسية التي تدير مناطق الإدارة شمال شرقي سوريا، بالمسؤولية عن الانتهاكات. وختم البيان بأن «استهداف الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية في هذا الوقت، من قبل هذه الإدارة، يعد تصعيداً غير مبررٍ يهدف إلى كم الأفواه».


مقالات ذات صلة

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

رأى موقع «بوليتيكو» أن اتفاق وقف إطلاق النار «انتصار كبير للبيت الأبيض»، وقالت «نيويورك تايمز» إن بايدن يريد تذكّره بأنه وضع الشرق الأوسط على طريق تسوية دائمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.