احتجاجات في السويداء بعد قرار دمشق «رفع الدعم» عن مواد أساسية

حرق إطارات في السويداء (السويداء 24)
حرق إطارات في السويداء (السويداء 24)
TT

احتجاجات في السويداء بعد قرار دمشق «رفع الدعم» عن مواد أساسية

حرق إطارات في السويداء (السويداء 24)
حرق إطارات في السويداء (السويداء 24)

استأنف أهالي محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية اليوم (الأحد) مظاهرات بدأت الخميس، وقطعوا عدة طرق منها طريق دمشق - السويداء وغيره من الطرق الرئيسية، احتجاجاً على قرار دمشق رفع الدعم عن مواد تموينية ومحروقات.
وشهدت عدة قرى وبلدات من المحافظة خروج الأهالي بوقفات احتجاجية، شملت قرى وبلدات في الريف الشمالي والجنوبي من المحافظة، كما تجمع محتجون في ساحة السير في مركز مدينة السويداء، وسط نداءات وشعارات مناهضة للنظام السوري منها «السويداء إلنا وما هي لبيت الأسد»، مع انتشار أمني لقوات النظام السوري عند المراكز الحكومية وتحركات لقوات حفظ النظام في المنطقة، باعتبارها مركز المحافظة وتحوي العديد من المراكز الحكومية الخدمية والأفرع الأمنية وقريبة من بناء المحافظة وقيادة الشرطة. كما قطع المحتجون عدداً من الطرق والساحات الرئيسية وسط مدينة السويداء. على خلفية قرار النظام الأخير برفع الدعم عن آلاف العائلات السورية.
وأكد مدير تحرير «شبكة السويداء 24» ريان معروف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن أعداداً كبيرة من الأهالي في السويداء خرجوا صباح يوم الأحد بوقفة احتجاجية تطالب بالعيش الكريم، وقطع المحتجون عدداً من الطرق الرئيسية والفرعية، وفق نظام التحكيم المروري منها أوتوستراد دمشق - السويداء، وطريق نمرة - شهبا، وطريق شقا، ومجادل، والطريق الواصل من بلدة القريّا إلى مدينة السويداء، الأهالي يقطعون الطرقات الرئيسية بالإطارات المشتعلة، كما تجمع محتجون أمام مقام عين الزمان، وسط مدينة السويداء، ورفعوا لافتات وشعارات منها «من أهدر المال العام هم الفاسدون ليس المواطنين»... «لا شرقية ولا غربية بدنا سوريا من دون تبعية»... «كرامة مساواة عدالة»، وسط محاولات من بعض الوجهاء ورجال الدين في الطائفة للتفاوض مع المحتجين وفتح الطريق أمام حركة المارة.
وأضاف معروف أن الحركة الاحتجاجية في السويداء «انتقلت إلى ساحة السرايا الحكومي وارتفع سقف الشعارات ليشمل رموز السلطة، وقد حافظت على سلميتها وطابعها الأهلي». وبدأت مطالب المحتجين بالمعاناة من القرارات الجائرة الأخيرة التي فجرت غضب الشارع، مشيراً إلى أن «دعم المواطن بالمواد الغذائية والمحروقات من الأساسيات وليست إنجازات، وتعكس التحركات الاحتجاجية التي شهدتها السويداء حالة الاستياء الشعبي والغضب العارم من القرارات الحكومية المتتالية، وآخرها رفع الدعم عن فئات محددة. ولم تأخذ الاحتجاجات طابع التنظيم، بل كانت في معظمها ردود فعل عشوائية من الأهالي الفقراء للتعبير عن رفضهم لقرار رفع الدعم، وخصوصاً عن مادة الخبز واستمرار تدهور الأحوال الاقتصادية والأمنية في البلاد، وانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، والغلاء الفاحش الذي تشهده الأسواق بكافة مجالات الحياة».
وعبرت «حركة رجال الكرامة»، أكبر المجموعات المحلية المسلحة في السويداء والغير تابعة للنظام السوري عن موقفها مما يحصل في السويداء في بيان لها عقب احتجاجات يوم الخميس، مشيرة إلى أن «إصرار صناع القرار في سوريا على سن قرارات منفصلة عن الواقع تهدف لتهجير الشعب السوري أو إماتته جوعاً، وأن صناع القرار مارسوا خرقاً واضحاً لمواد الدستور وأبسط مبادئ العقل وقوانين العدالة بعد القرارات الأخيرة التي تمس أساسيات المعيشة اليومية لمعظم فئات الشعب السوري المنهك». وأضاف: «إن لمثل هذه القرارات آثاراً سلبية خطيرة تثير الريبة من خلال دأب الحكومات المتعاقبة على إصدارها منذ اندلاع الحرب في سوريا بحجة رفد الخزينة العامة للدولة بأموال أبناء الشعب من خلال رفع قيمة الضرائب والرسوم الجمركية الخيالية ورفع أسعار المحروقات بشكل متتالي وجنوني مع تردٍ كبير في كافة القطاعات الخدمية وتغاضٍ مقصود وتستر واضح على الفساد المستشري والمتعاظم في كافة مؤسسات الدولة. وأن حالة الاحتقان التي تمر بها البلاد تُنذر بتفجّر الأوضاع كنتيجة حتمية للسياسات التي تعمل ضد مصالح الشعب السوري».
بحسب ناشطين من السويداء، لم تتدخل قوة أمنية حتى الآن في الاحتجاجات الأخيرة، وتراقب الوضع عن كثب فقط، وتدخل ضابط من النظام السوري والتقى محتجين عند وصولهم قرب قيادة الشرطة في السويداء، وسأل المحتجين عن مطالبهم، ونادى المحتجون خلال وجود الضابط أن الاحتجاجات ليست ضدهم وأنهم لا يريدون الصدام العسكري مع النظام، وأن مطالب المحتجين معيشية.
وتلقت بعض الزعامات والشخصيات الدينية اتصالات من الحكومة في دمشق والسويداء، ووعود بترتيب وتحسين الأوضاع في السويداء، وعُقد خلال الأيام الماضية منذ بدء الاحتجاجات يوم الخميس الماضي اجتماع في بناء محافظة السويداء، قال خلاله المحافظ إن مطالب السويداء قد وصلت لدمشق، وتعهد ألا يشمل قرار رفع الدعم مادة الخبز. وأكد على دعم مواقف أهلي السويداء ورفعها للعاصمة دمشق المسؤولة عن القرارات. وموضحاً أن الاحتجاجات تؤكد للحكومة واللجنة الاقتصادية المعنية أن القرار ليس في مكانه وسيؤدي لاضطرابات في الشارع.
وتوعد المحتجون في السويداء استمرار تحركهم خلال الأيام القادمة حتى تراجع الحكومة عن قرارها الأخير. واعتبر ناشطون من السويداء أن الحكومة السورية قد تنجح باحتواء الموقف في السويداء، من خلال إعادة الدعم مؤقتاً لمادة الخبز، ولكن الشارع اليوم يدرك أن الحكومة لم يعد لديها إمكانيات لتقديمه للسكان، وكلها حلول مؤقتة.
وكانت قد شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا يوم الخميس الماضي 3 فبراير (شباط) 2022. احتجاجات شعبية بعد قرار الحكومة الأخيرة، استبعدت فيه العديد من الفئات في المجتمع من الدعم الحكومي، للمواد التموينية والمحروقات، وبعد تدخل وجهاء وشخصيات دينية وسياسية في المحافظة انفضت هذه الاحتجاجات، معلنين استئنافها يوم الأحد، إن لم تتراجع الحكومة عن قراراتها الأخيرة. رغم أن الحكومة بررت قرارها بأنه بهدف وصولها إلى الشرائح الأكثر حاجة في المجتمع وتوفيرها بشكل أكثر للمستحقين الفعليين.
وأغلق حينها محتجون في بلدة القريّا والغرية بريف السويداء الغربي منافذ بيع الخبز في الأفران. كما صادروا في بعض القرى من الأفران أجهزة حساب المستحقات بحسب نظام البطاقة الذكية، وطالبوا من القائمين على الأفران بتوزيع الخبز بالسعر والطريقة القديمة. كما أقدم مجهولون على اللقاء قنابل يدوية على مراكز خدمة المواطن المسؤولة عن إصدار بطاقات الدعم الحكومي «البطاقة الذكية» للمواطنين، في بلدية شقا، وعلى مركز خدمة المواطن في مدينة شهبا، وعلى الفرن الآلي في مدينة السويداء، واقتصرت الأضرار على الماديات.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».